يسىء بعض الناس فهم قضية المساواة بين الرجل والمرأة, فى حين أن هذه المساواة تظلم المرأة بأكثر مما تظلم الرجل.. فالفرق بين الرجل والمرأة واضح على عدة مستويات, ليس فحسب من الناحية البيولوجية.. ولكن حتى فى طريقة التفكير, وفى قوة كل منهما.
فقوة الرجل فى يده وعضلاته المفتولة - إن وجدت - ولكن قوة المرأة تنبع من عقلها.. بل من قلبها فى الأغلب, فالرجل يستطيع بقوته الجسمانية أن يتغلب على مصاعب الحياة بالعمل والكفاح من أجل معيشة كريمة, لكنه لا يستطيع أن يحيا وحده بدون وجود شريكة لحياته تشاركه همومه قبل أفراحه, فى حين أن المرأة وإن لم تستطع العمل بيدها فى بعض المجالات إلا أنها تستطيع أن تحيا وحدها فى الحياة مستغنية عن وجود الرجل فى حياتها, وربما كان ذلك نابعا من تكوينها الفسيولوجى.
ولنضرب مثالا وإن كان جريئا بعض الشىء, فالرجل عادا إذا ما رأى امرأة جميلة - إذا لم يكن غاضا لبصره - أثارته وتمناها لنفسه وأشتهاها, وهذا على عكس المرأة التى إذا رأت رجلا وأعجبها لا تتمناه لنفسها ولا تشتهيه إلا إذا أمتلك قلبها بحب يحتويها, وفى القرآن الكريم تلميح لهذا من خلال قصة نبينا يوسف عليه السلام الذى لم يكن كسائر الرجال فى الانصياع لغرائزه فى مواجهة مغريات زوجة العزيز, فى حين كانت هى على عكس سائر النساء التى تطلب الفوز بالرجل الذى وقعت فى هواه.
وهذا هو ما يجعل للمرأة قوة فى مواجهة الرجل على اختيار شريك الحياة, فالرجل ربما تدفعه غريزته للاختيار المتسرع, ولكن المرأة اختيارها يكون دقيقا, ونابعا من عقلها المتصل صلة دقيقة جدا بقلبها ومشاعرها وأحاسيسها.
ولنتأمل موقف آخر فى حياتنا نستطيع أن نستخلص منه أمورا أخرى.. فإذا كان أمامنا زوجين كل منهم يعمل خارج المنزل, فهل نستطيع الحكم على قوتهم معا؟ بالطبع نستطيع القول بكل ثقة أن المرأة هى صاحبة القوة الأكبر, فالرجل إذا ما رجع إلى منزله خلد إلى النوم للراحة حتى وإن كان هناك من المهام الضرورية التى يتوجب عليه القيام بها, وذلك على عكس المرأة العاملة التى حينما تعود إلى بيتها, ومهما كان بها من إرهاق فإن لها من الأولويات ما يجعلها فى قمة نشاطها, فتقوم بإعادة ترتيب البيت, والسؤال على الأولاد, وإعداد مائدة الطعام.. إلى آخر مهام المنزل التقليدية, ثم تنتقل إلى مهام أخرى مثل مساعدة الأبناء فى استذكار دروسهم المدرسية, كل ذلك والرجل يخلد للراحة بالنوم, أو يشاهد التليفزيون.
لكن المدهش أن المرأة حينما تفعل كل ذلك لا تفعله من باب الإجبار, ولكنها تفعله وهى ممتلئة بالسعادة لأنها تستطيع إدخال البهجة على أسرتها التى هى ملكتها المتوجة فى الحقيقة, وفى هذا كل القوة.. قوة التحمل.. وقوة الصبر.. التى لا يستطيعها أى رجل.
وعلى مستوى العلاقات الحميمية بين الرجل والمرأة, نجد أيضا أن المرأة تتفوق على الرجل, فالرجل بطبعه ملول.. وغير قادر على إظهار مشاعر الحب, ومهما كان فى قلبه من حب عظيم فإنه لا يكاد يستطيع إظهار هذا الحب, وإذا تحدث عن مشاعر الحب كانت كلماته مقتضبة, ويترك أفعاله هى التى تتحدث عن حبه هذا, فى حين أن المرأة هى كتلة من مشاعر الحب والود, تتوقد كل لحظة لإسعاد من تحب, وتريد أن تعيش فى جو الحب فى كل لحظة, لأنه بالنسبة لها وقود الحياة وزادها الذى بدونه تستحيل الحياة.
فهل هناك بعد ذلك من مقارنة بين الرجل والمرأة؟ أو دعوة للمساواة؟
المرأة بطبيعتها لا تحتاج للمساواة, لأنها هى الأقوى.. أقوى بصبرها.. أقوى بتحملها.. أقوى بحبها الذى تمنحه لكل من حولها.