الوصف الحالي للمكان
أعلى المغارة على سفح الجبل يوجد بقعة من الصخر يختلف لون حجارتها عن باقي حجارة الجبل وهي تقريباً بلون وردي قيل أنها أثار دم هابيل . أما داخل المغارة فيوجد فم الجبل الذي فُتح من هول الحادثة ( كما قيل ) وقد مُثلت فيه تفاصيل الفم بدقة من حيث وجود اللسان والأضراس , وفي المغارة أيضاً قطعة صخر يقال أنها جزء من الحجر الذي استعمله القاتل في جريمته وعليها أثار الدم . وفي داخل المغارة أيضاً يوجد محرابان أحدهما لإبراهيم عليه السلام والآخر لالخضر عليه السلام. ومن سقف المغارة تزل قطرات من الماء بشكل مستمر - يقال أنها دمع الجبل على مقتل هابيل - وتتجمع القطرات - وهي ناتجة عن المياه الجوفية - في جرنين صغيرين موضوعين تحتهما , وإلى جانبها في سقف المغارة يوجد أثار كف يقال أنها أثار كف جبريل عليه السلام وقد بقيت في الجبل بعد أن منعه من السقوط , وليس بعيداً منها يتشكل في السقف لفظ الجلالة كلمة الله .
وفي صدر مغارة الدم شقُّ صخري تفوح منه روائح المسك والعنبر وهو الشق الذي أحدثه الله تعالى لييسّر خروج الأنبياء منه كما يقال. أنشئ على المغارة مسجد صغير الحجم منذ ما يزيد ستة قرون وأعيد تجديده وترميمه عدة مرات كما ورد في اللوحات التي تؤرخ ذلك وموجودة ضمن حرم المسجد, وإلى جانب المبنى خزان قديم للماء يملأ تلقائياً عند هطول الأمطار. الطريق إلى مغارة الدم وعر يتخلله بقايا درج أنشئ في عهود سابقة ويستغرق تقريباً ساعة من الزمن صعوداً ابتداءً من جامع الشيخ عبد الغني النابلسي بمنطقة ركن الدين بدمشق .
يقال أن الدعاء في مغارة الدم مستجاب وقيل أن المغارة صلى فيها إبراهيم و موسى و عيسى و لوط و أيوب عليهم السلام, وقد أورد المؤرخون الكثير من القصص حول استجابة الدعاء في المغارة ومنزلتها المباركة, وقد أوردت المصادر التاريخية أن الكثير من العلماء دفنوا في محيطها.
يحرص أهالي تلك المناطق القريبة على زيارة هذا المقام كل يوم جمعة, ويضاف إليهم الزوار الذين يأتون للمقام من دول أخرى ومناطق بعيدة إضافة لمراسلي محطات التلفزة أحياناً. وزوار المكان على أنواع, فمنهم من يأتي للدعاء ومنهم من يأتي بقصد التبارك بالمكان, وآخرون يأتون بقصد الاستشفاء بالماء المبارك الذي هو دمع الجبل, ولكل مطلبه وغرضه.
القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ
صدق الله العظيم المائدة 27-31 .
وصف مغارة الدم / مقام الأربعين في الروايات التاريخية
أورد هنا ما ذكره بعض الرحالة ممن زاروا دمشق في القرون الماضية وذكروا مشاهدتهم لمغارة الدم.
[عدل]أبو حامد الغرناطي يصف المكان في زيارته لدمشق عام 1160م تقريبا ً
فيقول : ( ولما دخلت دمشق رأيت عند باب يعرف بباب الفراديس جبلاً مشرفاً عالياً , وعليه آثار دم هابيل بن آدم عليه السلام ظاهراً , وهو دم كثير لا يخفى على من يراه أنه دم ).
[عدل]ابن جبير الأندلسي حوالي عام 1183م :
( و بجبل قاسيون أيضاً لجهة الغرب , على مقدار ميل أو أزيد من المولد المبارك , مغارة تعرف بمغارة الدم , لأن فوقها في الجبل دم هابيل قتيل أخيه قابيل ابني آدم , صلى الله عليه وسلم , يتصل من نحو نصفا الجبل إلى المغارة , و قد أبقى الله منه في الجبال آثاراً حمراً في الحجارة تحك فتستحيل , و هي كالطريق في الجبل , و تنقطع عند المغارة , و ليس يوجد في النصف الأعلى من المغارة آثار تشبهها , فكان يقال : إنها لون حجارة الجبل , و إنما هي من الموضع الذي جر منه القاتل أخيه حيث قتله حتى انتهى إلى المغارة , و هي من آيات الله تعالى , و عليها مسجد قد أتقن بناؤه , و تصعد إليه على أدراج ).
[عدل]الرحالة ابن بطوطة المغربي خلال زيارته لدمشق عام 1324م :
( مغارة الدم وفوقها بالجبل دم هابيل ابن آدم عليه السلام , و قد أبقى الله منه في الحجارة أثراً محمراً , و هو الموضع الذي قتله أخوه به و اجتره إلى المغارة و عليها مسجد متقن البناء يصعد إليه على درج ).
[عدل]ابن طولون المتوفى عام 1532 م :
( و أما مغارة الدم التي في أعلى الجبل فتشمل على مكان لطيف شريف , عليه الهيبة و الوقار , و الدعاء عنده مستجاب و تسمى الآن بمغارة الأربعين ) .
في النهاية مهما تكن حقيقة الأمور و القصص تبقى هذه المغارة آية من آيات الله التي لا تحصى ليس لنا إلا الوقوف أمامها خاشعين من قدرة الله في تكوين الحجر و البشر