شعر لايعترف بقانون
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 50758410
شعر لايعترف بقانون
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 50758410
شعر لايعترف بقانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
لو رحلتُ عنكِ فثقي أنهُ بعضُ ماصنعتهُ يداكِ لاتُعاتبيني على ماصنعتهُ يدي فقط حاسبي يداكِ عدنان عضيبات شاعر المرأه

منتدى شعـــــــر لايعتــــــرف بقانون يُرحــــــــب بزوارهِ وأعضاءهُ الكِرام بِحله وفُستانٍ جديد بكم نلتقــــــي لنرتقـــــي الإداره

قريبـــــاً

 

 الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: تراث الإيمان بقيم الكون والحياة   الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:13 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Trath-aleman-bkam-al-kon-o-alhat

لا يكاد المتأمِّل في التراث العربي الإسلامي يحاول ارتياد مجاهل واقتحام شيء من معاقله حتى يهوله هذا الأوقيانوس المهيب.
كان الإسلام حدث الأحداث في تاريخ الجزيرة العربية وحياتها. فقد تلقّى العرب إيمانهم الجديد فكانوا له مهيّئين، لذا أنشأوا وجهة نظر خاصّة بهم ومقبولة في كل معايير العقل والمنطق: كوّنوا وجهة نظرهم في ما يخصّ الإيمان والإنسان والكون والحياة والمصير والمعاد والمآل.
آمنوا بالتوجيه القرآني بأن ما من شيء وجد عبثاً، وإنّما كل شيء مخلوق بقدر. ومن كلام للجاحظ، يعدّ في أعلى مراتب البلاغة والحكمة، حيث يقول: "إنّ المصلحة، في أمر ابتداء الدنيا إلى انقضاء مدتها، امتزاج الخير بالشر، والضار بالنافع، والمكروه بالسار، والضعة بالرفعة، والكثرة بالقلة. ولو كان الشر صرفاً هلك الخلق، أو كان الخير محضاً سقطت المحنة، وتقطعت أسباب الفكرة. ومع عدم الفكرة يكون عدم الحكمة. ومتى ذهب التخيير ذهب التمييز، ولم يكن للعالِم تثبُّت وتوقُّف وتعلُّم. ولم يكن علم. ولا يعرف باب التدبير، ودفع المضرة، ولا اجتلاب المنفعة، ولا صبر على مكروه، ولا شكر على محبوب، ولا تفضال في بيان، ولا تنافس في درجة، وبطلت فرحة الظفر، وعز الغلبة، ولم يكن على ظهرها محق يجد عز الحق، ومبطل يجد ذل الباطل، وموفق يجد بَرد التوفيق، وشاك يجد نقص الحيرة وكرب الوجوم، ولم تكن للنفوس آمال ولم تتشعبها الأطماع.. فسبحان مَن جعل منافعها نعمة ومضارها ترجع إلى أعظم المنافع.. وجعل في الجميع تمام المصحلة وباجتماعها تمام النعمة".
والإنسان مقياس كل شيء ومعياره على حد قول بروتاجوراس (430 قبل الميلاد). العرب المسلمون أدركوا هذا بفطرتهم وذكائهم وطبّقوه علماً وعملاً وتمّ لهم ذلك أكثر بوازع من دينهم الجديد. أدركوا أنّ الإنسان إنّما هو في واقع وجوده امتداد خارج حدود ذاته ليتدبّر عظمة هذا الكون وأعظم منه عظمة خالقه: "فالكون بغير الإنسان ليس سوى كتلة موات من المادة والحركة لا تعني في ذاتها شيئاً على الإطلاق. فهو ليس خيراً ولا شرّاً، ولا صواباً ولا خطأً، ولا حقاً ولا باطلاً، لا جميلاً ولا قبيحاً، وليس مؤذياً ولا ناقصاً، ولا قديماً ولا حداثاً، ولا تافهاً ولا رائعاً، ولا موضوعاً لمدح ولا موضوعاً لذم، بل ليس موجوداً وليس غير موجود.. بالفكر، بالإنسان، باحتياجات الناس وعلائقهم، بمصالحهم وآمالهم وآلامهم، بمباهجهم ومآسيهم، برصاناتهم ومهازلهم، بأمانيهم وحسراتهم، بحقائقهم وأوهامهم وسخافاتهم وأساطيرهم.. صارت هذه الكتلة من المادة والحركة جميلة أو قبيحة، مفيدة أو ضارّة، منتظمة أو مختلّة، معقولة أو سخيفة، حادثة أو قديمة، مقبولة أو مرذولة.. وهناك من الأحكام على هذه الكتلة بقدر ما هنالك من مفكرين وفلاسفة وعلماء وأدباء وشعراء فيهم المتفائل والمتشائم، والمؤمن والملحد، والقائل بالنظام والتدبير والمنكر لكل نظام وتدبير، والمتشيِّع للمعقول، والمتحمِّس لغير المعقول. وكل حزب بما لديهم فرحون! وهكذا اختلفت الأحكام والأنظار وتباينت وجوه الرأي والإجتهاد. كلٌّ يعمل على شاكلته.. ليست المسألة هي مسألة كون وكفى، وإنّما المسألة هي مسألة كون هو مسرح للإنسان ومجال للإنسان وتحقيق أغراض الإنسان. إنّها مسألة إنسان يبحث عن امتداد له خارج ذات الإنسان لتحقيق معنى الإنسان. فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" (محمد عبدالرحمن مرحبا، الفكر العربي في مخاضه الكبير، منشورات عويدات، بيروت، 1982، ص224-225).
إنّ نظرة العرب المسلمين إلى آفاق حياتهم الجديدة نظرة تفاوتت فيها أحكامهم. لكن كان هناك قدر مشترك لدى الجميع أخذهم الإعجاب به والسبك على منواله، لذا جاء تراثهم حافلاً بروح القرآن إيماناً، وأدباً، وعلماً، وتربية.
فالبحث المقارن بين المحسنات اللفظية في الأدب العربي والمحسنات البديعية في القرآن، ينتهي إلى استغلاق معاني المحسنات اللفظية في الأدب العربي أحياناً عندما تراد لذاتها: "أمّا ما ورد في القرآن مما نعدّه محسنات بديعية، فقد وردت الألفاظ التي كان بها هذا الحسن البديعي في مكانها، يتطلبها المعنى، ولا يغنى غيرها غناءها.
خذ ما ورد في القرآن الكريم من الجناس التام، كقوله تعالى: (... يَكَادُ سَنَا بِرقِهِ يَذهَبُ بِالأبصَارِ * يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيلَ والنَّهارَ إنّ في ذلكَ لَعِبرَةً لأُولِي الأبصار)، تجد كلمة الأبصار الأولى مستقرة في مكانها فهي جمع بصر، ويراد به نور العين الذي تميز بين الأشياء وكلمة الأبصار الثانية جمع بصر بمعنى العين، ولكن كلمة الأبصار هنا أدل على المعنى المراد من كلمة العيون، كما أنّها تدل على ما منحته العين من وظيفة الإبصار، وهي التي بها الموعظة والإعتبار، فأنت ذا ترى أنّ أداء المعنى كاملاً، تطلب إيراد هذه الكلمة، حتى إذا وردت رأينا هذا التناسق اللفظي.
واقرأ قوله تعالى: (ويَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقسِمُ المُجرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيرَ ساعَةٍ...) فكلمة (الساعة) الأولى جيء بها دالة على يوم القيامة، واختير لذلك اليوم هذا الإسم هنا، للدلالة على معنى المفاجأة والسرعة، وكلمة (ساعة) الثانية تُعبِّر أدق تعبير عن شعور هؤلاء المجرمين، فهم لا يحسبون أنّهم قضوا في حياتهم الدنيا برهة قصيرة الأمد جداً، حتى يُعبِّروا عنها ببرهة أو دقيقة مثلاً، ولا بفترة طويلة، يعبِّرون عنها بيوم مثلاً، فكانت كلمة (ساعة) خير معُبِّر عن شعورهم بهذا الوقت الوجيز.
وما ورد في القرآن من جناس ناقص، فسبيله سبيل الجناس التام، وانظر إلى قوله تعالى: (وَهُمْ يَنهَونَ عضنهُ ويَنأَونَ عَنهُ وإنْ يُهلِكُونَ إلا أنفُسَهُم وَما يَشعُرُون)، ألا ترى أنّ موقف الكفار من القرآن، أنّهم يبعدون الناس عنه، كما يبعدون أنفسهم عنه، فعبَّر القرآن عن ذلك بكلمتين متقاربتين ليشعر قربهما بقرب معنييهما.
ويطول بي القول إذا أنا مضيت في بيان كيف حلّت كل كلمة في جمل الجناس محلها، بحيث لا تغني كلمة أخرى في هذا الموضع غناءها، وحسبي أن أشير إلى تلك الآيات، التي ورد فيها ما كون بعض ألوان من الجناس، مثل قوله تعالى: (فأمّا اليَتِيمَ فَلا تَقهَر * وأمّا السَّائِلَ فَلا تَنهَر)، وقوله تعالى: (وُجُوهٌ يَومَئِذٍ ناضِرَةٌ * إلى رَبِّها ناظِرَة)، وقوله: (والتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إلى رَبِّكَ يَومَئِذٍ المَسَاقُ)، وقوله سبحانه: (ولَقَد أرسَلنا فِيهِم مُنذِرِين * فَانظُر كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المُنذِرِين).
فأنت ترى النهي عن القهر جاء إلى جانب اليتيم، بمعنى الغلبة عليه والإستيلاء على ماله. وأمّا السائل، فقد نهى عن نهره وإذلاله، فكلا الكلمتين جاء في موضعه الدقيق، كما وردت كلما ناظرة وناضرة أي مشرقة، وإشراقها من نظرها إلى ربّها، وقد توازنت الكلمتان في جملتيهما، لما بينهما من صلة السبب بالمسبب. واختيار كلمة المساق في الآية الثانية لتصور هذه الرحلة التي ينتقل فيها المرء من الدنيا إلى الآخرة، فكأنّه سوق مسافر ينتهي به السفر إلى الله. وفي كلمة المنذرين ما يشير إلى الربط بينهم وبين المنذرين الذين أرسلوا إليهم.
وقل مثل ذلك في قوله تعالى: (وَيلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَة)، فإنّ شدّة التشابه بين الكلمتين يوحي بالقرابة بينهما، ممّا يجعل إحداهما مؤكدة للأخرى فالهمزة المغتاب، واللمزة الغياب، فالصلة بينهما وثقى، كالصلة بين الفرح والمرح في قوله تعالى: (ذلِكُم بِمَا كُنتُم تَفرَحُونَ في الأرضِ بِغَيرِ الحَقِّ وبِما كُنتُم تَمرَحُون).
وإيثار كلمة النبأ في قوله سبحانه: (... وجِتُكَ مِن سَبَأ بِنَبَأ يَقِين) لما فيها من معنى القوة، لأن هذه المادة تدلّ على الإرتفاع والنتوء والبروز والظهور، فناسب مجيئها هنا، ووصف النبأ تأكيداً لقوته باليقين.
ويعدون من أنواع البديع المشاكلة، ويعنون بها ذكر الشيء بغير لفظه، لوقوعه في صحبته، ويمثلون لذلك بقوله تعالى: (وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثلُها...)، قالوا: فالجزاء عن السيِّئة في الحقيقة غير سيِّئة، والأصل وجزاء سيِّئة عقوبة مثلها. وبقوله تعالى: (ومَكَرُوا ومَكَرَ اللهُ واللهُ خَيرُ المَاكِرِين)، والأصل أخذهم بمكرهم. وبقوله تعالى: (... فَمَنِ اعتَدَى عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ ما اعتَدَى عَلَيكُم...)، قالوا: والمراد فعاقبوه، فعدل عن هذا، لأجل المشاكلة اللفظية. ولكنني أرى القرآن أجل من أن يُسمِّي الشيء بغير اسمه لمجرّد وقوعه في صحبته، بل أرى هذا التعبير يحمل معنى، وجيء به ليوحي إلى القارئ بما لا يستطيع أن يوحي به ولا أن يدل عليه ما قالوا إنّه الأصل المعدول عنه، فتسمية جزاء السيِّئة سيِّئة، لأنّ العمل في نفسه سوء، وهو يوحي بأن مقابلة الشر بالشر، وإن كانت مباحة، سيِّئة يجدر بالإنسان الكامل أن يترفّع عنها، وكأنّه بذلك يشير إلى أنّ العفو أفضل وأولى، وعلى هذا النسق تماماً ورد قوله: (... فَمَنِ اعتَدَى عَلَيكُم فَاعتَدُوا عَلَيهِ بِمِثلِ مَا اعتَدَى عَلَيكُم...). وأمّا مكر الله، فإن يفعل بهم كما يفعل الماكر، يمدّهم في طغيانهم يعمهون، ثمّ يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
وعدوا من ألوان البديع الإستثناء، ومثلوا له بقوله تعالى: (... فَلَبِثَ فِيهِم ألفَ سَنَةٍ إلا خَمسِينَ عَاماً...). وفي هذا التعبير، فضلاً عن إيجازه، إيحاء بطول المدّة، وتهويل للأمر على السامعين، وفي ذلك تمهيد العذر لنوح في الدُّعاء على قومه، وذلك لأن أوّل ما يطرق السمع ذكر الألف، فتشعر بطول مدّته، وتتصوّر جهاد نوح في ذلك الزمن المديد، ولن يقلِّل الإستثناء من شأن هذا التصور، ولا يتحقق هذا الإحسان إذا بدأت بغير الألف.
وما ورد في القرآن من طباق بالجمع بين المتضادين، كانت الكلمة فيه مستقرة في مكانها تمام الإستقرار، سواء كان التضاد لفظاً أو معنى، حقيقة أو مجازاً، إيجاباً أو سلباً، كقوله تعالى: (وَمَا يَستَوِي الأعمَى والبَصِيرُ * وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّور)، فأنت تراه يعقد الموازنة بين هذين الضدّين ولا مفرّ من الجمع بينهما في الجملة لعقد هذه الموازنة التي تبيِّن عدم استوائهما، كقوله تعالى: (وأنّهُ هُوَ أضحَكَ وأبكَى * وأنّهُ هُوَ أماتَ وأحيَا)، وقوله سبحانه: (وتَحسَبُهُم أيقَاظاً وَهُم رُقُود...).
ومن الطباق السلبي، قوله تعالى: (... قُل هَل يَستَوِي الذينَ يَعلَمُونَ والذينَ لا يَعلَمُون...)، وقوله: (... فَلا تَخشَوا النّاسَ وَاخشَونِ...). ومن الطباق المعنوي قوله تعالى: (... إنْ أنتُم إلا تَكذِبُونَ * قالوا رَبُّنا يَعلَمُ إنّا إليكُم لَمُرسَلثون) أي إنّا لصادقون، فإنّ الرسول يجب أن يكون صادقاً.
ومن ألوان البديع العكس بأن يُقدِّم في الكلام جزء، ويؤخِّر آخر، ثمّ يقدِّم المؤخر ويقدِّم لمقدم، وجمال العكس في أنّه يربط بين أمرين، ويعقد بينهما أوثق الصلات أو أشد ألوان النفور، تجد ذلك في قوله سبحانه: (... يُولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارَ في اللَّيل...)، وقوله تعالى: (يُخرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ...)، وقوله سبحانه: (... هُنَّ لِبَاسٌ لَكُم وأنتُم لِباسٌ لَهُنَّ...)، وقوله تعالى: (... لا هُنَّ حِلٌّ لَهُم وَلا هُم يَحِلُّونَ لَهُنَّ...)، وقوله تعالى: (... ما عَلَيكَ مِن حِسابِهِم مِن شَيءٍ وَما مِن حِسابِكَ عَلَيهِم مِن شَيءٍ...).
