$$في معنى الحب وتعريفه وحالاته ودلالاته$$
يتضمن الحب العديد من أنواع المشاعر والأحاسيس والدوافع، والتي تعمل مجتمعة على تشكيل وعي محدد، وحالة ينجذب فيها الإنسان إزاء موضوع ما، وفي أغلب الأحيان يكون من الجنس الآخر.
تحتوي كلمة (حب) على معاني الغرام واللهفة و(انشغال البال).. وكثيراً ما تم تشبيه الحب بـ (الداء) أو العلة، وذهب البعض بتشبيه الحب بـ (بذور النبات)، وذلك لأنه بذرة تنمو وتترعرع وتنتج الأشياء.
في معنى وتعريف الحب:
ظل تعريف الحب يخضع لحوار متشعب كثير التعقيدات، ففي الاستخدام العادي يشير المصطلح إلى علاقة بينية شخصية، أو تجربة الارتباط العميق بين شخصين، أو ربما بين الشخص وذاته (كما في حالة النرجسية: Narcissism).
وتميل القواميس والموسوعات إلى تعريف الحب باعتباره انطباع أو إعجاب عميق، ومن حيث الدلالة الاصطلاحية المتداولة فإن كلمة حب تنطوي على الغيرية، الأنانية، الصداقة، الاتحاد، الأسرة، والارتباط بالآخر.
يقول العرب بأن المحبة أصلها من الصفاء، وذلك لأن العرب كانت تقول في صفاء بياض الأسنان ونضارتها: (حبب الأسنان)، كذلك قيل: إن الصفاء مأخوذ من الحباب، وهو ما يعلو الماء عند هطول المطر الشديد، ومن ثم فإن غليان القلب وثورته واضطرامه وهيجانه عند لقاء المحبوب يشبه الحباب عند سقوط المطر الشديد.
كذلك تقول العرب بأن كلمة الحب مشتقة من الثبات والالتزام، ويبدو ذلك واضحاً في قول أحبّ (الجمل) إذا برك ولم يقم، وحالة البروك وعدم القيام دلالة على أن المحب لزم قلبه محبوبه.
وتقول العرب أيضاً: إن كلمة حب مأخوذة من جمع حُبه، وهي لباب الشيء وأصله، لأن القلب أصل كيان الإنسان ولبّه، وإضافة إلى ذلك بالقلب مستودع الحب ومكمنه.
أما أشهى تعريفات الحب عند العرب، فيقول: الحب هو الميل الدائم بالقلب الهائم وإيثار المحبوب على جميع المصحوب، وموافقة الحبيب حضوراً وغياباً، وإيثار ما يريده المحبوب على ماعداه، والطواعية الكاملة، والذكر الدائم وعدم السلوان. بما يجسد القول: (خيالك في عيني، وذكراك في فمي، ونجواك في قلبي، فأين تغيب).
وضعت العرب أسماء كثيرة للحب، منها: المحبة، الهوى، الصبوة، الشغف، الوجد، العشق، النجوى، الشوق، الوصب، الاستكانة، الود، الخلة، الغرام، الهيام، والتعبد.
أما الهوى، فهو ميل النفس، وفعله (هوى، يهوى)، وتستخدم هوى، يهوي للسقوط، لذلك يقول البعض: إن كلمة هوى تستخدم في الحب المذموم، ويدللون على ذلك بقوله تعالى {وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. فإن الجنة هي المأوى}.
وجهات النظر العلمية:
تاريخياً ظل التعامل مع مصطلح الحب يتم عن طريق الفلسفة والدين، بحيث كانت الفلسفة تتعامل مع مصطلح الحب على أساس إنساني عقلي أكثر انفتاحاً إزاء التفاعل الإنساني. أما الدين فكان يتعامل مع مصطلح الحب على أساس الشروط الإلهية المقدسة التي تحكم الارتباط بين الأشخاص.
وبتطور العلوم، حاول البعض أن يقدم تفسيراً علمياً للحب، ومن أبرز هذه المحاولات:
- التفسير البيولوجي للحب: النموذج البيولوجي ينظر إلى الحب باعتباره حاجة بيولوجية تأخذ صورتها القصوى عند الكائنات الحيوانية (المنتمية إلى فصيلة الثدييات، التي تتكاثر والذي يخضع بالضرورة إلى شروط الرغبة والميل واشتهاء الآخر.. وينظر أصحاب هذا التفسير إلى أن الحب مثله تطابق حالة الجوع والعطش والغذاء.)
وبناء على ذلك، قام العالم فيشر المختص في مجال الحب، بتقسيم تجربة الحب إلى مراحل ومنها متداخلة، هي:
الانجذاب والافتتان.
الالتحاق والارتباط.
- التفسير السيكولوجي للحب: يفسر علم النفس الحب باعتباره ظاهرة إدراكية اجتماعية، وفي هذا الاتجاه قام عالم النفس روبرت شتيرنبيرغ بوضع نظرية مثلث الحب، وقال: إن للحب مراحل ومنها مكونات مختلفة، هي:
التقارب والحميمية: ويتضمن هذا الجانب قيام شخصيين بتقاسم أسرارهما وتفاصيل حياتهما الشخصية.
العاطفة والغرام: ويتضمن هذا الجانب الرغبة والاشتهاء القوي للطرف الآخر، بشكل ينطوي على قدر كبير من حماسة وقوة المشاعر.
وعموماً نقل ما قالته العرب بأن الحب أصله (الهيام)، والهيام هو داء يصيب الإبل، فتهيم وترعىـ والهيم (بكسر الهاء) هي الإبل العطاش، وكان العاشق المستهام استبد به العطش إلى محبوبه، فهام على وجهه لا يأكل ولا يشرب ولا ينام –على طريقة نجوى كرم: لا عيني بتنام ولا قلبي بينام.. واللي بيوقع في الغرام... إلى آخر القصة- وهي حالة تنعكس على الكيان النفسي والعصبي، فيصبح الإنسان كالمجنون، أو الذي كاد أن يجن.
(((تقبلو تحياتي وتقديري لكم)))