عدد المساهمات : 1013ت التسجيل : 18/09/2012 نقاط : 2671 السٌّمعَة : 0
موضوع: إمام الصابرين الجمعة أكتوبر 26, 2012 9:11 pm
الحمدُ للهِ حمدَ الشاكرين .. والصلاةُ والسلامُ على إمامِ المُتَقين .. وحبيبِ ربِّ العالمين ... يقولُ الله تباركَ وتعالى
" قُل ياعِبادِ الذينَ ءامنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ وأرضُ الله واسعةٌ إنمّا يُوفّى الصّابِرونَ أجرهُم بغيرِ حِساب "
سورة الزمر/10
قُدوتُنا محمّد صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه الذي علّم وأمر وأوذي وصبر . فهوَ الذي صبر وتحمّل الأذى الشديد في سبيل نشر هذا الدّين العظيم .
فعندما مات عمه أبو طالب نالت قُريش من المصطفى صلى الله عليه وسلّم ما لم تكن تنالُه ولا تطمعُ فيه حتى اعترضهُ سفيهٌ من سفهاء قريش فنثر على رأسهِ تُراباً فدَخَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بيته والتراب على رأسه فقامت إحدى بناته فجعلت تغسلُ عنهُ التُراب وهي تبكي وعيناها تذرفُ الدموع ورسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول لها : " لا تبكي يا بُنيّةُ فإنّ الله مانعٌ أباكِ " أي حافظٌ أباكِ.
ويخرجُ صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ومعهُ زيد بن الحارث فقط يلتمِسُ النُصرة وأقامَ فيها عشرة أيام فما تركَ أحدًا من أشرافهم إلا اجتمعَ به فلم يجيبوه وسلّطوا سفهاءهم وصبيانِهِم عليه فقعدوا لهُ بالطريقِ صفّين يضرِبونهُ بالحِجارة في رِجليهِ حتى أدموهُما ..
ضُربَ رسول الله ... ضُرب صلى الله عليه وسلم بالحِجارة حتى نزل الدم من قدميه وزيدٌ يقيه بنفسه حتى شُجَّ في رأسه ثمّ جلس صلى الله عليه وسلّم يقول : " اللهم إليكَ أشكو ضعفَ قُوّتي وقلّةَ حيلتي وهواني على الناس يا أرحمَ الراحمينَ أنتَ ربُّ المُستضعفين ... " إلى أن قال صلى الله عليه وسلّم " إن لم يكن بكَ غضبٌ علي فلا أبالي " الحديث . فأرسلَ الله إليه جبريل ومعهُ ملكُ الجِبال فقال : " إن شئتَ أطبقتُ عليهم الأخشبين _ أي جبلي مكة _ فقال: "لا بل أرجو أن يُخرجَ الله من أصلابهم من يعبد الله "
ولمّا مات ولده ابراهيم جعلت عيناهُ تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنتَ يا رسول الله ؟ فقال : " يا ابن عوف إنها رحمة " ثمّ أتبعها بدمعة أخرة وقال : " إنّ العينَ تدمعُ والقلبَ يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربُّنا وإنَّا بفراقك ياإبراهيم لمحزونون " رواهُ البخاري.
وعن أسامة بن زيد قال : " أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلّم إليه أنَّ ابنًا لي نفسُهُ تقعقعُ فائتنا . فأرسل يقرأ السلام ويقول : " إنّ لله ما أخذ ولهُ ما أعطى وكُلُّ شيءٍ عندهُ بأجلٍ مسمّى فلتصبر ولتحتسب "
فأرسلت إليهِ تُقسم عليه ليأتينها فقام صلى الله عليه وسلّم ومعهُ سعد بن عبادة ومُعاذ ابنُ جبل واُبيُّ بن كعبٍ وزيد بن ثابتٍ ورجال فَرُفِعَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الصبيُّ ونفسُهُ تضرب وتتحرك ففاضت عيناه صلى الله عليه وسلّم فقال سعد : يا رسول الله ماهذا ؟ فقال : " هذه رحمةٌ جعلها الله في قلوب عباده الرحماء "
إخوة الإيمان فليكن قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلّم إمام الصابرين فإذا ابتليت بمصيبةٍ أو حلّت بكَ نكبة أو فاجعة فكن صابراً محتسباً ولا تفتر عن ذكر الله وقل حسبي الله لا إله إلاّ هو عليهِ توكلت وهو ربّ العرشِ العظيم . وإيّاكَ ثمّ إيّاك أن تعترض على حكم الله وقضائه وقدره فإنّ لله ماأعطى وللهِ ماأخذ ولا تتسخّط على الله تعالى فإنّك تعيش في مِلكِ الله وتأكل من رزقِ الله تبارك وتعالى .
اللهم إنّا نسألك أن تجعلنا من الصابرين القانتين وأن تُثبّتنا على الرِضى بحكمك وقضائك ونسألك أن ترحمنا وتغفر لنا وتتوفانا على كامل الإيمان يا رحيم يا رحمن