ومن أجمل أنواعه، ائتلاف المعنى مع المعنى بذكر الأمور المتناسبة بعضها إلى جانب بعض، كقوله سبحانه: (قالَ إنّما أشكُو بَثِّي وحُزنِي إلى اللهِ...)، وقد يخفى في بعض الأحيان وجه الجمع بين المعنيين، كما في قوله سبحانه: (إنّ لَكَ ألاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعرَى * وأنّكَ لا تَظمَأُ فِيهَا وَلا تَضحَى)، فقد يبدو أنّ الوجه الجمع بين الجوع والظمأ، والعري والضحاء، ولكن التأمُّل الهادئ يدل على أنّ الجوع والعري يُسبِّبان الشعور بالبرد فجمعا معاً، والظمأ والضحاء يُسبِّبان الشعور بالحر، إذ الأوّل يبعث التهاب الجوف، والثاني يلهب الجلد، فناسب ذلك الجمع بينهما.
هذا ولست أرمي هنا إلى حصر ما عثر عليه العلماء من ألوان البديع في القرآن، فقد تكفّل بذلك غيري، وأفرد ابن أبي الإصبع لذلك كتاباً عدَّد فيه هذه الألوان ومثَّل لها، وذكر من ذلك أكثر من مائة نوع، وكل ما قصدت إليه هو بيان أن ما نشعر به من جمال لفظي حيناً ومعنوي حيناً آخر، لم يأتِ إلا من أنّ اللفظة القرآنية قد استدعاها المعنى، ولم يكن ثمة لفظة أخرى تغني غناءها، فلمّا استقرّت في مكانها زاد بها الكلام إشراقاً، والمعنى وضوحاً وجلاء" (أحمد أحمد بدوي، من بلاغة القرآن، دار النهضة بمصر، القاهرة، 1977، ص181-186. وينظر أيضاً: الدكتور مصطفى عبده، الدين والإبداع، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1999، الطبعة الثانية).
اجتهد العرب المسلمون في أُمور دينهم ودنياهم. اجتهدوا فقهاً، وأدباً ولغةً، وتصوفاً، وفلسفةً، وحكمةً، وعلماً؛ بيد أنّ اجتهادهم ذاك لم يكن ليبلغ بهم مبلغ الشنآن، ولم يكن ليخرجهم عن اتزان جوهر الإيمان. فما اشتطوا عمّا أرادهم دينهم الحنيف أن يكونوا عليه من تآخٍ في الله وتصافٍ في الإنسانية جمعاء.
وإذا كانت نشبت بينهم حينذاك خلافات في الإجتهاد تخصّ المسائل الفقهية أو العلمية أو الدنيوية، فإنّما كانت خلافات مردّها إلى قيمة بعض الآراء التي يجب أن تخضع لقواعد المقررات الإسلامية.
كان يتعلّم بعضهم من بعض، ويأخذ بعضهم من بعض بروح سماحة الإسلام، لذا سمت أخلاقهم ونمت إبداعاتهم، وخلد تراثهم.
فما أحوجنا اليوم إلى التمثل بسجاياهم تلك!
ويا ليتنا نشبّث بتراثهم وعلمهم لنسهم بشيء من إبداع تجديد الحياة!
* * *
إنّ الناس في عصرنا هذا فتنتهم الحياة وضروراتها العاجلة، وتعلّقوا بها تعلّقاً سدّ عليهم منافذ النظر إلى شيء آخر أسمى وأخلد. وليس في هذا ما يدهش، فإنّ الله أخبرنا في كتابه أنّه هكذا خلق الناس، وأنّ امتحانهم لإحراز الكمال أساسه تهذيب هذه الطبيعة وامتلاك زمامها، لا الإستسلام والإنقياد لأهوائها: "زين الناس حبّ الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب".
لكن الذي يروع في عالم اليوم أنّ العقل البشري تقدّم تقدماً ساحراً في الميدان العلمي والصناعي، تقدماً أثار في الإنسان الزهو والغرور..
وفي الوقت الذي ظفر فيه العقل، وطوى المراحل الشاسعة، بقيت الخصائص الإنسانية الأخرى جامدة كما كانت في بدء الخليقة.
فالحقد القاتل في قلب ابن آدم نحو أخيه الطيب بقي كما هو مشتعل الأثرة غبي الوجهة.
أمّا الجهل القديم بطريقة مواراة الجثة، فقد تحوّل إلى ذكاء وخبرة..
واليوم استطاعت الإنسانية أن تسخر أعظم ثمرات الإرتقاء العلمي لبلوغ أخس نزعاتها.
ألا ليت الإنسان ارتقى قلباً وعقلاً، وليته رنا بطرفه إلى السماء، كما ملك قياد الأرض؟
إنّه بدلاً من ذلك مضى في طريقه يعبد الحياة الدنيا وحدها ويجهل أو يجحد ماوراءها، ويتطاول على خالقه، ويظن نفسه إلهاً يخطو على التراب...".
ويتمثّل الغزالي بقول (ألكسيس كاريل): "فلأوّل مرّة في التاريخ أصبحت الإنسانية، بمساعدة العلم، سيِّدة مصيرها.. ولكن هل سنصبح قادرين على استخدام هذه المعرفة لمصلحتنا الحقيقية؟ يجب أن يعيد الإنسان صياغة نفسه حتى يستطيع التقدّم ثانية.. ولكنه لا يستطيع صياغة نفسه من غير أن يتعذّب.. لأنّه الرخام والنحات في وقت واحد.
ولكي يكشف عن وجهه الحقيقي يجب عليه أن يُحطِّم مادته بضربات عنيفة من مطرقته. ولكن الإنسان لن يستسلم لمثل هذه المعاملة، أللهمّ إلا إذا دفعته الضرورة لذلك دفعاً.. ذلك لأنّه مادام محاطاً بأسباب الرفاهية والجمال ومعجزات (الميكانيكا) التي أوجدتها (التكنولوجيا) فسيبقى عبد نفسه، ومن ثمّ فإنّه لن يدرك كم هي عاجلة وملحّة تلك العملية.. إنّه يفشل في إدراك أنّه ينحل، بل إنّه يتساءل: لماذا يجب عليه أن يجاهد لتعديل وسائل حياته وتفكيره؟".
فالإنسان بطبعه متأثر ومؤثر، فهو في عملية دائبة لا تقف عند حد عندما يستحصد العزم ويكتمل الوعي الذاتي، وبعدما يستكمل مستلزماته من اللغة والعلم ويستجلي ما يرمي إليه من أهداف يتوخّاها في الحياة.
فالعرب المسلمون استوعبوا فضائل دينهم فاستشعروا الثقة في وجودهم، وآنسوا اليقين في نفوسهم، فتأهّبوا لتحمّل مسؤولياتهم الجديدة، فنهضوا بأعبائهم العتيدة، لذا لهم الصعائب دانت، ولإراداتهم استكانت.
إنّ كل ما في تراث الإسلام، وتراث الإنسانية مجتمعة، من بصائر تنادينا لإستخلاص العِبَر، واستجلاء الخبر، من أجل إسعاد أنفسنا، وإسعاد غيرنا، كما فعل أولئك العظام الذين خلّدوا لنا وللإنسان أينما كان، ثروة فكرية وحضارية لا تقدَّر بكنوز.
لكن السؤال الملحاح: ماذا نحتاج الآن؟
"إنّنا نحتاج إلى علم تدرَّس فيه طرق تحويل الحقائق الدينية النظرية إلى خلق لازم، وعمل دائم، وأسلوب في الحياة معروف الهدف، منسوق الخطوات.
ولن نستغني عن الإحاطة بخبرات الآخرين، وكيف قاوموا الشهوات؟ وأزاحوا العوائق؟ وكيف طبّقوا ما تعلّموا على الواقع؟ وكيف نجحوا في الوصول إلى ما يريدون؟
إنّ الجيوش تحوّلت علومها النظرية إلى مناورات حيّة حتى تستكمل ثقافتها العسكرية. وأنّ المدرِّسين يتدرّبون على القيام بمهنتهم تحت إشراف يعالج القصور ويداوي الأخطاء، قبل أن يباشروا تعليم تلامذتهم في شتى المعاهد.
والمقصود من هذا كلّه نقل المرء من تفكير خيالي إلى تفكير واقعي..
ومن الآفات الملحوظة في ميدان التديُّن أن تقترن العبادة بالجهل، أو بنقص المعرفة وضيق الأفق..
وهذا الفريق من العباد القاصرين تنتشر بينه البدع والخرافات، ويتسم غالباً بالإخلاص الطائش والحماسة الرعناء..
وربّما كان أنقى قلباً وأسلم عقبى! لكن الأُميّة لا يصلح بها دين ولا ينجح بها شعب.
علاج هؤلاء مزيد من المعرفة، وتفتيق الذهن، وتوسيع منادح النظر.
أمّا الآفة التي أزرت بالدين وأهله من قديم، فهي أن يكون المرء على حظ حسن من الدراسات النظرية، وأن يكون مستوعباً لنصوص وقضايا دينية كثيرة، جيِّد الشرح لها، والإبانة عنها.. حتى إذا محص بالتكليف الشاق أو المعاملة الجادة تكشف عن إنسان آخر لا فقه له ولا وعي عنده، فهو كما قال المعري:
سبِّح، وصلِّ، وطف بمكة زائراً سبعين، لا سبعاً، فلست بناسك
جهل الديانة من إذا عرضت له.. أهواؤه لم يلف بالمتماسك!..
وللمرحوم أحمد أمين وصف كاشف لهذه الآفة، وقيمة أصحابها، وكيف يخلصون منها، كتبه من ربع قرن، وكأنّما كتبه الآن، يقول: "من عجيب الأمر أن كل شيء في الوجود يعمل وفق طبيعته، ويوافق بين ظاهره وباطنه، وتصدر أعماله منسجمة مع خلقته، ويعبِّر دائماً عن جبلته، سواء في ذلك الجماد والنبات والحيوان، إلا الإنسان، فإنّه هو الذي يستطيع أن يخدع، وأن يظهر على غير طبيعته، وأن يقول غير ما يعتقد، وأن يفعل غير ما يقول.
الحجر والحديد والرصاص كل منها يُعبِّر عن طبيعته، وهو يُعبِّر عنها دائماً في صدق.
وأشجار الورد والتفاح والحنظل تُعبِّر عن طبيعتها في صدق دائماً، وتنتج ثمارها من جنس طبيعتها دائماً، ولا تخرج شجرة التفاح حنظلاً يوماً ما.
والفرس والجمل والبقر تعبِّر عن طبيعتها في صدق دائماً، فإذا أبدت رغبة في الأكل أو الشبع، أو نحو ذلك، فهذا حق لا مرية فيه.
أمّا الإنسان، فلا يعبِّر عن حقيقته دائماً، فقد يعبِّر عن جوعه وهو متخم، وعن حبّه وهو كاره، وعن إخلاصه وهو يخفي الإجرام، وعن حبّه للشيوعية والإشتراكية وهو رأسمالي جشع.
فكل شيء هو نفسه إلا الإنسان، فكثيراً ما يكون غير نفسه، حتى قال كاتب ظريف: "إنّ اللغة لم تُخترع للتعبير عن النفس، ولكن لإخفاء ما في النفس، والتمويه على الناس حتى لا يدركوا حقيقة ما في النفس".
"... وممّا يؤسف له أنّ الإنسان كلما كان أذكى وأمهر وألبق كان أبعد عن أن يعبِّر عن نفسه، وعن أن يكون هو نفسه، وكلما كان أقرب إلى الغفلة والسذاجة كان أقرب إلى أن يكون هو نفسه وأن يعبِّر عما في نفسه.
ليست قيمة الإنسان فيما يصل إليه من حقائق وما يهتدي إليه من أفكار سامية، ولكن في أن تكون الأفكار السامية هي نفسها، وهي عمله، وهي حياته الخارجية كما أنّها حياته الداخلية.
فقد يكون الإنسان فيلسوفاً كبيراً وهو – في الوقت عينه – نذل خسيس حقير، كالذي روى لنا عن (بيكون) الفيلسوف الإنجليزي الكبير.
وقد يحدِّثك الرجل عن أضرار الخمر والقمار، فيمتعك بحديثه ويصف لك ذلك أجمل وصف وأدقّه وهو، مع ذلك، سكير مقامر، لأنّه في أفكاره غيره في أعماله، وبعبارة أخرى هو لا يحقِّق نفسه ولا يعبِّر عن نفسه.
فالفكر بلا عمل مناقشات بيزنطية، أو بحوث جامعية، أو العاب بهلوانية، إنّما قوة الفكر وأحقيتها بتحويلها إلى عمل ووضعها موضع التجربة.
وإذا اعتقدها الإنسان، فمعناه أن يعمل بها، وإذا دعا إليها، فمعناه أنّه جرّبها في نفسه بنفسه فوجدها صالحة، وما عدا ذلك فشقشقة ألفاظ، وملء مجالس، وإظهار تظرف، ومباهاة بالقوة العقلية، أو القدرة الجدلية، ومقدمة بلا نتيجة!!
كيف نحوِّل الفكر إلى عمل؟ وكيف نمنع الفكر من أن يتبخّر؟ وكيف لا نفكِّر إلا إذا ضمّنا العمل بما نفكِّر؟
إنّ الفكرة ميتة ما لم يحيها العمل.. خيال ما لم يحقِّقها العمل.. ولا عبرة بصحّة الفكرة أو خطئها إذا ظلّت في عالم التفكير المجرد، بل إنّ الفكرة إذا احتوت على خطأ أظهره العمل، خير من الفكرة التي يثبت صحّتها المنطق ولا تتحوّل إلى عمل".
"هذه هي الحقيقة التي نريد تقريرها، ولا أحسب أحداً يخالف في ضرورتها..
ترى أتكون هذه هي الحقيقة التي أكثر في الحديث عنها المتصوّفون؟ إنّ ذلك يحتاج إلى شرح مستفيض.
على أيّة حال، يجب أن تتضافر الجهود لدفع المسلمين إلى هذه السبيل، سبيل العمل الذي يملأ القلب، ويزحم الحياة".
عندما نقرأ تراثنا، ونستقري ماضينا، ندرك للتو أنّ ما بناه مهندسو التراث والحضارة العربية الإسلامية لا ينبغي أبداً أن ينتهي بها المآل لتكون:
كدود القزّ ينسج ثمّ يفنى بمركز نفسه في الإنعكاس
أولئك الذين تمخّضت قرائحهم الفذّة عمّا وصلنا من تراث أفكارهم، كانوا قوماً آمنوا بجسامة مسؤولياتهم الجديدة، فحلبوا الدهرّ أشطرَه، واستوفوا من العلم أوفره.
آمن أولئك الروّاد العظام أنّ الإيمان والعلم خير في ذاتيهما. آمنوا أنّ الإيمان والعلم للحكمة منجيان (... ومَن يُؤتَ الحِكمَةَ فَقَد أُوتِيَ خَيراً كَثِيراً...) (البقرة/ 269).
كان أولئك الجهابذة في العلم والمعرفة مهندسي ثقافة وصانعي حضارة: فكانوا في الأقل بسنا نورين يهتدون:
أوّلاً: نور الإيمان يشعّ في قلوبهم فيرون من خلاله معجزات الكون، فنور الإيمان أبهى وأسنى.
ثانياً: نور البصائر والأبصار، فهو نور به الوجدان يحيا، نور الكيان الإنساني كلّه.
فبهذا تمكّنت تلك الثلّة المباركة من التفوق والإبداع. فجاءت أفكارهم، باجتهادها وعلمها، واسعة سعة العوالم التي انتشر فيها، ورحيبة رحابة الآفاق التي راودها.
فكيف يتسنّى للمهتم بهذا الفكر وما أبدعه من تراث سامق أن يرتاد كل شعابه، وما أكثرها؟
وكيف يتأتّى لدارس هذا المضواء وما قدّمه للإنسان من معرفة بنّاءة وثقافة وضّاءة، أن يلمّ بأهداب دقائقه وبكل حقائقه؟
وكيف يتيسّر لباحث توّاق لخوض عباب هذا التراث أن يجوب دفائن معطياته ليخلص إلى نهايات منعطفاته؟
أفلا يخلق بنا أن نقرأ هذا التراث الخالد قراءة جديدة؟
أن نقرأه بعين روح العصر الجديد، لنعتبر من ناحية، ومن ناحية ثانية لعلنا نضيف شيئاً نماهي به غيرنا ممّن قدّموا في زماننا هذا من الإختراعات والإكتشافات ما يدهش؟
فكم من أمّة سجّلت ماضيها، واستقرأت تراثها، واستشرفت مستقبلها، فنفضت ما ران عليها من غبار عوادي الزمن، فاستفاقت متجددِّة مجدِّدة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: عربية القرآن وتسلسل النزول    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:15 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Arabat-alkoran-otslsl-al-nzol


