سميراميس هي ملكة آشورية 800 ق.م. واسمها سيمورامات ومعناه الحمامة.
الأسطوره
تحكي الاسطورة انه انسابت سيول عارمة ذات يوم على منابع نهر الفرات ففاض النهر، وتدفقت مياهه، وخرجت الاسماك تستلقي على الشاطئ، وكانت بين تلك الاسماك سمكتان كبيرتان حيث سبحت السمكتان إلى وسط النهر وبدأتا بدفع بيضة كبيرة طافية على السطح إلى ضفة الفرات، واذ بحمامة بيضاء كبيرة تهبط من السماء وتحتضن البيضة بعيدا عن مجرى النهر.
ورقدت الحمامة على «البيضة» حتى فقست، ومن داخل البيضة خرجت طفلة رائعة الجمال من حولها أسراب من الحمام ترف بعضها عليها بأجنحتها لترد عنها حر النهار وبرد الليل.
ثم بدأت الحمائم تبحث عن غذاء للطفلة، فاهتدت إلى مكان يضع فيه الرعاة ما يصنعون من جبن، وحليب، فتأخذ الحمائم منها بمقدار ما تحمل مناقيرها، لتقدمه للطفلة التي عاشت مع حمائمها سعيدة لا تعرف أبداً طعم الشقاء.
وقد تنبه الرعاة إلى جبنهم المنقور وحليبهم المنقوص، فقرروا ترك أحدهم ليراقب المكان وشهد الراعي الحمائم وهي تحط حول الجبن وتلتقط قطعه الصغيرة، وتملأ مناقيرها بالحليب وتطير به إلى مكان ليس ببعيد، فأخبر الراعي رفاقه فتبعوا الحمائم حتى وصلوا إلى حيث صبية ذات جمال رائع، فأخذوها إلى خيامهم، واتفقوا على أن يبيعوها في سوق «نينوى» العظيم. وفي صبيحة ذات يوم حملوا الفتاة وقد اطلقوا عليها اسم «(سميراميس)»، إلى سوق نينوى. واتفق أن كان ذلك اليوم يوم موسم للزواج الذي يقام كل عام، حيث تجتمع في السوق الكبير جموع الشبان والشابات قادمة من كل نواحي المملكة، لينتقي كل شاب عروساً شابة، أو ينتقي صبية يحملها إلى داره فيربيها إلى أن تبلغ سن الزواج فيتزوجها أو يقدمها عروساً لأحد ابنائه. كانت ساحة سوق «نينوى» تغص بالشيوخ «الكهول والشبان». دخل الرعاة بالصبية الصغيرة الحسناء إلى حيث يعرضونها للبيع. جلس الرعاة مع الصبية في أول الصف، فشاهدهم «سيما» ناظر مرابط خيول الملك، وكان عقيماً لا ولد له فهفا قلبله إلى «(سميراميس)» ورغب في تبنيها.
ودعا «يما» الرعاة وساومهم على ثمنها، وعندما تمت الصفقة، عاد بها إلى منزله. ما أن رأت زوجته هذه الصبية ذات الجمال الرائع حتى فرحت فرحاً غامراً واعتنت بها عنايتها بابنتها، وظلت ترعاها حتى كبرت واستدارت وبرزت أنوثتها كأجمل ما تكون النساء!
و في يوم ما كان اونس مستشار للملك، يتفقد الجمهور المحتشد بأمر من الملك واذا بعينه تقع على (سميراميس) وهي الآن في عمر مناسب للزواج، فيصعق مذهولا من جمالها وبراءتها. قام باخذها معه إلى نينوى و تزوجها هناك، و صار لهما طفلين ربما توأمين هما (هيفاتة) و(هيداسغة). يبدوا انهما كانوا سعداء، اما (سميراميس) فكانت فائقة الذكاء حيث كانت تقدم لزوجها النصح والمشورة في الامور الخطيرة فأصبح ناجحا في كل مساعيه. اثناء ذلك كان ملك نينوى ينضم حملة عسكرية ضد الجارة باكتريا، فأعد جيشا ضخما لهذا الغرض لانه كان يدرك صعوبة الاستيلاء عليها. بعد الهجوم الاول استطاع ان يسيطر على البلد برمته ما عدا العاصمة باكترا التي صمدت. شعرالملك بالحاجة إلى اونس و لذا ارسل في طلبه، لكن اونس لا يريد مفارقة زوجته الحبيبة فسألها ان كانت ترغب في مرافقته، ففعلت.
