ومن خصائص ختم فجر السلاسلات الثاني أن يتبع الفنان القواعد الخاصة بالعمل وذلك بجعل جميع ما هو منقوش على الختم في ارتفاع واحد، لقد وصلت المواضيع التي تجسد المعارك مع الحيوانات المفترسة إلى منتهى الواقعية في التكوين للموضوع الخاص بكلكامش البطل الأسطوري الذي يصارع الثيران تارة ويصارع الأسود تارة أخرى، إن مواضيع الدفاع عن غلات الماشية يساهم فيها الرجال بشكل مستمر لأن الحيوانات الشرسة هي في صراع دائم مع الرجال وكثرة المداهمات لحيواناتهم، ولكن لا بد من رجل قوي يقهر هذه الحيوانات القوية ولا يوجد أمامهم غير البطل كلكامش يستنجدون به، فقد صور في الختم عارياً، أن هذا البطل القوي الذي أرتسمت على وجهه علامات الغضب ذو الشعر الكثيف واللحية العريضة، أنه مصمم بأن يصرع الاسد ويخلص القطيع من شرورة، لقد جسد فئات بلاد الرافدين الحركة بشكل فريد وملأ سطح الختم بالتكوينات وأدرك معنى التوازن فيه، ثم جسد تفاصيل جسم كلكامش وعضلاته المفتولة في ساعديه ورجليه. وكذلك أكد الفنان على كف الاسد ومخالبه البارزة والمهيئة للأنقضاض على كلكامش، لكن كلكامش ممسكاً بالأسد من ظهره مسكه مميته بحيث يستطيع لي جسده وكسر عمودة الفقري.
إن فن صناعة الأختام الاسطوانية وصل الى أوج تقدمه في العصور السومرية والأكدية، ما يعكس أن هذا الفن المطروح للاستهلاك كحاجة ماسة للأفراد هو رافد كبير من روافد الفن السومري ويقول (أدوار كبيرا) في كتابه (كتبوا على الطين): «وقد أبدى فنانو هذه الأزمان القديمة مزيداً من البراعة والتفنن في حفر تلك الأختام الأسطوانية، ونجد في بعضها أعمالاً فنية دقيقة وصفية لأنواع المناظر كافة».
إن المعلومات القيمة التي حصل عليها علماء الآثار من الأختام الأسطوانية هي بلا شك فتح كبير لهم لمعرفة اسماء الملوك واسماء المدن والمعابد والوثائق التجارية، وتبقى سومر مصدر إشعاع للعالم القديم الذي تعلم من شعب بلاد الرافدين كل شيء.
وهذه مجموعة من الصور