وُلد الإسلام على خط التوحيد، واندرج في سياقه، وكان يؤثر في الواقع المحلي من جبهتين: الدين والثقافة، نتحسس ذلك من خلال المقاومة التي أبداها الناس تجاه القرآن، ويمكن أن نلحظ من جانبهم مقاومة دينية في سبيل الشرك (تعدد الآلهة) واحترام الأجداد، وهما أمران انتقدهما القرآن. ويمكن أن نلحظ كذلك، مقاومة ثقافية، لأنّ الإسلام أراد أن يعطي للشعب العربي كتابه المقدّس، ونبيه، الذي يعلِّم الناس الدين والأخلاق، ويكون بمقدوره أن يشفع لهم يوم القيامة، وهو ينطق في الأصل عن الوحي الإلهي، وقد تجلت مقاومتهم الثقافية في تكذيب النبي والإعراض عنه ومحاربته.
كان لابدّ للإسلام من قاعدة يستند إليها، لكي يقدم رؤيته، تلك الرؤية التي تقدم الإله متوحداً في ذاته، وتصوغ الوحي صياغة أخيرة، وبحسب ما قدمنا، تقرأ الوجود قراءة جديدة فكان القرآن عربياً. ومن المستبعد أن يكون القرآن عربياً بمعنى عربية مفرداته وألفاظه، في مقابل أعجمية ألفاظ التوراة والإنجيل. إن عربية القرآن رؤيته التي نسج لحمتها وسداها الواقع التاريخي الذي نبع الوحي منه، رؤيته التي قدمتها ثقافة ذلك الواقع، وتكونت عناصرها من مفاهيمه، لذلك لم يسمِّ القرآن نفسه عربياً إلا عندما كان يقدم قراءته العربية، لتكون هويةً له.
لنتابع الوحي حسب نزوله، ونراقب "عربية القرآن":
- أوّل ذكر لعربية القرآن جاء في "سورة طه"، وهي (تس(*) 42) في تسلسل النزول، وفيها قصة موسى وآدم، وهي تركز على الوعيد؛ وعيد الكافرين: (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا) (طه/ 99). (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) (طه/ 113). أي إن في القرآن قصص من سبق، قصص الأمم السالفة وقد قدّمها بصياغة عربية.
- ثمّ تلاه ما جاء ما جاء في "سورة الشعراء" (تس 44)، وهو وصف للقرآن: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأوَّلِينَ) (الشعراء/ 192-196). فالقرآن جاء من الله بوساطة جبريل، جاء بلسان عربي، برؤية عربية، وقد سبق لمحتواه (الكلام الإلهي) أن ورد في الكتب السابقة.
- في "سورة يوسف" (تس 49) تكون رؤية القرآن العربي أحسن الرؤى، وهو يسرد قصة يوسف: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا...) (يوسف/ 2-3).
- في "سورة الزمر" (تس 57) يشتمل القرآن على أنواع مختلفة من الأ/ثال، والمثل عبارة عن قول في شيء، يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة، ليبين أحدهما الآخر ويصوره. ويشتمل القرآن على الأمثال بهيئة عربية: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (الزمر/ 27-28).
- في "سورة فصلت" (تس 58) توضحت آيات الكتاب (الرسالة، الوحي) وانكشفت بوصفه قرآناً عربياً، أي إن طريقة تفصيل آياته وعرض مكوناته، طريقة أو هيئة عربية: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (فصلت/ 3).
- في "سورة الشورى" (تس 60): (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا...) (الشورى/ 7).
- في "سورة الزخرف" (تس 61): (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف/ 3).
- في "سورة الأحقاف" (تس 64) لم يكن الرسول إلا واحداً من الرسل، وقد سبقه موسى. والقرآن توثيق لما سبق إلا أنه جاء عربياً: (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي...) (الأحقاف/ 9). (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا...) (الأحقاف/ 12).
- في "سورة النحل" (تس 69)، عندما اتُّهم الرسول بأنّه يأخذ ما يقوله عن إنسان أعجمي، رد التهمة بالتأكيد على عربية القرآن، وأنه ليس من مصدر أجنبي: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل/ 103).
- في "سورة الرعد" (تس 95): (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ) (الرعد/ 37). والحكم، وهو القضاء، موصوف بالعربي، أي من بيئة العرب، وعلى نهجهم.
نخلص من استعراض ورود "عربية القرآن" في القرآن، إلى أنّ الوحي أكّد هويته العربية في مراحله الأولى، أي في العهد المكي خاصة، وبلغ سبع مرات، فلما جاء العهد المدني كانت عربية القرآن مسألة مسلَّمة؛ ولذلك ذكرها مرة واحدة فقط (في "سورة الرعد").
لقد ابتدأ الوحي بعربية القرآن وجعلها مبدأ من مبادئه، تناسباً مع تاريخيته، وانسجاماً مع معطيات الثقافة العربية، وتلاؤماً مع القوم الذين نزل فيهم وخاطبهم. قال ابن خلدون: "وقد واقع الوحي قوماً مهيَّئين له، وأنّهم أسرع قبولاً للحق والهدى، لسلامة طباعهم عن عوج الملكات، وبراءتها من ذمم الأخلاق، إلا ما كان من خلق التوحش القريب المعاناة، المتهيئ لقبول الخير، ببقائه على الفطرة الأولى".
وكان الوحي أيضاً، يمثل للعرب فرصة للملك، بحسب ابن خلدون أيضاً، والسبب في ذلك "أنهم لخلق التوحش الذي فيهم أصعب الأُمم انقياداً بعضهم لبعض، للغلظة والأنفة وبعد الهمة والمنافسة في الرياسة، فقلما تجتمع أهواؤهم، فإذا كان الدين والنبوة أو الولاية، كان الوازع لهم من أنفسهم".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: التفكر في آيات القرآن الكريم    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:16 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Altfkr-fy-ayt-akran-alkrem

القرآن الكريم آخر كتاب أنزله الله على عباده، وكل إنسان يعيش فوق هذه البسيطة ملزم بتعلّم القرآن وتنفيذ الأوامر المنزلة فيه. ومع أن معظم الناس يقرّون بأنه كتاب مقدس فإنهم لا يتدبّرون آياته، ولا يتفقّهون في ما نزل فيه، ولا يطبقون ما أمرهم الله به من خلاله، فهم يكتفون بمعرفة القرآن من خلال المعلومات التي يحصّلونها من هنا وهناك، في حين أن أهمية تفكر الإنسان في القرآن ومكانته أمر عظيم.
فقبل كل شيء، من يتدبر القرآن سيرغب في معرفة خالقه وخالق هذا الكون الذي يعيش فيه، من أعطاه الحياة عندما كان عدماً، وأنعم عليه بنعم وأمور جميلة لا تعدّ ولا تحصى، ليسلك السبيل الذي يرضيه سبحانه وتعالى. والقرآن الذي أنزله الله على رسوله (ص) هو خير مرشد إلى هذا السبيل. من أجل ذلك يحتاج الإنسان إلى معرفة الكتاب الذي أرسله الله والتفكر في كل آية من آياته حتى يميز الخبيث من الطيّب، وينفذ أوامر الله كما يحب سبحانه ويرضى.
ويذكر الله تبارك وتعالى الغاية من إنزال القرآن فيقول: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) (ص/ 29).
(كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) (المدثر/ 54-56).
كثير من الناس يقرؤون القرآن ولكنهم يغفلون عن أهم هدف من وراء القراءة، وهو تدبر كل آية، واستخلاص العبر والدروس منها، وتطويع سلوكنا وفقاً لما استخلصناه.. فمن يقرأ – مثلاً – قوله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥)إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) (الشرح/ 5-6).
ويتدبر معناه سوف يفهم أنّ الله جعل لكل عسرٍ يسراً، ولذلك فإنّه لو مر بعسر فما عليه إلا أن يثق بأنّ الله سوف يجعل معه يسراً. وإذا كان هذا وعد من الله لنا فحريّ بنا أن ندرك أنّ اليأس والامتلاء بالهلع في اللحظات الصعبة، إنما هو دليل على ضعف في إيماننا، ولذلك يجب علينا بعد قراءة هاتين الآيتين وتدبّر معناهما، أن نكيّف تصرفاتنا بمقتضاهما طوال حياتنا.
وفي القرآن أيضاً يذكر الله قصصاً من حياة الرسل والأنبياء الذين عاشوا في الماضي، ليدرك الناس كيف كانت حياة وتصرفات وحديث من رضي الله عنهم، فيتخذهم قدوة. ويأمرنا الله تعالى أن نتفكّر في قصص هؤلاء الأنبياء ونستخلص منها العبر فيقول: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ...) (يوسف/ 111).
(وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) (الذاريات/ 38).
(فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ) (العنكبوت/ 15)، "النبي المشار إليه في هذه الآية هو نوح (ع)".
كما أن في القرآن ذكر للأُمم الغابرة، وأحوالهم والكوارث التي أنزلوها على أنفسهم. ومن الخطأ الجسيم قراءة الآيات المتعلقة بما حدث لهم من باب السرد التاريخي البحت؛ لأن الله تعالى أنزل هذه الآيات – كما غيرها – لنتدبرها ونصلح أنفسنا من خلال الاتعاظ بما حل بهذه الأمم. (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر/ 51).
(وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر/ 13-17).
لقد أنزل الله القرآن هادياً للبشر، ولذلك فإنّ التفكر في آياته، والعيش بمقتضى ما في كل آية من دروس وتحذيرات هو السبيل الوحيد إلى رحمة الله وقبوله لنا ودخول جنته.
إلا يدعو الله الناس للتفكر فيه من خلال القرآن الكريم؟
(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل/ 44).
هناك الكثير من الدروس في خلق الإنسان لقوم يتفكرون.
في هذه الآية الكريمة – كما في غيرها من الآيات – يدعو الله الناس إلى التفكر. فالتفكر والتدبر، وإدراك الغايات الخفية، والإعجاز في خلق الله، عبادة بحد ذاتها. فكل موضوع نتفكر فيه يعيننا أكثر على فهم وتعظيم قدرة الله وعلمه وإبداعه، وغيرها من صفاته سبحانه وتعالى.
الله يدعو الإنسان إلى التفكّر في خلقه:
(وَيَقُولُ الإنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا * أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا) (مريم/ 66-67).
ويدعو الناس إلى التفكر في خلق الكون:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة/ 164).
ويدعوهم إلى التفكر بالطبيعة الفانية لهذه الحياة الدنيا:
(إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس/ 24).
(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (البقرة/ 266).
وإلى التفكر في ما هم فيه من نعمة ورحمات:
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرعد/ 3).
(وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الرعد/ 4).
ويدعو الإنسان للتفكّر في أن هذا الكون كله مسخّر له:
(وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا في الأَرْضِ جَمِيعاًمِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الجاثية/ 13).
(يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ * أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (النحل/ 11-17).
ويدعو الناس إلى التفكر في أنفسهم:
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ...) (الروم/ 8).
ويدعوهم إلى التفكر بالقيم والأعمال الصالحة:
(وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الأنعام/ 152).
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل/ 90).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النور/ 27).
والله يدعو الناس إلى التفكر في الآخرة، والساعة ويوم الحساب:
(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران/ 30).
(وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) (ص/ 45-46).
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ) (محمد/ 18).
ويدعو الإنسان إلى التفكّر في كل ما خلقه من كائنات حية:
(وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (النحل/ 68-69).
ويدعوه إلى التفكر بالعقاب الذي قد ينزل به فجأة:
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الأنعام/ 40).
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) (الأنعام/ 46).
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) (الأنعام/ 47).
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) (يونس/ 50).
إن من يتفكر يمكنه أن يرى معالم استثنائية في الكائنات الحية التي خلقها الله، وبهذه الطريقة يمكنه الوصول إلى معرفة قدرة الله وعلمه اللامحدودين.
(أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) (التوبة/ 126).
(وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (القصص/ 43).
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر/ 51).
(وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (الأعراف/ 130).
.. ويدعوه إلى التفكر في القرآن..
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) (النساء/ 82).
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأوَّلِينَ) (المؤمنون/ 68).
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) (ص/ 29).
(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (الدخان/ 58).
(كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ) (المدثر/ 54-55).
(وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) (طه/ 113).
والرسل دعوا قومهم الذين لا يفقهون إلى التفكر:
(قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) (الأنعام/ 50).
(وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (الأنعام/ 80).
والله يدعو الناس إلى مقاومة تأثير الشيطان:
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) (الأعراف/ 200-202).
.. ويشجع من أرسل إليهم القرآن على التفكر بعمق:
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي * اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه/ 42-44).
.. ويدعو الناس إلى التفكر في الموت والأحلام:
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الزمر/ 42).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: لا تعارض بين الدعاء والقضاء    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:16 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Ktha-kdar

