عدد المساهمات : 1013ت التسجيل : 18/09/2012 نقاط : 2671 السٌّمعَة : 0
موضوع: التدين.. حقيقته وعلاماته الجمعة نوفمبر 02, 2012 1:33 pm
التدين مصطلح يذكره الكثير فيقال فلان متدين أو فلانة متدينة ، فماذا تعني هذه الكلمة التي قد يطلقها البعض عندما يرى تديناً ظاهراً في المظهر دون أن يدرك شيئاً عن المخبر ، أو علم شيئاً عن المخبر دون أن يلتزم بالمظهر .
ولذا أحببت أن أضع صورة للمتدين المتوازن في نفسه والمثالي مع زوجه وأهله ، والمنتج المتعاون في عمله ، وطبيب قلوب في علاج أمراض مجتمعه ، لعلها تساهم في وضوح معنى التدين فيكون مظهرنا ومخبرنا معاً ترجمة حقيقية لهذا المعنى الجميل " التـديـن" .
أولا: شخص متوازن في نفسه:
أول صفة للشاب المتدين بحق هي التوازن، ففي الجانب الروحي تراه رقيق الروح، شفاف النفس، صافي القلب ، دائم التطهير لنفسه من أمراض النفس: كالغل والحسد ، مستعيناً بالعبادات لتحقيق ذلك ، فهو مابين صلاة ودعاء ، واستغفار وقنوت وإنابة وتفكر في الآخرة .
مثقف الفكر:
وفى الجانب العقلي تراه مثقفا يأخذ بجانب العلم ، بمفهومة الشامل ، وإن تخصص أدرك أن فرض الكفاية على المجتمع أصبح فرض عين عليه يعرف مبادئ العلوم ، وإطار السياسة العامة التي يسير عليها مجتمعه ، منفتح على تخريج ثقافات العالم يعرف غثها وثمينها ، وما يأخذ منها وما يذر .
قوي الجسم:
وفى الجانب الجسدي يأكل من الطيبات كما أراد القرآن الكريم (كلوا من طيبات ما رزقناكم) ويبادر إلى العلاج مع أول بوادر المرض ويتريض باستمرار ، تطبيقاً للحديث الشريف "المؤمن القوي خير وأحب
إلى الله من المؤمن الضعيف" .
متين الخلق:
وفى الجانب الأخلاقي تراه متميزا في سلوكه بالأمانة والصدق ، والتواضع والعزة والحياء ، يقابل السيئة بالحسنة ، يعدل في الرضا والغضب ، مقتصد غير مسرف ، لا يعرف الكآبة وطول العبوس في وجوه الناس ، ليس فظاً غليظا ، ولا محباً للشذوذ والمخالفة ، بل يحب الألفة والموافقة ، وصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الذي قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
حسن التقدير للأمور:
ومن التوازن أن يقدر الأمور حق قدرها ، فيصغر عنده كل أمر صغير ، ويعظم كل أمر عظيم ، فلا يعطي للشكل اهتماماً فوق الجوهر ، ولا يعطي للجلباب أو اللحية اهتماماً أكبر من فلسطين والعراق وأفغانستان والسودان والصومال وما يحدث في العالم ، لا يهتم بهيئات الصلاة على حساب الخشوع والخضوع .
ثانيا : زوج مثالي:
والشاب المتدين في بيته ، وسط أهله وأسرته ، يعرف حق والديه ولو كانا مشركين كما جاء في القرآن الكريم " وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً " وهو مع زوجته ، زوج مثالي ، يستقطع من وقته لأسرته.
وهو خير الناس لأهله ، يحنو على زوجته ، ويكرم نزلها ، ويعفو عن أخطائها ، يتجمل لها كما تتجمل له ، ويتقي الله فيها ، ولا ينسى فضلها ، لا يظلمها إن أساءت ولا يدعها كالمعلقة لكراهية أو عبادة أو صوم ، أو جلباً لمال من بلد آخر دون داع ، ولا يترفع عن ممارسة بعض أعمال المنزل مع أسرته ، إن أمكن ذلك فقد كان –صلى الله عليه وسلم- في حاجة أهله ، يخصف نعله ، ويرقع ثوبه.
الأب المتدين:
والأب المتدين مع أولاده يلاعبهم صغاراً ، ويؤدبهم أشبالاً ، ويؤاخيهم شباباً ، يمنحهم من عاطفته ، كما يمنحهم من ماله ، وينفق قدر سعته عليهم ، وينأى عن النزاع مع زوجته أمامهم ، ويحذر من سوء الحديث إليهم ، ويربيهم على مكارم الأخلاق ، ومحاسن العادات ، والاعتماد على النفس ، والقدرة على مواجهه المواقف ، والايجابية تجاه الواقع.
والحرص على أداء الحقوق والواجبات ، مع البعد عن الابتذال والإسراف والخلاعة والميوعة ، وتضييع الوقت فيما لا ينفع وهذا الزوج والأب المثالي ينطبق عليه حديث الرسول–صلى الله عليه وسلم-: "خيركم .. خيركم لأهله" .
ثالثا: منتج ومتعاون في عمله:
والمسلم المتدين يتهيأ لعمله ، كما يتهيأ لصلاته ، فيرى في عمله عبادة كصلاته وصومه ، يبدأ عمله في موعده ، حتى لو لم يتابعه أحد ، لأن الله يراقبه ، ويقوم بعمله بهمة ونشاط ، ويبعد عن الروتين والبيروقراطية ، فلا يقتصر على أداء ما يطلب ، بل يقترح ويبتكر ويتفوق ، وعلاقته مع زملائه أبعد ما تكون عن الوشاية ، والحقد والحسد والغل والكذب ، ولا يعرف الاحتكار أو الجشع ، أو الغش والخداع.
أو الرشوة إن كان تاجراً أو رجل أعمال ، فالغاية عنده لا تبرر الوسيلة أما إذا كان موظفاً ، فيقوم على أداء حوائج الجمهور بطيب خاطر ولا يعطلهم ، يبتسم في وجوههم ، فقد أخبرنا الرسول الكريم أن تبسمك في وجه أخيك صدقة ، وهو لا ينافق المسئول أو رئيسه ، ولا يبارك أخطاءه ، ولا يزكي سوء الخلق ، بل ينصح في أدب جم ، ويقاوم التسلط والتجبر على نفسه أو على زملائه.