أيُّها اللّيلُ
يا ليلَ العشّاقِ والشّعراءِ والمنشدين !
يا ليلَ الأشباح والأرواح والأخيلة !
يا ليل الشَّوق والصّبابة والتّذكار !
أنا مثلُكَ أيُّها اللّيل ، وهل يحسبني الناس مفاخِراً إذا ما تشبَّهْتُ بك ، وهم إذا تفاخروا يتشبَّهون بالنَهار ؟
أنا مثلُكَ وكلانا مُتَّهَمٌ بما ليس فيه .
أنا مثلُكَ بميولي وأحلامي وخُلقي وأخلاقي .
أنا مثلُكَ وإنْ لم يتوّجْنى المساء بغيومه الذّهبيَّة .
أنا مثلُكَ وإنْ لم يرصَّعْ الصّباحُ أذيالي بأشعتِّه الورديّة .
أنا مثلُكَ وإنْ لم أكُن مُمَنْطقاً بالمجرّة .
أنا ليلٌ مسترسِلٌ منبسِطٌ هادئٌ مضطّربٌ ،
وليس لظلمتي بَدْءٌ وليس لأعماقي نهاية فإذا ما انتصبتِ الأرواحُ متباهيةً بنور أفراحِها، تتعالى روحي مُتجمِّدةً بظلامِ كآبتها .
أنا مثلُكَ أيُّها الليل ، ولن يأتيّ صباحي حتى ينتهيّ أَجَلي .
جبران خليل جبران