(يَمْحُو اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعندَهُ أمُّ الكِتاب) .(الرعد / 39)
(إنّ الدّعاء يردّ القضاء، ينقضه كما ينقض السلك، وقد أبرم إبراما)(16) .
(ادع الله عزّ وجلّ، ولا تقل إنّ الامر قد فرغ منه)(17) .
وفي الحديث عن موضوع الدعاء، وعن الإستجابة وتغيير الأمور، ورفع ما قدر، ودفع ما قد يقع من الأمور والحوادث التي تحل بالإنسان، من المحن والشدائد، والحوائج، والذنوب . . .الخ .
في الحديث عن ذلك كله، لا بدّ لنا من أن نتحدّث عن علاقة (القضاء والقدر)، وعن علاقة (علم الله وإرادته) بالإستجابة للدعاء، ونبيّن كيف يصّح تغيير الأمور ورفعها وإبطالها بعد تقديرها في قضاء الله وتقدير وجودها، وحصولها في علمه، وهل يترتّب على ذلك التغيير نتائج عقيدية تؤدي الى القول بتغيير علم الله، وبطلان قضائه وقدره وفق مشيئة الإنسان ، وبالتالي تغيير مشيئة الله؟
وكيف يغيّر الله الحوادث بعد إبرامها؟
هل كان يجهل ما هو صالح من الأمور، ولم تتّضح له إلاّ بعد الدعاء، وشكوى العبد من مرارة البلاء؟ وهو المنزّه عن ذلك .
أو أنّ أفعاله تعوزها الحكمة والإتقان فتأتي مضطربة تحتاج إلى تصحيح وتسديد، وهو المنزّه المتعال؟
إن كثيراً من الناس الذين يجهلون حقيقة العلاقة بين قضاء الله وقدره، وعلمه بالأمور والحوادث من جهة، وبين تغيّرها من حال إلى أخرى، أو رفعها وإبطالها من جهة أخرى يثيرون زوبعة من الشكوك والغبار حول الدعاء، ويتوهمون تغير علم الله تعالى، وإرادته .
فيكون لله تعالى مع هذا التغيير ـ كما يتصّور هذا الفريق من الناس ـ علمان وإرادتان:
علم وإرادة سابقة على التغيير، وهما اللّذان ثبتا تقدير الشيء على حالته الأولى، وعلم وإرادة حين التغيير، وهما اللّذان أحدثا التغيير، والتبديل الجديد، بعد حالته الأولى .
وهذا يعني بالنتيجة أنّ علم الله سبحانه وإرادته متناقضتان وقاصرتان عن تحقيق خير الوجود، ودقّة نظامه .
ولتصحيح هذا المفهوم، وردِّ هذه الشبهة، لابدّ للانسان المسلم من أن يفهم:
أولاً ـ أنّ تغيير الأمور بإبدالها، أو رفعها عن الإنسان ، بسبب الدعاء لا يعني تبعية إرادة الله لإرادة الإنسان ، ولا يعني بطلان
القضاء والقدر، لان تغيّر الحوادث يجري أيضاً وفق قضاء وقدر ناسخ للقضاء والقدر الأول، فهما قضاء وقدر واحد في تقدير الله ومشيئته، وما التعدّد والفاصل الزمني إلاّ أمر مرتبط بذات الحوادث الجارية في عالم الإنسان .
ثانياًـ لا يعني تغيّر الأشياء والحوادث بسبب الدعاء، تغيّر علم الله، ذلك لأن الله سبحانه بحكمته ولطفه، ورحمته بعباده، قد جعل بقضائه وقدره أيضاً وسابق علمه دعاء الدّاعي عند، وقبل، وبعد نزول البلاء به، أو إنقطاع حوائجه عنه، سبباً لكشف البلاء، أو غفران الذنب، أو قضاء الحاجة .
فسببية الدعاء بهذا الإعتبار جزء من قضاء الله وقدره، وليس خارجاً عنهما أو متعارضاً معهما، أي إنّه حقيقة مقدّرة في قضاء الله لدفع ما قدّر، شأنها في القضاء شأن بقيّة الحقائق التي وقعت على الإنسان ، كالحاجة، والمرض، والمحنة . . . الخ . ولكشف غوامض هذا الموضوع فلنقرأ الآيتين الآتيتين، مشفوعتين بإيضاح وتفسير من قبل الحديثين المرويين عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، والآيتان هما:
( . . . ومَن يَتَوكَّل عَلى اللهِ فَهوَ حَسبُهُ إنَّ اللهَ بالغُ أمرِهِ قَد جَعَلَ اللهُ لِكُلّ شَيء قَدرا).(الطلاق / 3)
( . . . صُنعَ اللهِ الَّذي أتْقَنَ كُلَّ شَيء إنَّهُ خَبيرٌ بِما تَفعَلُون) .(النمل / 88)
ففي الآية الاولى نقف على حقيقة هامّة في قضاء الله وتقديره . فهو سبحانه قد جعل لكل شيء في عالم الموجودات قدراً من الزمان والمكان والوجود والمكوّنات والنتائج والغايات . . . الخ، بما يناسبه ويحقق الحكمة والمصلحة من وجوده، وإنّه سبحانه مدركه، ومحققه، ولا يمكن أن يفوته، أو يعجزه تحقيقه .
والآية الثانية تلقي مزيداً من الضوء على الآية الاولى (صنع الله الذي أتقن كلّ شيء ) فكلّ شيء حسب منطوق الآية هو متقن، وليس هناك من ثغرة، أو نقص، أو عبث، أو جهل، في هذا الوجود .
فحياة الإنسان ، وما يجري عليه من الأمور ـ وفق منطوق الآيتين ـ (مقدرة ـ متقنة)، وهي من أمور الله التي يجب أن يحققها بعد أن يثبت صلاحها في علمه وحكمته .
(إنّ الله بالغ أمره) وليس لشيء أن يتمرّد على إردة الله أو مشيئته .
وقد أمدّنا القرآن بشواهد ونماذج واقعية من دعاء الأنبياء، وإستجابة الدعاء لهم بعد وقوع البلاء بهم، وتغيير الحوادث والوقائع:
(ونُوحاً إذ نَادى مِن قَبلُ فاستَجَبْنا لَهُ فَنجّيْناه وَأهلَهُ مِن الكَرْبِ العَظيم) .(الانبياء ـ 76)
(وأيّوبَ إذ نادى ربَّهُ أنّي مسَّني الضُّرُّ وأنتَ أرْحمُ الرَّاحمين * فاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِن ضُرٍّ وآتيناه أهلَهُ ومِثْلَهُمْ مَعَهُم رَحمةً من عِندِنا وِذكرى للِعابدين) .(الانبياء / 83 ـ 84)
(وذا النُّون إذ ذَهَبَ مُغاضباً فَظَنَّ أن لَن نَقدِر عليه فَنادى في الظُّلمات أن لا إلهَ إلاَّ أنْتَ سُبحانَكَ إنّي كُنْتُ مِن الظَّالمين * فاسْتَجَبْنا لَهُ وَنجَّيناه مِن الغَمِّ وَكذلِكَ نُنْجِي المُؤمنين) .(الانبياء / 87 ـ 88)
(وزكريّا إذ نادى ربّهُ ربّ لا تذَرني فَرداً وأنت خَيْرُ الوارثين * فاسْتَجَبنا لَهُ وَوَهَبنا لَهُ يحيى وأصْلحنا لَهُ زَوْجَهُ . . .) .(الانبياء / 89 ـ 90)
فهذا العرض القرآني الصريح يكشف لنا بوضوح تام، العلاقة السببية بين الدعاء وتغير الحوادث والوقائع الجارية في دنيا الإنسان . وإنّ كل هذه الحقائق تجري وفق الحقيقة الكبرى التي عبّر عنها الوحي الإلهي بقوله:
( . . . لِكُلّ أجَل كَتابٌ * يَمحُو اللهُ ما يشاءُ ويُثبِتُ وعِندهٌ أمُّ الكِتاب) .(الرعد / 38 ـ 39)
فالله يغير ويبدّل الأمور والحوادث بمشيئته، ووفق إرادته وقضاء محكم وترابط التقدير وليس هدماً طارئاً للقضاء والقدر الذي ثبت بحكمة الله ومن غير تقدير، أو علم إلـهي مسبق .
أمّا الحديثان اللّذان يوضّحان أن الدعاء إنما يقع سبباً وفق قضاء الله، لتنفيذ ما أراد الله وقضى بخفي علمه ولطفه، من تغيير الحوادث والوقائع التي ستحدث:
(إذا ألهِمَ أحَدُكُم الدعاءَ عندَ البَلاء فاعلموا أنَّ البَلاء قصير)(18) .
(إن الله عزَّ وجلَّ لَيَدفَع بالدعاء الامر الذي علمه إن يدعى له فيستجيب، ولولا ما وفّق العبد من ذلك الدعاء لاصابه منه ما يجثّه(19) من جديد الأرض)(20) .
وبالتأمل بنص هذين الحديثين، والتدقيق بهما والوقوف عند العبارات (ألهِم)، (الامر الذي علمه ان يدعى له فيستجيب)، (ولولا ما وفق العبد)، وبالوقوف عند هذه العبارات، نجد أنّ الالهام والتوفيق من الله كانا لسابق علم الله بأنّ العبد سيبتلى وإنّ الله يريد المنّة عليه واللطف به، فقضى بحكمه أن يلهمه الدعاء ويوفقه إلى المسألة بكشف الضرّ عنه، فيكشف عنه ضرّه، ويجيب له طلبه تعبيداً للانسان، وإشعاراً له بحاجته إلى الله سبحانه، وبفضل الله ولطفه به .
وبذا يتّضح لنا أنّ علم الله وقضاءه لا يتناقضان مع الدعاء، وأنّ التغيّر في الأحداث والوقائع التي تجري على الإنسان إنما تجري وفق علم مسبق بحدوث الشيء وبتغيره، وإن هذا التغيير جرى على أساس من قاعدة السببية الجارية على كل حقيقة في عالم الإنسان .
وإن العلم الإلهي والقضاء محيطان بهذا التغيير وسابقان له ولا شيء يكون جديداً أو متعارضاً مع قضاء الله وعلمه.
فالله يعلم بالحوادث، وبتغييرها، وعلى أساس هذا العلم كان القضاء، قضاء بوقوع الحوادث، وقضاء بجعل الدعاء سبباً للتغيير، وقضاء بالتغيير .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: إنسانية الإسلام في النظرة إلى الكون (ج1)    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:52 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Ensanat-aeselm-fy-alnathra-ela-alkon2

- الإنسان والكون.. بين الإيمان العلمي والإلحاد الخرافي
توجد في الساحات الفكرية المعاصرة تيارات ثلاثة تُؤرِّخ للعلم وتُطوِّره، فأمّا أولاها: فهي التي تتكلّم عن العلم بكثير من الحياد، فلا تربطه بأفكار مسبقة ولا تزعم أنّه يكفي الإنسان وحده، بل تكاد تعترف – ضمناً وليس صراحة – بأنّ الإنسان يحتاج مع العلم إلى الدين والأخلاق.
وهناك مدرسة ثانية قويّة – وإن لم تكن كبيرة الحجم – تؤمن بأنّ "العلم يدعو إلى الإيمان" وبأنّ "الإيمان يتجلّى في عصر العلم"، وبأنّ "الإنسان ذلك المجهول" لا يعلم مفاتيحه إلا الذي خلقه، ولن تتحقق سعادته إلا بخضوعه للمنهج الربّاني الذي أنزله الله الذي يعلم من خلق، وهو (وحده) اللطيف الخبير!!
وهناك منهج ثالث متهافت، لكنّه مدعَّم من أبواق الإعلام الصهيونية والإلحادية في العالم، ويحاول أصحاب هذا الإتجاه الوقيعة بين العلم والدين، ويزعمون أنّ الإنسان يستطيع أن يقوم وحده، وأنّه ليس في حاجة إلى قوّة أخرى تساعده. وهؤلاء يحاولون أن يخفوا وجوههم الحقيقية في بعض ما يكتبون، فيستعملون مصطلحات غائمة، لا يدرك ماوراءها إلا الذي يعرف أهدافهم وأساليبهم.
فمن المصطلحات التي يتستّرون خلفها، رفضهم مبدأ (العلِّية) الكونية تحت راية أنّ نظرية المعرفة (الإبستمولوجيا) ترفض اضطراد الطبيعة (وكأنّه لا قوانين)، وبالتالي ترفض العلِّية أو الثبات في القوانين، وتؤمن بمبدأ المصادفة، أو كما تقول الدكتورة يمنى طريف الخولي، في كتابها الذي أصدرته سلسلة (عالم المعرفة) بالكويت تحت عنوان (فلسفة العلم في القرن العشرين)، في الصفحة 230: "لقد ارتدت المصادفة ثوباً قشيباً، وتخلّصت من أدران جائزة، لحقت بها في عهود يقين العلم الحتمي، الذي كان يفسر المصادفة والإحتمال تفسيراً ذاتياً، أي كان يرجعهما إلى جهل الذات العارفة وعجزها عن الإحاطة بعلل الظاهر. علمتنا الميكانيكا الموجبة ومعادلات "إبرفين شرودنجر" أنّ المصادفة والإحتمال تفسيران لصميم طبيعة الظاهرة موضوع الدراسة، لقد أصبح الإحتمال موضوعياً".
وتتابع الدكتورة تحليلها (اللاعلمي)، فتقول: "والمحصلة أنّه قد تبخر اليقين في عالم العلم، حتى شاع القول الدارج: إنّ العلماء ليسوا على يقين من أي شيء، ويكفي أنّ العوام على يقين من كل شيء".
وكلام الدكتورة المذكور مجرّد نموذج من نماذج التعمية والتورية والألفاظ الزئبقية، التي تخفي وراء مضامينها الجحود بالله، والإيمان بالعبثية والمصادفة والإحتمال واللاقانونية في الكون، بديلاً عن (العناية) و(الرعاية) و(القانونية) و(السببية) و(العلِّية) التي يحكم بها الكون ويسيره بها إلى أن تأتي أوامر بانفراط عقد الكون والحياة، فيقول للجبال الراسيات: كوني صوفاً منفوشاً، ويقول للسماء: أقلعي، ومن ثمّ يُبَعثَر ما في القبور ويُحَصَّل ما في الصدور!!
والحق أنّ العلم الحق غير الموظف لأغراض إيديولوجية قد أسقط الماركسية، كما أسقط هذه الفلسفة العبثية التي تحاول أن تظلم العلم، وتقوده إلى الصدام مع الحقائق الكبرى، التي يقوم الكون عليها: (أفحَسِبتُم أنّما خَلَقناكُم عَبَثاً وأنّكم إلينا لا تُرجَعون) (المؤمنون/ 115).
ولقد أصبحت الحضارة الأوروبية نفسها تئن من هذا الإتجاه ويرفضه علماؤها الكبار وفلاسفة تاريخها.. وقد ظهر هذا الإتجاه جلياً في النصف الثاني من القرن العشرين كلّه، لدرجة أنّ الكاتب الهندي الكبير تقي الدين الأميني (ره)، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة عليكره، رصد ظاهرة انهيار الفلسفة المادية العبثية للعلم في كتاب كامل سمّاه (عصر الإلحاد.. خلفيته التاريخية ونهايته)، كما أنّ الكاتب الهندي الكبير وحيد الدين خان دحض هذا الإتجاه في كتابيه المعروفين (الإسلام يتحدّى) و(الدين في مواجهة العلم).
وفي عالمنا العربي، دحض هذا الإتجاه – أيضاً – مفكِّرون كثيرون على رأسهم العلامة نديم الجسر (ره)، مفتي طرابلس لبنان، وذللاك في كتابه (قصة الإيمان.. بين الفلسفة والدين والعلم).
فما بال بعض أدعياء العلم والفكر في مشرقنا المبتلى ما يزالون يجلسون على المائدة الإلحادية والعبثية، مع أنّ فساد أطعمتها قد وضح لكل ذي عقل وقلب؟!!
إنّ نظريات إلحادية كثيرة تلفّحت برداء العلم الغربي كالتطورية الدارونية، والجنسية الفرويدية، والوضعية الكونتية، والمادية الماركسية قد أسقطها العلم نفسه..
نعم، أسقطها العلم الغربي والشرقي على السواء..
فما بال بعضنا يبقى متخلفاً حتى في التبعية، ولا يعبأ إلا بالطعام الرديء المغشوش (اللاعلمي واللاعقلاني).. والعلم بريء من ذلك كلّه.