هناك بعد ان تابعت (سميراميس) سير المعارك و درستها بعناية و ضعت العديد من الملاحظات عن الطريقة التي يدار بها الحصار. فبما ال القتال كان يجري في السهل فقط وان كل من المدافعين والمهاجمين لم يعروا القلعة اهمية، طلبت (سميراميس) إرسال مجموعة من الجنود المدربين على القتال في الجبال، إلى المرتفع الشاهق الذي كان يحمي الموقع. ففعلوا ذلك ملتفين حول خاصرة العدوالمدافع وهكذا وجد الاعداء انفسهم محاصرين و لا خيار لهم سوى الاستسلام.
في ثنايا هذه الاحداث صار الملك (نينوس) شديد الاعجاب ب(سميراميس) لما ابدته من شجاعة ومهارة لحسم المعركة. منذ اللحظة اخذ الملك يتمعن في وجهها الساحر و جمالها المدهش، فادرك ان قلبه غير قادر على مقاومة سحرها، و لذا طلب منها ان تكون زوجته وملكته. ثم عرض على اونس ان يأخذ ابنته بدلا عنها، الا ان اونس رفض ذلك. مما حدا بالملك ان يهدده بقلع عينيه ، وتحت وطأة الخوف واليأس استسلم اونس لمطلب الملك، عير انه انهى حياته بعد فترة وجيزة من زواجها من الملك. هكذا افلح نينوس بالزواج من (سميراميس) و صار لهم طفلا اسمياه (نيناس). بعد موت الملك اعتلت العرش كملكة لنينوى عاصمة بلاد النهرين.
حسب الاسطورة الرائجة، قد دام حكمها 42 عاما، لكن الواقع انها كانت تحكم سوية مع زوجها الملك، فقط السنوات الخمس الاخيرة حكمت بمفردها بعد وفاة زوجها. و قد بدأت حكمها ببناء ضريح فخم في نينوى تمجيدا لزوجها الملك(نينوس).
الأصل التاريخي للأسطوره
مو الواضح ان معظم هذه الانجازات قد نسبتها خطأ الاسطورة إلى (سميراميس)، فليس هي التي بنيت بابل ، ثم ان الملك العراقي( نبوخذنصر) هوالذي اشاد هذه الحدائق تلبية لرغبة زوجته الميدية.
يبدوان اسم (سميراميس) هوالتحرف الاغريقي للاسم العراقي (سمورامات) وهي ملكة حقيقية مقدسة، وهي ام الملك الآشوري (اداد – نيناري الثالث) الذي حكم بين ( 810- 783 قبل الميلاد) و زوجة الملك شمشي – اداد الخامس ، حكم بين ( 823 – 811 قبل الميلاد)، و هوبدوره ابن شلمنصر الثالث و قد حكم بين ( 859 – 824 قبل الميلاد) ، و قد تميز حكمها بالغلاظة خاصة بين 810- 805 قبل الميلاد.
من المؤكد ان هذه الحكاية الاسطورية مقتبسة من شخصية حقيقية هي الملكة العراقية(سمورات). بعد ذلك بقرون طويلة حرف الاغريق هذا الاسم إلى ((سميراميس)). وهي اصلها من منطقة بابل، وتزوجت من ملك (نينوى)(شمسو حدد الخامس) ( 823-811 ق.م). بعد ان توفى زوجها لم يكن يبلغ ابنها ولي العهد (حدد نيراني) (811-783ق م) سن الرشد، فاستلمت زوجته(سمير امات) المملكة والحكم
وأصبحت وصية على عرش ولدها لمدة 5 سنوات حتى بلغ سن الرشد. صحيح انها استلمت الحكم رسميا لفترة خمسة سنوات، الا انها كانت تشارك بالحكم منذ ايام زوجها
... يتبع ...