لايختلف أثنان بأن الاعلام احد الاقطاب الرئيسية في ما يحدث من بناء ايدولوجية المجتمع ,على اعتبار أن للأعلام مهنية تتبنى الصدق والشفافية لنقل الحدث والعدد الهائل من المتابعين على اختلاف مستواياتهم العلمية ودرجة الوعي .ومع الكم الهائل للأخبار بدأ المتلقى لا يستوعب ما يحاك له بين السطور فيكرر ما يسمع دون ان يتاكد مصداقيته او تحليله لتأكيده او نفيه.وان ما يحدث خبر او صناعة للخبر.
ولكن ما نقصد بصناعة الخبر...
الكثير من المختصين تحدثو في هدا الموضوع واردت ان انقل لكم بعض من المعلومات للأستفادة.
"بدأت مسألة التغطية الإخبارية في التنامي من الغرب وتحديدا أمريكا بفضل انتشار وسائل الإعلام وأيضا حاجة النظام السياسي إلى أداة فعالة في توجيه الناس والسيطرة على خياراتهم بدون إشعارهم بذلك لتبقى أجواء الحرية والديموقراطية سائدة دون مساس على المستوى الظاهري.
ويتم ذلك من خلال عدة أساليب حددها وأبدع في شرحها هربرت شيللر في كتابه "المتلاعبون بالعقول"
أسطورة التعددية الإعلامية، والتي اعتبرها أحدى الأساطير المركزية في السيطرة على العقول وتضليل الوعي الشعبي، على اعتبار أن حرية الإختيار والتنوع أمران مرتبطان ببعضهما البعض ارتباطا بنيويا، فلا حرية للإختيار بدون تنوع، لكن ما يحدث حقيقة أن كل هذه الوسائل المتعددة تقدم نفس المادة الإخبارية أو الترفيهية من حيث الطبيعة والتوجهات والفارق يكمن بالتتبيلة فقط.
أسطورة الحياد ونقل الواقع كما هو، بالإضافة إلى تقنيات تشكيل الوعي وأبرزها:
1- التجزيئية: المتمثلة بنقل الأخبار والوقائع على شكل أحداث مستقلة وإشغال المتلقي بها بشكل آني، " الإنشغال التام باللحظة يدمر الروابط الضرورية بالماضي"
إن التجزيئية أو الحصر داخل بؤر، هو الشكل العام السائد – والوحيد في الواقع- لعملية توزيع المعلومات والأخبار، فأخبار المذياع والتلفزيون تتسم بالتكرار الآلي (آلية طلقات المدفع) لموضوعات كثيرة لا رابط بينها.
وتؤدي اللامبالاة الكاملة التي يتعامل بها الإعلان مع أي حدث سياسي، أو إجتماعي – بإصراره على إقحام نفسه عنوة وبغض النظر عن طبيعة الموضوع – إلى اختزال جميع الظواهر الإجتماعية إلى مجرد حوادث غريبة لا معنى لها.
وعلى هذا يقول باولو فرير: " إن إحدى السمات المميزة للعمل الثقافي القمعي، والتي لا يدركها المتخصصون والمخلصون والسذج وحتى المشاركون في النشاط الدائر في آن معا، هي التأكيد على النظرة التي تحصر المشكلات في بؤر Focalized View بدلا من رؤيتها بوصفها أبعادا لكلٍّ واحد."
2-- التغطية الفورية: ترتبط الفورية ارتباطا وثيقا بعملية التجزيء، بل وتشكل في الواقع عنصرا ضروريا من عناصر وجودها. ويساعد هذا الطابع الآني اللحظي على تزايد القوة التضليلية لأجهزة الإعلام. ذلك أن المادة الإعلامية سريعة الزوال، لا تخلف وراءها أي بنية باقية أو ثابتة، لذا فهي تعوض عن عملية الفهم.
ورغم ذلك تظل اللحظية أو الفورية –أي تسجيل الأحداث والتعليق عليها فور وقوعها- من أهم مبدئ الصحافة الأمريكية وأكثرها تبجيلا.
وينظر إلى تلك الأنظمة الإجتماعية التي لا تقدم الإعلام الفوري، على أنها متخلفة بصورة ميئوس منها ومفتقرة إلى الكفاءة أو على أنها فاشلة إجتماعيا – وتلك تهمة أكثر خطورة-.
إن عملية نشر المعلومات في الولايات المتحدة والمجتمعات الغربية الأخرى –انتقل هذا الأمر إلى وسائل الإعلام لدينا-، باستخدامها الإلكترونيات الحديثة وبانسياقها وراء دوافع التنافس، تجري ممارستها أغلب الوقت في جو من الضغط والتوتر.
فعند وقوع أزمة فعلية أو حتى كاذبة، ينشأ جو هستيري، محموم بعيد تماما عن المعقولية. ويؤدي الإحساس الزائف بالطابع الملح للأزمة المترتب على الإصرار على فورية المتابعة، يؤدي إلى النفخ في أهمية الموضوع، ومن ثم تكون الخطوة التالية إفراغه من أي أهمية.
ونتيجة لذلك تضعف القدرة على التمييز بين الدرجات المتباينة للأهمية. فالإعلان متلاحق السرعة عن تحطم طائرة، وعن هجوم في العراق، وعن جريمة إختلاس محلية، وعن إضراب ما، وعن موجة الحر الشديدة، يتحدى أي حكم وتقويم.
وفي وضع كهذا يتم التخلي عن عملية الفرز العقلي التي تساعد عادة على بلورة المعنى، ويتحول العقل إلى غربال تصب من خلاله يوميا عشرات التصريحات والإعلانات أقلها مهم وأكثرها لا أهمية له، وبدلا من أن يساعد الإعلام على تركيز الإدراك وبلورة المعنى، نجده يسفر عن الإقرار الضمني بعدم القدرة على التعامل مع موجات الأحداث المتلاحقة التي تظل تطرق بإلحاح وعي المرء، فيتعين عليه – دفاعا عن النفس – أن يخفض باستمرار الدرجة التي تبدأ معها حساسيته.
مما يؤدي إلى تكريس السلبية لدى المتلقي كهدف نهائي لمجمل النشاط الإعلامي وتقنياته السابقة، بعبارة أخرى، الهدف الأساسي لبرامج التلفزيون الإذاعة والسينما في المجتماعات التجارية الإستهلاكية ليس إثارة الإهتمام بالحقائق الإجتماعية، والإقتصادية بل تحجيم هذا الإهتمام وتخفيف حدته."
وسأنقل لكم العديد من التفاصيل والمعلومات الاكثر دقة...تقبلوا احترامي.