- الإيمان العلمي.. رسالة الأنبياء:
في البداية نورد هاتين الآيتين الكريمتين من كتاب الله، ودلالتهما لا تحتاج لبيان، أمّا أولاهما فقول الله تعالى: (وقال الذين أوتوا العِلم والإيمانَ لقد لَبِثتُم في كتابِ الله إلى يوم البَعثِ فهذا يومُ البَعثِ ولكنّكم كُنتُم لا تَعلمون) (الرُّوم/ 56)، وأمّا الآية الثانية فقوله تعالى على لسان الكافرين: (وقالوا لو كُنّا نَسمَعُ أو نَعقِلُ ما كُنّا في أصحاب السَّعِير) (الملك/ 10).
ثمّ نقول:
- لقد وفّر الأنبياء (عليهم السلام) بدءاً من آدم، وانتهاءً بمحمد – خاتم المرسلين - ، على الإنسان جهوداً كبيرة كان من الممكن أن يقضيها في التيه العقلي والتخبُّط الفكري، حين علّموه أنّ لكل شيء سبباً وغاية، وأنّ وراء كل سبب مسبباً، ووراء كل صنعة صانعاً، وأنّ هذا الكون – بالتالي – ينعم برعاية صانع خبير عليم حكيم، يدير حركته وفق قوانين، ويدفعه – والإنسان جزء منه – لغايات مرسومة.
- ومع أنّ تعاليم الأنبياء كثيراً ما كانت تتعرّض للضياع والتدخلات البشرية، فإنّ عقل الإنسان – في عصر الضياع هذا – كان كثير التساؤل والحيرة والتأمُّل.
- إنّ حركة الكون المكررة أمامه من ليل ونهار وشمس وقمر ونجوم وعواصف وزلازل، لا شك ستدفعه إلى التساؤل:
1- مَن يصنع هذا؟
2- وكيف يصنع؟
3- ولماذا يصنع؟
- وفي الواقع البشري الإجتماعي والفردي، يجد الإنسان نفسه محاصراً بمجموعة من الظواهر التي تشبه الظواهر الكونية، في ضرورتها وتكرارها.
- فحاجة الإنسان إلى الطعام حاجة أساسية ومتجددة، لا تنتهي.
- وحاجة الإنسان إلى الشراب.
- وحاجة الإنسان إلى النوم.
- وحاجة الإنسان إلى اللباس والمسكن.
فكل هذه حاجات فردية، تجعل الإنسان يتساءل: هل هو مجموع هذه الحاجات؟ وهل حياته لا تخرج عن نطاق إشباع هذه الجوانب؟
- وعندما يصل الإنسان إلى سن البلوغ، ويندمج إجتماعياً، تظهر في حياته حاجات أخرى:
- حاجته إلى الزواج والأولاد.
- حاجته إلى البيئة.
- حاجته إلى المجتمع.
فربّما تساءل الإنسان في مرحلة معيّنة: هل هو رهن هذه الحاجات؟ وهل هو كائن أسري أو بيئي إجتماعي؟ وهل يكفي إشباع هذه الجوانب – بعد الحاجات الفردية – لضمان مسيرة الإنسان في الحياة؟ لكنّ الإنسان عندما تكتمل له حاجاته الفردية وحاجاته الإجتماعية سيشعر بحاجة ملحة إلى نوع آخر من الحاجات.
- فهذا الإنسان يتميّز عن الكائنات الأرضية الأخرى بأنّه يحمل (روحاً واعية) ذات تطلع دائم إلى الأشواق العليا.. وإنّها لتحس بالسأم والملل، حتى بعد إشباع سائر الجوانب إذا لم تحقق إشباعها في الجانب الروحي.
- فهل الإنسان كائن روحي؟ على أساس أن هذه ميزته التي ينفرد بها عن سائر المخلوقات الأرضية الأخرى التي تشاركه بقية حاجاته الفردية والإجتماعية؟
لقد أدرك الإنسان هذا منذ ظهر، ومنذ غرست الأديان السماوية – في فطرته ووعيه – هذه الحقيقة الأزلية، وأزالت عنها – بين الحين والحين – كل ما يطرأ عليها من تحريف وتشويه.. ولئن كان الإنسان قد أدرك هذا، فإنّ هذا الإدراك القائم على أنّ الله هو الصانع وهو الخالق، ليس كافياً للإجابة عن الأسئلة الملحة التي تطرح نفسها على الوعي البشري الموصول.
إنّ الإنسان يدرك حاجته اليومية المتجددة للطعام والشراب والهواء والماء والملبس والمسكن، ثمّ يدرك حاجته الإجتماعية التي يقوم على أساسها كيانه الإجتماعي وبقاء نوعه.. فإلى أي مدى يصل الدور الذي تقوم به هذه الحاجات في استمرار حركته ونموها، وفي ضمان تفاعله مع ما حوله.
وهل هذه الحاجات هدف في حد ذاتها تنتهي رسالته إذا حقّقها؟
وأهم من ذلك كلّه أنّه يريد أن يفهم نواميس الخالق سبحانه وتعالى التي أخضع لها سبحانه الكون والإنسان والمجتمع، لأن فهم الإنسان لهذه النواميس أمر ضروري بالنسبة له، سواء في مستوى حياته العلمية، الرعوية أو الزراعية أو في مستوى تحقيق تقدُّمه الحضاري.
وإنّ ما أعطته رسالات السماء في تفسير حركتي الكون والمجتمع، إنّما هو إطار كلّي، ترك للعقل البشري أن يقوم فيه بالفهم والتفسير، فهذا هو مجال الإختيار، وشأن (تفسير التاريخ) هنا شأن بقية المجالات، التي طرقها الوحي الكريم، فثمة قوانين كلية حاكمة وضابطة، وثمة مساحة الإختيار الإنساني واسعة وفسيحة.
فحتى في علاقة الإنسان المخلوق بالله الخالق ثمة أوامر تكوينية فطرية، وثمة أوامر تشريعية وعبادية، وهناك – في المقابل – مساحة لحرِّيّة الإنسان هي مناط الثواب والعقاب، في تفاعلها – إيجاباً أو سلباً – مع القوانين الفطرية والتشريعية.
وفي ظل هذه الرؤية الإسلامية لعلاقة الإنسان بالكون والأوامر الإلهية الكونية والتشريعية، يتجلّى حظّ الإنسان المتاح له من الحرِّيّة والإرادة. وتتضح (المعادلة) الإنسانية المتوازنة، القائمة على تقنين الحرِّيّة من جانب، وفض نظريات أو إيديولوجيات الحتمية الجبرية من الجانب الآخر.
والحق أنّ المذاهب (الجبرية) أو (الحتمية) قد اهتزت حتى في مجالها الطبيعي المادي، وإنّنا لنجد مفكِّراً كالأستاذ أوبجتون يصوِّر لنا هذا الإهتزاز بأسلوب حاسم، فيقول: "لابدّ لي أن أوضح أنّ النظرة العلمية للمذهب اللاحتمي لا تعني أنّ هناك أحياناً استثناءات للقانون الحتمي، لكنها تعني أن كل ظاهرة لا حتمية بدرجة كبيرة أو صغيرة".
ويقول أوبجتون أيضاً: "طالما أنّ الحتمية قد أزيحت من وضعها الذي يبدو منيعاً في علم الطبيعة، فإنّ من الطبيعي أن نشك في قولها حين تزعم أنّها اتخذت لنفسها وضعاً مؤكداً في مناطق أخرى من الخبرة".
وليس أروع من القرآن الكريم، وهو يرفض تلك الحتمية الجماعية، أو تلك الجبرية الفردية، فيوجه النظر إلى أنّه لا حتمية هنا ولا هناك، وإلا انعدام (المسؤولية) وانعدام (بالتالي) معنى الثواب والعقاب.
يقول القرآن الكريم: (تلك أمّةٌ قد خَلَت لَها ما كَسَبَت ولَكُم ما كَسَبتُم ولا تُسألونَ عمّا كانوا يَعمَلون) (البقرة/ 134).
(قُل أرأيتَكُم إنْ أتاكُم عَذابُ اللهِ بَغتَةً أو جَهرَةً هل يُهلَكُ إلا القومُ الظالمون) (الأنعام/ 47).
أجل.. ليس الإنسان مجبراً أو آلة تُحرِّكها أيّة عوامل، وإنّما هو – قبل أي مؤثر – المسؤول الأوّل عن صناعة الحضارة، وهو المحرِّك الأوّل للحضارة في مرحلة نموها واستمرارها وازدهارها.
إنّه (المستخلف) على هذا الكوكب، وإنّ التاريخ إنّما هو شأنه، سواء كان فرداً.. أو فرداً ممتازاً في هيئة بطل، أو جماعة آمنت بمبدأ إيجابي، ومتى تزايد إقبال الأفراد والشعوب على الطاعة لإرادة الله تحسّنت الأمور، أي أنّ مقياساً أساسياً من مقاييس التقدم الحضاري هو المجاهدة في سبيل التقدم. وفي النهاية، فإنّ كل شعب سيحصل على ما يستحق بالعدل الإلهي!! لكن ذلك لا يعني أنّ الإنسان هو وحده في هذا الكون، وأنّه حر في أن يحطِّم كل (نظام) ويتمرّد على كل أصول عقلية أو قانونية، كسائق السيارة المجنون الذي يعتقد أنّ إشارات المرور إنّما هي قيود وأصفاد، ويرى أنّ تحقيق حرِّيّته يقتضي حرِّية الإنفلات من هذه القواعد المرورية.
إنّ هذه (الحرِّية الفردية اللامبالية) مرفوضة، لأنّها تعني العشوائية التي هي سلب للعقل والقانون، ومن الواضح أنّ هذا المذهب (الحرّ)، إذ يمارس (حرِّيّة اللامبالاة) هذه، إنّما يقضي على (حرِّيّة المجموع) من جانب، ويقضي على المسؤولية الخلقية من جانب آخر.
(الله خالقُ كلِّ شيءٍ وهو على كلِّ شيءٍ وكيلٌ * لهُ مقاليدُ السَّموات والأرض) (الزمر/ 62-63).
(ولله يَسجُدُ مَن في السَّمواتِ والأرضِ طَوعاً وكَرهاً) (الرَّعد/ 15).
(ولهُ مَن في السَّموات والأرضِ كلٌّ لهُ قَانِتون) (الروم/ 26).
كما ينبغي للإنسان – كذلك – ألا ينسى أنّه محكوم بسنن ونواميس إلهية تفوق طاقاته وقدراته جميعاً، ودونها لا يمضي حق وعدل ولا يستقيم نظام كوني ولا وجود بشري، ولا تتحقق حكمة الله سبحانه وتعالى من تسيير الكون، والخلائق جميعاً وفق طرائق محدودة تؤول بهم إلى الأهداف التي رسمها علم الله المطلق، ورفعتهم إليها إرادته التي لا راد لها.

- الكون: صداقة للإنسان ودلالة على الخالق:
وإذا كانت هذه طبيعة العلاقة بين قدرة الله وإرادة الإنسان في الحدث الحضاري، فما حقيقة العلاقة بين الإنسان والطبيعة، التي هي ركن أساسي من أركان العملية الحضارية؟
والحقيقة أنّ مذاهب كثيرة ومفكِّرين كثيرين لم يوفقوا في رسم حدود العلاقة بين الإنسان والطبيعة، إنّ الطبيعة التي يطلق عليها بعضهم (المادة) ويطلق عليها آخرون (التراب) ليست ركناً مقابلاً ومضاداً للإنسان.. إنّها لا تفرض عليه (الصراع) معها لكي يصنع حضارة، كما يذهب إلى ذلك أصحاب التفسير المادي، والمثالي، وبدرجة كبيرة أصحاب التفسير الحضاري، وبعض المفكِّرين المسلمين.
فحتى تعبير أرنولد توربيني الشهير: (التحدِّي) يمثِّل شحنة مكثفة لا تمثل حقيقة العلاقة بين الإنسان والطبيعة.
إنّ الطبيعة بالنسبة للإنسان هي مجاله، وهي بيئته وهي مخلوقة من أجله، وإنّ جمالها وأهميّتها وعطاءها الحق لن يتجلى إلا إذا سخرها الإنسان وأعمل فيها عقله ويده، إنّها من غيره جماد وفوضى وتدمير أحياناً.
لقد رفض القرآن الكريم التصوُّر العبراني للعلاقة بين الإنسان والطبيعة، وهي علاقة الرهبة والخوف، لأنّ الطبيعة في التصور القرآني قد خلقت من أجل الإنسان، كذلك فإنّ اللعنة التي تحل بالأرض في العهد القديم بسبب خطيئة آدم وحواء حين أكلا من الشجرة المحرمة لا تتفق مع وصف القرآن للأرض بأنّها مستقر ومتاع إلى حين، بل إنّ الإنسان في القرآن الكريم هو المحور والغاية في عالم الطبيعة، ومن أجله سخّرت الكائنات كلّها، يقول الله تعالى: (وسَخَّر لكُمُ الفُلك لِتَجريَ في البَحرِ بأمرِهِ وسَخَّرَ لكُمُ الأنهار) (إبراهيم/ 32).
(وسَخَّر لَكُمُ الشَّمسَ والقَمَرَ دائِبَينِ وسَخَّرَ لكُمُ اللَّيلَ والنَّهار) (إبراهيم/ 33).
(وهو الذي سَخَّرَ البَحرَ لتَأكُلُوا مِنهُ لحماً طريّاً) (النحل/ 14).
(ألَم تَرَوا أنّ الله سَخَّرَ لكُم ما في السَّمواتِ وما في الأرض) (لقمان/ 20).
وكل ما يخيل لبعضهم أنّه صراع بين الإنسان والطبيعة، ليس من باب التهذيب مثلما يهذب الإنسان أبناءه لينتجوا ويثمروا، كذلك فإنّ الإنسان يتولى الطبيعة بالتهذيب، لكي تضع إمكاناتها وطاقاتها تحت تصرفه، ولكي تعطي وتثمر، وتتعاون معه في إنجاز الحدث الحضاري.. إنّها الجسم، وهو العقل، إنّها الأنثى الودود، التي لا تبخل بالإنجاب – بإذن الله – متى تمّ التفاعل الحضاري، أو حسب تعبير تورينبي متى تمت (الإستجابة) المناسبة.
فالأمر – إذن – ليس (صراعاً)، بل ليس (تحدياً)، وإنّما هو (تدافع) كريم، كذلك التدافع والتدلل والتمنع الذي يتم بين كل أنثى وذكر.. إنّه – في الحقيقة – ليس تحدياً ولا صراعاً، وإنّما هو (استثارة) لكل الطاقة المذخورة!!
ونحب هنا أن نُبيِّن أنّ كلمة (تدافع) ليست من نوع (الصراع)، ولاسيما بمحتواه الفلسفي الجدلي، فإنّ (التدافع) ليس إلا قمة الإستثارة ليبقى – في النهاية – ما ينفع الناس: (ولولا دَفعُ اللهِ الناسَ بَعضَهُم بِبعضٍ لَفَسَدت الأرضُ ولكنّ اللهَ ذو فَضلٍ على العالمين) (البقرة/ 251).
(أنزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَت أودِيَةٌ بِقَدَرِها فاحتَمَلَ السَّيلُ زَبَداً رابِياً وممّا يُوقِدُون عَلَيهِ في النارِ ابتغَاء حِليَةٍ أو مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثلُهُ كذلك يَضرِبُ اللهُ الحَقَّ والباطِلَ فأمّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفاءً وأمّا ما يَنفَعُ الناسَ فَيَمكُثُ في الأرض) (الرعد/ 17).
(بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ على الباطِلِ فَيَدمَغُهُ فإذا هوَ زاهِقٌ) (الأنبياء/ 18).
وكيف يكون الأمر (صراعاً) مع أنّ (الأرض) في الإسلام إنّما جعلت كلها مسجداً؟!
وكيف يكون الأمر صراعاً مع أنّ (الزمن) هو (الدهر) ولا يجوز أن يسب المسلم الدهر؟!
وإذا كانت الحرِّيّة المسؤولة – بمعنى من معانيها – تعني انعدام القيود، فإنّ (الحرِّيّة المطلقة) تعني أن تكون حرّاً من جميع القيود: أي أن تتحرر من الأشياء الخارجية، ومن الطبيعة، ومن الناس من حولك، ومن القانون، ومن العقل، ومن الوراثة، لكنك – من ناحية أخرى – لو تحررت من كل شيء لكان معنى ذلك أنّك لا شيء، فاللاشيء أو العدم هو وحده الحر حرِّيّة مطلقة.. فالحرِّيّة المطلقة هي العدم المجرد، ومن هنا فإذا كان الإنسان بالموت يتوقف عن أن يكون شيئاً، فإنّه – بالموت أيضاً – يكون لأوّل مرّة حرّاً حرِّيّة مطلقة، لأنّه سيصبح لا شيء.
ولهذا – فعندما أطلق الله للإنسان حرِّيّته – أطلقها في حدود الحفاظ على نظام (المرور الكوني) بإشارته وعلاماته التي تحول دون الصدام والموت المحقق، فلا جبر ثمة ولا حتمية، وإنّما نظام يسمح لكل الحرِّيّات التي قد تتصارع بالحركة الحرّة المأمونة.
(أيَحسَبُ الإنسانُ أن يُترَكَ سُدىً) من غير أن تنضبط حركته بقوانين وسنن، وأوامر ونواه.. كلا.. إنّه لن يترك هملا يرعى كما ترعى السوائم، بل لابدّ له من قيود وضوابط يرعى في حدودها ويتحرّك في مجالها.
ويشير الفيلسوف الأمريكي توماس بين إلى ضرورة هذه القوانين الضابطة، فيقول: "إنّ الطبيعة وهي مسيرة بالقوانين التي استنها الله الذي يريد بخلقه خيراً، والإنسان جزء من الخلق، من أجل ذلك لزم أن يكون الإنسان في حال كماله مسيراً بقوانين أخلاقه نحو خيره، فكما أنّ للطبيعة قوانينها، فكذلك للإنسان قانون".
والقرآن الكريم إذا تحدّث عن سنن الله في المجتمع الإنساني، فإنّه يتحدّث عنها كحلقة في سلسلة النظام الكوني القائم على التناسق بين عناصر الكائنات الوجودية تناسقاً يؤدِّي به عملها الذي تقتضيه طبيعة وجودها، فلا مندوحة من أن يهيمن الله على الحركة العامة للكون، ولا مندوحة للإنسان من أن ينسق خطواته على أساس الإنسجام مع هذه الهيمنة الإلهية.
إنّ الله ليس (ساكنا) أو (متفرجاً) على مباراة الكون من خلال شاشة مرئية.. إنّ إلهاً من هذا النوع الإغريقي، ليس إلهاً في الحقيقة وفي الإسلام، فإنّ الله (فعّال) و(قدير) و(مهيمن) و(خبير) و(محيط). ولا ينبغي للإنسان – في التفسير الإسلامي – أن يغفل – ولو لحظة – هذه الهيمنة الإلهية الشاملة على كل ما في الكون ومَن في الكون.
(وللهِ يَسجُدُ ما في السَّمواتِ وما في الأرضِ مِن دابَّةٍ) (النحل/ 49).
وكيف يكون الأمر صراعاً مع أنّ الكون كلّه يسبح بحمد الله ويتجه إلى عبادته؟!
وكل ما في الكون – ابتداءً – إنّما خلقه الله ومهده، لكي يكون في خدمة الإنسان، خليفة الله، فما ضرورة الصراع إذن؟
(هو الذي خَلَقَ لَكُم ما في الأرضِ جميعاً ثمّ استوى إلى السماء فسوّاهُنَّ سَبعَ سمواتٍ وهو بكلِّ شيء عليم) (البقرة/ 29).
(قل أئِنّكم لَتَكفُرُون بالذي خَلَقَ الأرضَ في يَومَينِ وتَجعَلونَ لَهُ أنداداً ذلك ربُّ العالمين * وجَعَلَ فيها رَوَاسيَ من فوقها وباركَ فيها وقَدَّرَ فيها أقوَاتَها في أربعةِ أيّامٍ سواءً للسائِلِين * ثمّ استوَى إلى السماءِ وهي دُخانٌ فَقال لها وللأرضِ ائتِيَا طَوعاً أو كَرهاً قَالَتا أتَينا طائعين * فَقَضاهُنَّ سَبعَ سمواتٍ في يَومَينِ وأوحى في كلِّ سماءٍ أمرَها وزيَّنَّا السَّماءَ الدنيا بِمَصابيحَ وحِفظاً ذلك تقديرُ العزيزِ العَليم) (فصِّلت/ 9-12).
(الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرضَ مَهداً وجَعَلَ لَكُم فيها سُبُلاً لعلّكُم تَهتَدونَ * والذي نَزَّلَ من السماء ماءً بِقَدرلٍ فأنشَرنا بِهِ بَلدَةً مَيتاً كذلك تُخرَجونَ * والذي خَلَقَ الأزواجَ كُلَّها وجَعَلَ لَكُم من الفُلكِ والأنعامِ ما تَركَبونَ * لِتَستَووا على ظُهُورهِ ثمّ تذكُرُوا نِعمَةَ ربِّكُم إذا استوَيتُم عليه وتقولوا سُبحانَ الذي سَخَّرَ لَنا هذا وما كُنّا لَهُ مُقرِنِين) (الزخرف/ 10-13).

يتبع...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: إنسانية الإسلام في النظرة إلى الكون (ج2)    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:53 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Ensanat-aeselm-fy-alnathra-ela-alkon2

تصدّى الدكتور عمادالدين خليل بجرأة وشجاعة لمحاولة (التفسير الإسلامي للتاريخ) – قد لمس – بأسلوبه الأخاذ – بعض ملامح هذه العلاقة الكريمة التي تربط الإنسان بالطبيعة، إلا أنّه – أيضاً – ذهب إلى أنّ هناك (صراعاً) بين الإنسان والطبيعة.
إنّه يقول – أوّلاً – في تصور العلاقة بين الإنسان والطبيعة: "إنّ أخلاقية الوجود البشري على الأرض تقتضي الحوار الفعّال بين الإنسان والطبيعة.. هو يسأل وهي تتمنع عن الإجابة، وهو يسعى إليها متسائلاً قلقاً، وهي ترفض أن تفتح له أحضانها وتلقي إليه بكنوزها..
معنى هذا أنّ على الإنسان أن يرفض الكسل والقعود، وأن يتخلى عن السعي الهادئ المطمئن إلى رزقه وتأمين حياته.. وفي القرآن الكريم مئات الآيات والإشارات تنفخ في الإنسان هذا المعنى الحضاري العظيم، وتعلمه أن حواره مع الطبيعة لن يثمر إلا بالسعي، والكدح والحركة.
وكما يطلب الإسلام من الإنسان الحركة العقائدية على الكون كله، فكذلك يطلب أن تكون حركته (العقلية) في نطاق الكون كلّه، فالأرض جزء من الكون، الناموس الذي يحكم الأرض هو نفسه الذي يحكم الكون، والله سبحانه خالق القوانين والأوضاع والإنسان (وهو الذي في السَّماءِ إلهٌ وفي الأرض إله) ومن ثمّ فإنّ اللقاء بين الحركتين: حركة العقل، وحركة الوجدان، حركة الحس، وحركة الروح، حركة الذهن، وحركة القلب، هذا اللقاء القائم على التوافق والتوحيد والإنسجام سيكون محتماً في المدى القريب والبعيد، لأن كلتا الحركتين ستطلع الإنسان على الملكوت وتقوده إلى الله".
وفي موضع آخر يقول: "إنّ هناك بداهة من أشد بداهات الإيمان أهميّة، تلك هي أنّ الله سبحانه مادام قد عبّر عن إبداعه وقدرته الكلية على مستوى الروح والمادة، الإنسان والطبيعة، فليس ثمة معنى أبداً لأي موقف بشري من المادة أو الطبيعة يتميز بالهروب أو الإحتقار أو السلبية أو الإستعلاء. إنّ هذا الموقف مهما كانت درجته غير مبرر في بداهات الإيمان ولا في مقتضيات (الإستخلاف)، ليس هذا فحسب، بل إنّه يقف نقيضاً لهذه البداهات والمقتضيات، ومن ثمّ فهو مرفوض من القرآن الكريم ابتداء".
ومع هذا الذي يبدو من اقتراب الكاتب من طبيعة العلاقة بين الإنسان والطبيعة، لكن الكاتب لا يلبث أن يعود، فيركِّز على قضية (الصراع) مع الطبيعة، فيقول: "إنّ الصراع نفسه يتخذ أشكالاً عديدة لا تقتصر على تقابل الضدّين وتغلب أحدهما على الآخر في عالم الفكر أو المادة.. إنّه يبدو أحياناً إرادة ذاتية تسعى إلى التوحيد والإئتمان الذاتي في وجدان الإنسان، ومع المحيط الخارجي، ويبدو أحياناً أخرى رغبة فعّالة في تحقيق تفاهم متبادل وتعارف وثيق وسليم عام بين الإنسان والإنسان أو بينه وبين الوجود".
فلماذا تكون العلاقة (صراعاً) إذن؟
ولماذا لا نُسمِّيها علاقة (استثارة) لبذل أقصى المذخورة؟!
أجل.. ليس في حركة الحضارة (صراع) من نوع ما، ولا بين المرأة والرجل، ولا بين السالب والموجب، ولا بين أي ذكر وأي أنثى في الحيوان ولا في النبات ولا في الجماد، وإنّما هناك تلك (الإستثارة) التي يبذلها كل من الطرفين المتقابلين، ليستخرج كل منهما أقصى الطاقة المذخورة، حتى يتحقق التكامل المنشود في أفضل صوره الممكنة.
إنّه حوار فطري ثنائي تقتضيه طبيعة الحياة التي فطرها الله عليها، إنّه حب خفي، ووئام، وتكامل، تحققه الحياة بأسلوبها المتنوع..
وإلا فمن دون التقابل المتناغم كيف تعرف خصائص الأشياء؟ بل كيف تعرف حقائق الأشياء؟ فمن دون الأسود كيف نعرف الأبيض؟ ومن دون النار كيف نعرف الليل؟ ومن دون الكره كيف نعرف الحب؟ وكيف نعرف (فوق) إذا لم نعرف (تحت)؟ أو (الشمال) إذا لم نعرف (الجنوب)؟
إنّ القضية تتصل بناموس كوني كبير صاغه الله، وهو ليس (ديالكتيكا) جدلياً، يخضع لصراع تناقضي، بل هو اختلاف وتنوع لا تتحقق (سيمفونية) الحياة التي تقتضي طبيعتها اختلاف الإيقاعات إلا به.
فلكي تنشأ الحياة وتنمو وتزدهر لابدّ من هذه (الزوجية) الإزدواجية المتقابلة المتكاملة.
(حتّى إذا جاءَ أمرُنا وفارَ التَّنورُ قُلنا احْمِلْ فيها مِن كلٍّ زَوجَينِ اثنَين) (هود/ 40).
إنّها سفينة واحدة، لا تحتمل حدّة الصراع، وإنّما الذي تحتمله هي هذه (الزوجية) المتحاورة المتنوعة المتكاملة.

- القرآن المسطور يقود إلى فقه الكون المنظور:
ثمة آيات قرآنية كثيرة تتصل بالكون، وتتحدّث عن عوالمه المختلفة، المشاهد وغير المشاهد، والمعلوم وغير المعلوم:
(فلا أُقسِمُ بِما تُبصِرُون * وَما لا تُبصِرون) (الحاقة/ 38-39).
(فلا أُقسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم * وإنّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعلَمونَ عظيم) (الواقعة/ 75-76).
وكثير من الآيات تتكلّم عن صور من الإبداع الإلهي في عالم النبات، وعالم الحيوان، وعالم الطبيعة والإنسان (سَنُرِيهِم آياتِنا في الآفاقِ وفي أنفُسِهِم حتّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أنّهُ الحق) (فصِّلت/ 53)... وكثير من الآيات تتحدّث عن مفردات دقيقة في عوامل الكون، وهكذا بصفة إجمالية نجد القرآن الكريم حافلاً بالآيات العظيمة التي تشد انتباهنا وتلفت نظرنا إلى ذلك الكون البديع الذي نعيش فيه؛ لنرى كيف يسير بدقة وعظمة تنبئان عن أن لهذا الكون خالقاً، خلق وقدر ودبر، ومن هذه الآيات الآية التي تقول: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمواتُ السَّبعُ والأرضُ ومَن فِيهِنّ) (الإسراء/ 44)!! والسماء هي أسطع لوحة تدل على وجوب وجود الخالق وعظمته سبحانه بما تمتلئ به من الأجرام السماوية الضخمة التي يبلغ حجم بعضها أكبر من أرضنا ألف مرّة.. والتي يسير بعضها بسرعة أكبر من انطلاق القذيفة.. تسير كلها بلا مزاحمة ولا تصادم.. وتسير بلا ضوضاء ولا أعطال.. تحوي آلافاً من القناديل المضاءة التي تساعد الناس في سيرهم.. وهي تضاء بلا زيت ولا كهرباء وتجمل السماء وتجعلها زينة للناظرين.
- وما زالت السماء مع التقدم العلمي الهائل – وستبقى – مجالاً خصباً للبحث والإستكشاف؛ حيث يمكن القول إنّ ما عُرف عنها لا يساوي إلا نسبة مليونية مما يمكن أن يُعرف.. ومع ذلك، فكثير من تجليات الإبداع واضحة لكل مَن ينظر بعقل وبصيرة معاً إلى السماء وما فيها.
فإنّ مَن ينظر في السماء يلمح بجلاء – لو أعمل عقله وخلصت نيته – أنّ السماء وما فيها مسخر ومدبر وموظف، فمن يا ترى فعل ذلك بهذه القدرة الفائقة المعجزة؟ إنّه الله الذي لا إله إلا هو.. إنّها تمضي منذ خلقت وفق ناموس لا يختل قط..!!
- وعندما ننظر في الفضاء ونجده معرضاً للعجائب والخوارق كذلك، ففيه السحاب المعلق بين السماء والأرض، يسقي ساكنيها بالماء، الذي هو أساس الحياة عليها، ويلطف من حرارتها.
فمن الذي سخره وجمعه وأمره أن يُنزل الماء؟! إنّه الله سبحانه وتعالى.
- ثمّ هذا هو الهواء الذي يملأ الفضاء.. فكل ذرّة من ذرّات ذلك الهواء الجامد الذي لا يملك شعوراً، تسمع وتعي ما يلقى إليها من الأوامر الإلهية.. فيستنشقها جميع الأحياء.. وتنقل الأصوات وتنقل الحرارة والضوء والكهرباء.. وتصير وسطاً صالحاً لتلقيح النباتات.. وغير ذلك من الوظائف، فكيف انتظمت وأدّت ذرات الهواء دورها على هذا النحو؟!
- ثمّ لننظر إلى المطر الذي يغدقه الله تعالى علينا من خزائن رحمته على صورة تلك القطرات المتهاطلة، ولذلك أطلق على المطر اسم الغيث والرحمة.. كيف استقام أمر المطر على هذا النحو؟ وكيف أنّ أمماً تعيش على المطر في زراعاتها وحيواناتها؟
- فهل كان ذلك كلّه احتمالاً أو مصادفة؟ وكيف بقيت هذه المصادفة ثابتة آلاف السنين؟
- أو أنّها قدرة الله القوي اللطيف الكريم المحيط بكل شيء علماً، والذي عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، وينزل الغيث، وينشر رحمته، ويمسك السموات والأرض أن تزولا.. وصدق الله العظيم القائل في كتابه المبين: (أفرَأيتُمُ الماءَ الذي تَشرَبون * أأنتُم أنزلتُمُوهُ مِنَ المُزنِ أم نحنُ المُنزِلون * لَو نَشَاءُ جَعَلناهُ أُجاجاً فَلَولا تَشكُرون) (الواقعة/ 68-70).
وعندما ننظر أيضاً فوق الأرض، فنبصر عالم الحيوانات، وفوق الأرض وبين السماء والأرض فنبصر أسراب الطيور التي لا يمسكهنّ إلا الله وحده، والتي تمضي عابرة المحيطات بذاكرة كمبيوترية لا تخطئ طرقها ولا مساكنها.. عندما يتعمّق تفكير الإنسان، بعقله الواعي – في عالم الطيور والحيوانات على هذا النحو – يجد تلك الحيوانات والطيور تتكلّم بمئات الألوف من الأصوات المتباينة، والألسنة المختلفة، وسوف يجد ذلك الإنسان ثلاث حقائق عظيمة محيطة تشهد على وحدانية الله جلّ جلاله وهي: حقيقة الإيجاد والصنع والإبداع (أي حقيقة الإحياء ومنح الروح)، وحقيقة التميز مع الجمال، التي تتضح من خلال تلك المخلوقات غير المحدودة، والتي يختلف بعضها عن بعض بعلامات فارقة وبأشكال مزينة وبمقادير موزونة وبصور منسقة، ثمّ حقيقة خروج كل هذه الأنواع غير المحدودة من بيوض وبويضات متماثلة معدودة ومن قطرات بسيطة متشابهة أو مختلفة بفارق طفيف.
- فهل تمّ كل ذلك بالمصادفة أو الإحتمال؟ وأي مصادفة أو احتمال يصل إلى هذه العبقرية العجيبة: عبقرية عجيبة في الإيجاد؟
- وعبقرية في حفظ التميز الدقيق بين الأنواع حتى في الصنف الواحد.
- وعبقرية في إخراج كل هذا الإعجاز من بذور ضعيفة، وبويضات ضئيلة.. ومع ذلك فمع ضعفها وضآلتها، تحمل فهرستاً كاملاً بخصائص النوع ووظائفه لا تحيد عنه!!
- وإذا تركنا السماء والفضاء والماء والهواء والمطر.. ثمّ أدركنا النظر إلى الركن الأسفل الذي نبصره، أي إلى الأرض التي نسير فوقها بأقدامنا وننام بأجسادنا، ويخيل إلينا أنّها منبسطة ساكنة خامدة جامدة، بينما هي تمر مرّ السحاب وتدور عدّة دورات كما تدور عقارب الساعات.
- ومع ذلك، نجد فوقها جبالاً كالأوتاد.. هائلة ضخمة رهيبة.
والعجيب أنّنا عندما نتأمّل بفكرنا وعقلنا في عالم الجبال والصحارى، نجد أنّ وظائف الجبال الكلية وفوائدها العامّة من العظمة والحكمة بما يحير العقول؛ فمثلاً نجد بروز الجبال واندفاعها من باطن الأرض بأمر ربّاني يهدئ من هيجان الأرض، ويخفف من حدتها الناجمة عن تقلباتها الباطنية، فتتخلص بذلك من الزلازل المهلكة والتصدعات المدمرة، فالجبال أوتاد للأرض تحفظ توازنها، قال تعالى: (والجِبالَ أوتاداً) (النبأ/ 7)، وقال: (وألقَينا فيها رَوَاسي) (الحجر/ 19)، يضاف إلى ما في جوف هذه الجبال من أنواع الينابيع والمياه والمعادن والمواد والأدوية التي ادخرت بحكمة وكرم وتدبير.
ومع كل ذلك، فهذه الكائنات تتكامل في أداء أدوارها، وتمضي لوظائفها بحب وشوق ووفاق القانون الجاذبية بين السالب والموجب، والذكورة والأنوثة في كل شيء، وحتى علاقة الإنسان نفسه بالكون، مع أنّها علاقة تسخير بين (فاعل) هو الإنسان (وموضوع) هو الكون، إلا أنّ التسخير هنا – في الرؤية الإسلامية – ليس تسخير إذلال وصواع، بل هو تسخير ودود كريم استئناسي، فالرسول يحب جبل أحُد، كما أنّ جذع الشجرة كان يحن لرسول الله (ص)..!!
وهنا نؤكد ونزكي ما يؤكده لنا المفكِّر الإسلامي والمصلح الكبير بديع الزمان سعيد النورسي التركي (ت 1960م) من أنّ للجمادات حساً وعاطفة، مثلها مثل الحيوانات والطيور غير العاقلة.. ولها كلها – جمادات أو حيوانات – أشواق ولذائذ، وهو يؤيد مقولته بأن مَن يبصر بعض الجمادات يجدها تطلب شرفاً ومقاماً وكمالاً وجمالاً وانتظاماً، بل هي تبحث عن كل ذلك، وتفتش عنه لأجل إظهار الأسماء الإلهية المتجلية فيها، لا لذاتها، فهي تتنوّر وتترقّى وتعلو أثناء امتثالها تلك الوظيفة.
لنتذكّر أيضاً عالم الحيوانات والطيور غير العاقلة – هنا – أنّ الديك – مثلاً – مع أنّه غير عاقل يؤثر الدجاجات على نفسه، فيترك ما يلتقطه من حبوب رزقه الهين، دون أن يأكل منها. ويشاهد أنّه يقوم بهذه المهمة، وهو في غاية الشوق، وذروة اللذة، فهناك إذن لذة في تلك الخدمة أعظم من لذة الأكل نفسه.. وكذا الحال مع الدجاجة – الراعية لأفراخها – فهي تؤثرها على نفسها، إذ تدع نفسها جائعة في سبيل إشباع الصغار، بل تضحي بنفسها في سبيل الأفراخ، فتهام الكلب المغير عليها لأجل الحفاظ على الصغار.
وعلى هذا يقاس جميع ما في الكون من سعي وحركة، ابتداءً من دوران الشموس في أفلاكها، وانتهاء بدوران الذرات في دائرة جاذبيتها، حتى إن كل ذرة، وكل ذي حياة تبدو كالجندي في الجيش له علاقات ينجذب إليها، وله وظائف وارتباطات مع كل دائرة من الدوائر في جيش الحياة كله!!
وأيّاً كان الأمر، فإنّ مفردات الكون، أو ما نسمِّيه عالم الأشياء، ينقسم إلى ثلاثة أقسام.
قسم منها: كالماء يُرى ويُحس، ولكن لا يمسك بالأصابع.. ففي هذا القسم المادي ينبغي التجرُّد عن الخيالات والإنغماس فيه بكليتك.. بالطرق العلمية البحتة.. وسوف تكتشف أسراراً عجيبة في الماء وأشباهه تؤكد لك وجود الخالق العظيم.
والقسم الثاني: كالهواء، يُحس ولكن لا يُرى، ولا يُتخذ ولا يُمسك.. فهو نصف مادي ونصف معنوي، وهو بحاجة إلى العلم والبصيرة. وبهما تدرك عظمة اللطيف الرحيم الذي يقيم حياة الناس والكون على كائن لطيف على هذا النحو.
والقسم الثالث: كالنور، يُرى ولكن لا يُحس، ولا يؤخذ ولا يستمسك، فيحتاج لعمل الكيان الإنساني كلّه.. من بصيرة القلب إلى الروح.. لأنّ النور لا يؤخذ باليد، ولا يُصاد بالأصابع، وهو يعالج بالفكر والبصيرة.. وبالفكر (الموضوعي النقي) والبصيرة (النقية القوية) نستطيع أن ندرك بعض آفاق عظمة الله في الكون، ولكننا سندرك أوّل ما ندرك أن هذا الكون لا يقوم بغير خالقه الحكيم المدبِّر الخبير المهيمن الرحيم.
وسوف يدلنا كل شيء في الوجود على وجوب وجود الله القدير، وعلى عظمته المطلقة من جهتين:
الجهة الأولى: قيام كل كائن من الذرّات حتى المجرات ومن النملة حتى الفيل بوظائف تفوق طاقته المحدودة بآلاف المرّات، مع أنّه عاجز عن ذلك، فيشهد كل كائن بلسان عجزه على وجود الله القدير المطلق.
الجهة الثانية: توافق حركة كل كائن مع الدساتير التي تكون نظام العالم، وانسجام عمله مع القوانين التي تديم توازن الموجودات، فيشهد – بهذا الإنسجام والتوافق – على وجود الله العليم القدير.
(لو كانَ فِيهِما آلهةٌ إلا اللهُ لَفَسَدتا فَسُبحانَ اللهِ ربِّ العَرشِ عمّا يَصِفون) (الأنبياء/ 22).
ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.. فسبحان الله ربّ العرش عمّا يصفون!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: اليوم الآخر في القرآن الكريم    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:55 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Yoam-akr-fy-kran

الايمان باليوم الآخر هو حجر الزاوية في العقيدة الاسلامية، ذاك لان الانسان بطبعه لا يلزم نفسه بالطاعة إلا ان تكون من ورائها دفع مفسدة، أو جلب مصلحة، فالايمان بالله وبرسالاته لا يؤدي ثمرته إلا إذا كان هناك جزاء ينتظره الانسان، ومن ثم كان الايمان باليوم الآخر له دور كبير في إلزام الانسان بمنهج الله، ومن هنا جاء إهتمام القرآن باليوم الآخر إهتماماً لا يقل عن الإهتمام بالركنين السابقين "الإلهيات" و "النبوات"، ولنأخذ أمثلة على هذا الإهتمام:
1_ ذكر القرآن اليوم الآخر بما يصعب حصره، فلقد جاء ذكر الآخرة في القرآن بنحو (114) مرة. واليوم الآخر بنحو (26) مرة. أما أسماء اليوم الآخر فهي كثيرة جداً.
2_ في الغالب يأتي ذكر الايمان باليوم الآخر عقيب الايمان بالله دون فاصل ولنقرأ هذه الامثلة:
(ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر) (البقرة/177).
(ذلك يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) (البقرة/232).
(لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين. إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر) (التوبة/44-45).
3_ الشمولية الواسعة التي حظي بها اليوم الآخر في القرآن الكريم، فلقد بحث القرآن الموت والبعث والحشر والحساب والميزان والصحف والصراط والجنة والنار، وكل هذا بتفصيل دقيق لا سيما إذا كان الغرض الترغيب والترهيب.
هذا وسنعرض عقيدة اليوم الآخر في القرآن الكريم بنقاط مختصرة لكنها جامعة _إن شاء الله _ لإهم ما ينبغي أن يعرفه المسلم في هذا الموضوع_ وكما يأتي:
أـ ادلة وجود اليوم الآخر ومناقشة المنكرين:
يبدو أنّ القرآن إستخدم دليل "الخلق" في إثبات اليوم الآخر، فالله خلق الكون من العدم فما المانع من أن يخلقه مرة ثانية والإعادة في عادة البشر أهون من الإبتداء، وإذا كان الأمر ممكنا، والقرآن أخبر بوقوعه، والقرآن هو المعجزة الظاهرة، فعلامَ التكذيب؟! أستطيع أن أقول أن هذا هو الدليل الوحيد الذي إستخدمه القرآن في إقناع منكري اليوم الآخر، ولنقرأ بعض الأمثلة من القرآن الكريم:
(وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا. قل كونوا حجارة أو حديدا. أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم اول مرة فسينغضون اليك رؤوسهم ويقولون متى هو قل عسى ان يكون قريبا. يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون ان لبثتم الا قليلا) (الإسراء/49-52).
(أولم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فاذا هو خصيم مبين. وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم. قل يحييها الذي انشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم. الذي جعل لكم من الشجر الاخضر ناراً فاذا انتم منه توقدون. أوليس الذي خلق السموات والارض بقادر على ان يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم. انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون) (يس/77-83).
وربما استخدام القرآن دليلاً قريباً من الأول ونستطيع أن نسميه (دليل الملك) فمن هو مالك السموات والأرض والانسان؟ فالمالك هو الذي يتصرف في ملكه كيف يشاء، ولنقرأ هذا النص فقط:
(بل قالوا مثل ما قال الاولون. قالوا أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون. لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل ان هذا إلا اساطير الاولين. قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون. سيقولون لله قل افلا تذكرون. قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون. سيقولون لله قل فانى تسحرون. بل آتيناهم بالحق وانهم لكاذبون) (المؤمنون/81-90).
ب_ وصف اليوم الآخر بصورة إجمالية:
وسنأخذ هذا من خلال الأسماء التي منحها القرآن لليوم الآخر، وهذه أبرز تلك الأسماء فلننظر فيها:
1_ يوم الدين: (الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين) (الفاتحة/2-4).
2_ يوم القيامة: (ويوم القيامة يردون الى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون) (البقرة/85).
3_ يوم الحسرة: (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر) (مريم/39).
4_ يوم البعث: (فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) (الروم/56).
5_ يوم الفصل: (هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون) (الصافات/21).
6_ يوم التلاق: (يُلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق) (غافر/15).
7_ يوم الآزفة: (وأنذرهم يوم الآزفة اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) (غافر/18).
8_ يوم الحساب: (وقال موسى إنّي عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) (غافر/27).
9_ يوم التناد: (ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التناد) (غافر/32).
10_ يوم الجمع: (وتُنذر يوم الجمع لا ريبَ فيه فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السّعير) (الشورى/7).
11_ يوم الوعيد: (ونُفِخ في الصور ذلك يوم الوعيد) (ق/20).
12_ يوم الخلود: (ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود) (ق/34).
13_ يوم الخروج: (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) (ق/42).
14_ الدار الآخرة: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) (البقرة/94).
15_ الآخرة: (وبالآخرة هم يوقنون) (البقرة/4).
16_ الساعة: (حتى اذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرّطنا فيها) (الأنعام/31).
17_ يوم التغابن: (يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن) (االتغابن/9).
18_ الواقعة: (إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة) (الواقعة/1-2).
19_ الحاقة: (الحاقة. ما الحاقة. وما أدراك ما الحاقة) (الحاقة/1-3).
20_ القارعة: (كذبت ثمود وعاد بالقارعة) (الحاقة /4)و (القارعة، ما القارعة. وما ادراك ما القارعة. يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) (القارعة/1-5).
21_ الطامة الكبرى: (فإذا جاءت الطامة الكبرى. يوم يتذكر الانسان ما سعى. وبُرّزت الجحيم لمن يرى) (النازعات/34-36).
22_ الصاخة: (فإذا جاءت الصاخة. يوم يفر المرء من أخيه. وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه) (عبس/33-36).
23_ الغاشية: (هل أتاك حديث الغاشية. وجوه يومئذ خاشعة. عاملة ناصبة. تصلى ناراً حاميةً) (الغاشية/1-4).
ماذا يريد القرآن من كل هذه الأسماء؟ إنّ هذا الحشد ليس عبثاً إنّ كل اسم من هذه الأسماء يفتح لنا نافذة على ذلك اليوم الآتي، إنها لقطات مصورة، وكل لقطة تفعل فعلها في نفس هذا الكائن الضعيف (الانسان)، إنها تأخذه من تلابيبه لتوقفه على الصراط المستقيم صراط الله.
ج_ تفاصيل أحداث اليوم الآخر:
يبدأ اليوم الآخر بالنسبة للانسان بالموت، أما الكون بما فيه ومن فيه فبقيام الساعة، ثم تستمر الأحداث متتالية حتى الخلود الأبدي في نعيم الجنة أو في عذاب النار، فلنتسلسل مع أحداث اليوم الآخر.
1_ الموت: الموت ليس غيباً، وإنّما هو حقيقة مشاهدة محسوسة، وكل انسان يوقن أنّه سيموت، والموت لا يحتاج إلى تفسير وبيان، ولا ينبغي أن نذهب عميقاً في الفلسفات العميقة، فنسأل ما الموت؟ وما حقيقته؟ فهذا يبعدنا عن الحقيقة، فالحقيقة إن هذا الانسان الذي يتحرك ويكد ويلهج ويبني ويهدم ويأكل ويشرب تأتي عليه لحظة ينقلب إلى قطعة هامدة فلا حركة ولا كلمة ولا أي شيء، ثم يتأذى أقرب الناس إليه بجثته الهامدة، لقد أصبحت نتناً وجيفة لا تطاق، فيتخلص أهله منه بأي طريق!! هذا هو الموت، فهل يشك فيه انسان؟ وهل الانسان بحاجة إلى أكثر من هذا؟.
ذكر القرآن الموت ذكراً كثيراً، ويكفي أن نعلم أنّه كرر لفظ (الموت) وما اشتق منها بنحو (165) مرة.
ومجرد تذكير الانسان بالموت مغزى يهدف إليه القرآن، فالانسان ينسى وهو بحاجة إلى من يذكره، ينسى الموت فيشقى ويطغى، لكنه إذا ذكر الموت ربما اتعظ وادّكر، ولكن القرآن قد يذكر الموت لا للتذكير فحسب بل ربما يقرن معه غايات أخرى ولنأخذ هذه الأمثلة:
(لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين) (الدخان/8) وهنا جاء للتذكير بقدرة الله الفعّال لما يريد.
(فلولا إذا بلغت الحلقوم. وأنتم حينئذ تنظرون. ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون. فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) (الواقعة/83-87) وهنا جاء لتقرير ضعف الانسان.
(ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملئكة باسطوا أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون) (الأنعام/93) وهنا جاء نذيراً للطغاة والظالمين.
(حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تُبتٌ الآن) (النساء/18) وهنا جاء لبيان ندم الانسان العاصي الغافل ساعة الموت.
(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً ) (آل عمران/145) وهنا جاء ليثبت أنّ الموت مقدّر وله أجل محتوم. وتصور كم ستلقي هذه العقيدة في نفوس أتباعها من جلد وشجاعة وإقدام.
(كلُّ نفسٍ ذائقةُ الموتِ) (آل عمران/185) القرار العام الحاسم الذي لا إستثناء فيه، الأنبياء، الطغاة، الملائكة والشياطين، الأولين والآخرين، يا له من قرار!!
2_ القبر والبرزخ: وهي المرحلة التي تأتي بعد الموت مباشرة وفيها يحجب جسد الميت ويحال بينه وبين الدنيا، وهذا الحائل هو الذي يسمى "البرزخ".
ولم يقف القرآن طويلاً عند هذه المرحلة، فكل ما ذكره عن البرزخ (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون. لعلي اعمل صالحا فيما تركتُ كلا إنّها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) (المؤمنون/99-100) والآية توضح حقيقتين: الأولى: وجود مرحلة يقول فيها الانسان: رب ارجعون، هي بعد الموت قبل البعث. والثانية إنّ بين هذه المرحلة والمرحلة الأولى برزخ (حاجز) ومن أراد أن يكسر هذا الحاجز يقال له: كلا.
وأما القبر، فمع أنّ القرآن ذكره ثماني مرات بمشتقاته، إلا إنّ القرآن لم يذكر عنه لذاته شيئاً جديداً، فمثلاً يقول القرآن: (ثم السبيل يسره. ثم أماته فأقبره) (عبس/20-21)، وهذا معلوم فالميت يقبر، لكن الله أراد التذكير بقدرته _سبحانه _ وضعف عبده، ويقول ايضاً: (وأنّ الله يبعث من في القبور) (الحج/7)، فهذا الكلام عن البعث أكثر مما هو عن القبر، ونحو هذا قوله _تعالى _ (وإذا القبور بُعثرت. علمت نفس ما قدمت وأخّرت) (الإنفطار/4-5).
والمقصود إنّ القرآن لم يحدثنا عن تلك المرحلة، طبيعتها وطبيعة الانسان فيها، وعمرها، لم أجد في القرآن من هذا شيئاً، نعم ربما هناك إشارات كما في قوله _تعالى _: (النار يعرضون عليها غدوّاً وعشياً ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشدّ العذاب) (غافر/46) فالعرض إذا كان قبل قيام الساعة فهو في عالم البرزخ _والله أعلم _ لكن تبقى الحقيقة إنّ الله لم يفصّل لنا تلك المرحلة، ولم يطلعنا على جوانبها، فلماذا؟! الله وحده هو الذي يعلم. ولكن إذا كان المقصود بذكر اليوم الآخر أساساً هو الإعداد ليوم الحساب ترغيباً وترهيباً فإن تفصيل القرآن للجنة وما فيها والنار وما فيها مع التأكيد بأنّ الانسان بعد موته لا يمكن أن يرجع إلى الدنيا فبينه وبينها برزخ، هذا يكفي لمن كان له لب _والله اعلم _.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: سبيلنا إلى حياة إسلامية    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:56 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Sbelona-hat-eslama

«قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ»(يوسف /108)
الإسلام رسالة تستوعب دنيا الإنسان وتلبي كل حاجاته وتنفتح على كل ما يمس واقعه من بعيد أو قريب بهذا اللون من العمق تؤلف عملية انقلابية ثورية ترفض بعنف وبحزم كل مرتكز ذهني وكل سلوك وكل تفاعل يجري في دنيا الإنسان وهو على منأى من منهج الله تعالى ثم هو بعد ذلك حركة تأريخية كبرى تتخطى أبعاد كل زمان ومكان ولا يقبل المساومة ولا الوسطية ولا أنصاف الحلول ولا أن يقبل أية صيغة تفاهمية مع الواقع الإجتماعي وقواه الضالعة في ركاب المناهج الوضعية وإنما هو مد ثوري هائل يفرض وجوده ويجسد اطروحته في الحياة بشكل يحقق فيه كل تطلعات الإنسان ويلبي كل أشواقه وميوله الفطرية متجاوزاً بذلك كل السمات السلبية والتناقضية التي ترسبت خلال عهود الإنحراف عن المنهج الإلهي، لكن مسألة تجسيد الإسلام الحنيف لاطروحته الحياتية هذه في دنيا الإنسان لا تتحقق –من وجهة نظره- بصفة ميكانيكية عفوية وإنما هي ثمرة بذل جهد وحصيلة عرق ووقت –هذا الإنسان- محوره ومجاله وأُفقه ومادته وقوامه، الإنسان – سّيما انسان هذه المنطقة- هو المسؤول والمكلف بجعل الرسالة الإسلامية بأبعادها التغييرية الكبرى التي تمتلك الفعالية الضخمة لتحقيق تطلعات الإنسان وأشواقه العليا، والمنطق والتاريخ يؤكدان بصرامة متناهية هذه الحقيقة فالشقاء والسعادة والتأخر أو التقدم هي مسائل من صنع الإنسان ذاته ولم تعد ذات صيغة قانونية مفروضة على الإنسان من الأعلى كما كان يعتقد في عصور أوربا الوسطى، فصانع التاريخ ودافع عجلته إلى الأمام هو الإنسان دون سواه على الإطلاق وهو مالك زمام امره في اطار القوى التي اسبغت عليه كما هو مالك زمام واقعه وليس بمقدور قوى الأرض الأخرى أن تغير من هذا المقياس السليم، ومن خلال هذا المنطلق الحيوي الأصيل وضع الإسلام ثقته الكاملة بالإنسان وحباه قابلية صنع تاريخه: مجده وعزته أو خنوعه ومسكنته طبقاً للإطار والمضمون الفكري الذي يحمله رسالة ومنهج حياة.
إلاّ إنّ الجهد الإنساني المبذول لتحقيق العمل التغييري في المجتمع ليس ذا وجهة واحدة لا يتخطاها وإنما تتحدد طبيعة العمل وأبعاده وشدة الجهد المبذول ووطأته طبقاً لمكانة الرسالة في الكيان الإجتماعي فهذه المسألة –مسألة مكانة الرسالة في دنيا الإنسان- هي التي تملك حق تحديد حجم الطاقات المبذولة لخدمة الرسالة ذاتها قوة وضعفاً، فتارة تكون الرسالة قد ضربت جذورها في اغوار المجتمع واصطبغت بها روحه ونفسيته فعاد مؤمناً بها حاملاً لسمتها إلاّ أن لوناً من الوان التلاعب على بعض الأطر التشريعية أو الفكرية قد برز على بعض واجهات المجتمع كسياسة الدولة الإقتصادية أو تعاطي الخمر من لدن فريق من الناس ونحو ذلك، وتارة تكون الرسالة قد تعرضت لعوامل التذويب على الصعيد الإجتماعي والفكري ونحوه بوسائل تربوية أو اعلامية أو تشريعية كما يتعرض إنسان الرسالة هو الآخر إلى عملية مسح ذهني وفكري وسلوكي واسع وفقاً لخطط مبرمجة ومدروسة، وفي مثل هذه الحالة تكون الرسالة قد فقدت مركز القيادة في الأمة ولم تمتلك زمام المبادرة في التوجيه الإجتماعي لأتباعها كما سبق، كما أن اتباعها قد حملوا بديلاً لها [شارة الضياع] واللا إنتماء، وهكذا فإن كانت الأرضية الرسالية محفوظة في الحالة الأولى وإنما طرأ الشذوذ فحسب على البناء الفوقي للرسالة في وقت لم تنل القوالب الفكرية والتشريعية الأساسية عوامل التشويه فإن الأرضية الرسالية في الحالة الثانية هي التي أصبحت محور الهجوم التصفوي لكل اطرها ومفاهيمها وآرادها في الكون والحياة والإنسان، ومن هنا فمن الطبيعي أن تكون الجهود البشرية المبذولة في الحالة الثانية لإعادة السيادة للأطر الرسالية الأصيلة في حياة الفرد والجماعة تفوق حجم الجهود المبذولة في الحالة الأولى فلئن كان علاج الوضعية الثانية يتطلب عملاً تعبوياً مركزاً لتجسيد العملية التغييرية الكبرى في الكيان الإجتماعي وفقاً لمقتضيات الرسالة ومتطلباتها وطبقاً لمخطط عملي واسع النطاق يستوعب جهود العاملين لمدى من الزمن قد يطول، وعلى ضوء هذه المرتكزات الأساسية ينبغي أن نعي أبعاد المسؤولية الملقاة على إنسان الإسلام لأجل أن يعيد للأمة فتوتها وشبابها وأصالتها من جديد، لكن أبعاد هذه المسألة كما يبدو ليس بمقدورنا أن نستوعبها بمجرد النظرة السطحية التي تتسم بالطابع العاطفي والغيرة الدينية وإنما لا بد أن نحدد جوابنا بصيغة علمية واعية وصارمة مستوعبة لواقع الأمة ومكانة الرسالة لديها وهذه مسألة ذات صفة تدينية قبل أن تكون اجتماعية وسياسية ذلك لأن الرسالة الإسلامية من جانبها قد رسمت قوالب متعددة لعلاج أدواء الإنحراف التي تلعب ادواراً خطرة في صرف مسيرة الأمة الإسلامية عن أهدافها العليا فهناك قاعدة الوعظ والإرشاد ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنهج التبشير والتبليغ واسلوب الجهاد وغير ذلك من الصيغ العملية التي ألزمت الرسالة الإسلامية إنسانها بإلتزام كل منها ولكن في الظروف والملابسات والمناخ الطبيعي المعد لكل منها دون سواهاـ وما دامت قضيتنا بهذا اللون من العمق والأصالة فلا بد أن نلقي نظرة ولو إجمالية على واقعنا المعاشي ومدى علاقته بالإسلام كرسالة ومنهج حياة لنتبين بوضوح الاسلوب الأمثل الذي ينبغي أن تسلكه الأمة اليوم في معركتها من أجل الحياة ومن أجل أن تحمل من جديد المشعل المتفجر بالنور والخير الخصب والنماء.
انفتح جيل الأمة الإسلامية المعاصر على متناقض في لحمته وسداه فقد استقرت في ذهنه فكرة مشوهة عن مبدئه الإسلامي العظيم لا تقوى على حمله على الصمود في الصراع المستقطب بينه وبين الحضارة الأوربية الوضعية وقوتها العاتية، فلم يستقر في ذهن هذا الجيل من رسالته سوى اطارات ضيقة من الإسلام وصل عن طريقها إلى حدود القناعة بأن رسالته قد استنفذت أغراضها وليس في مقدورها بعد أن تنظم حياة الفرد وحاجات المجتمع في المجالات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، مما أوحى له بجواز إلتماس تشريعات وأُطر فكرية حديثة لعلاج مضلاته في الحياة، وهذه سمة تكاد أن تغلب على كافة قطاعات الأمة المتعلمة منها وغير المتعلمة مما أعطى لحملة الحضارة الأوربية مزيداً من الفرص للنفوذ في صفوف الأمة الإسلامية وتمرير مؤامراتهم الهوجاء على الرسالة الإسلامية على شتى المستويات وقد دشنوا مخططهم المحكم الصنع بعمل عسكري استهدف القضاء على الكيان الدولي للأمة المتمثل بآخر دولة تستند على القاعدة الفكرية للإسلام كقاعدة للتقنين ومصدر للتشريع لمختلف النشاطات الإجتماعية والسياسية –هي الدولة العثمانية- وكان لهم ما أرادوا إذ سقطت الدولة العثمانية صريعة أمام الطوفان كنتيجة طبيعية للخواء الروحي الذي ألم بمجموع الأمة ونتيجة كذلك لعدم إدراكها لمدى مسؤولياتها الجسيمة في الحيلولة دون الإنهزام حضارياً أمام اعدائها التقليديين وبسقوط هذا الكيان الذي لا يمثل التركيب الأصيل للدولة الإسلامية وإنما هو مظهر يبرز الوجود الدولي للإسلام كرسالة للمسلمين كافة بين أمم الأرض بغض النظر عن العامل الإنحرافي الذي برز بشكل مفضوح على سلوك القائمين برعايته، بسقوط هذا الكيان السياسي وقعت الأمة على عتبة تاريخ جديد من حياتها تاريخ ينضح بالتبعية والميوعة والضياع والتخلف، وقد آن الأوان ليحتفظ الغزاة بمكسبهم الجديد وفق مخطط مدروس وهكذا بدأت حملة تربوية دعائية عريضة لتحقيق بنود هذا المخطط خطوة خطوة لقلب ركائز المجتمع الإسلامي المبتنى على أساس الإسلام، وافتتحت المدارس أبوابها لتتلقى شباب الأمة جيلاً بعد جيل بعد أن صمم لهم منهج تربوي خاص يضمن تخرجهم على ضوئه رجالاً لا يحملون من رسالتهم الغراء غير صورة قائمة مشوهة المعالم على أحسن تقدير!! وهذا أمر من البداهة بمكان سيّما وأن الطالب يتلقى في مراحل الدراسة المعدة له لونين من المواد الدراسية فإما دراسات لا تمت إلى الإسلام بصلة كدروس الإقتصاد و الإجتماع ونحوها، وأما دراسات ذات علاقة بتراث الإسلام كمناهج التاريخ والدين وأن حمل اسم الإسلام إلاّ أنّه لا يحمل في طياته إلاّ طقوساً عبادية أو نصوصاً أخلاقية ليس غير، بشكل جاف فاقد للروح الأصيلة للمنهج الإسلامي وليس بمقدورها صناعة الشخصية الإسلامية التي يهدف الإسلام لخلقها لتكون قوة فاعلة مغيرة في دنيا الإنسان، وأما منهج التاريخ المقرر فإنّه وإن يتناول حياة بعض القادة الإسلاميين أو بعض أحداث التاريخ في العصور الإسلامية إلاّ إنّه يعمل على تجريد الأحداث من روحها وجوهرها، فحين يتناول المنهج حياة الرسول (ص) فإنّما يتناولها بالاسلوب الذي يتناول فيه حياة كسرى وقيصر ونابليون متناسياً الدور الرسالي والعملية التغييرية الكبرى التي اضطلع الرسول (ص) بمهامها على ظهر هذا الكوكب، وعلى هذا النمط تجري دراسة كافة أحداث التاريخ الإسلامي فمعركة بدر الكبرى التي تمخضت عن إنتصار مؤزر لصالح الإسلام ومعسكره الفتي على حساب القوى الضالة في ركاب الواقع الجاهلي المتفسخ مع ضعف الإمكانات المادية التي حظي بها المعسكر الإسلامي وقتئذٍ، هذه المعركة الفاصلة في تاريخ الأمة ورسالتها تجردها مناهج التاريخ المقرر من محتواها ومدلولاتها التي عكست حتمية النصر، فبدلاً من أن تترجم محتواها العقائدي القائم في وعد الله القاطع بالنصر ووقوف الملائكة إلى صف المعسكر الرسالي، تعكس المسألة فحسب على شكل معركة دخل عامل الصدفة أو الصمود أو غير ذلك فيها ليعطي محمداً (ص) وأصحابه فرصة كسب الموقف العسكري، وهكذا تبدو مسألة التاريخ الإسلامي وقضاياه كلها بهذا الشكل المادي من خلال مناهج التاريخ التي يعول على دراستها في الجو المدرسي، هذا على الصعيد التربوي لأجيال الأمة الناشئة.
أما على مستوى قطاعات الأمة الأخرى بمجموعها فقد تعرضت هذه لعملية مسح فكري وسلوكي عنيد نهضت بأعبائه مؤسسات اجتماعية وتربوية من نمط آخر فالأفلام السينمائية الداعرة والملاهي الماجنة والأغاني العابثة وحانات الخمر ودور البغاء ودور النشر والصحافة كلها أدوات تحت تصرف النفوذ الإستعماري وقوى العمالة السائرة على خطهِ، وتتابعث أدوار المسرحية فكان إقصاء الإسلام كقاعدة للتقنين عن دنيا الإنسان المسلم تماماً، وعلى شتى المستويات الإجتماعية والإقتصادية والسيايسة، وقد تمت تلك وفق عملية منهجية كان آخرها إلغاء لنظام الأسرة الذي كان مساوقاً لتعاليم الرسالة الإسلامية وإستبداله بقانون الأحوال الشخصية الجديد الذي استعير من النظم الغربية وهذا ما جرى أو يجري فعلاً في كثير من بقاع الوطن الإسلامي الكبير، ومن الطبيعي جداً أن يعمل النفوذ الإستعماري على خلق غطاء لحماية هذه العمليات ونتاجها المر، وهكذا انبثقت فكرة إنشاء الأحزاب والحركات السياسية على المستوى الإقليمي والقومي ليكون أبناء الأمة الذين انشئوا انشاءً روحياً وفكرياً في إطار التربية الغربية بمثابة الناطق الرسمي بلسان الحضارة الغازية وليكونوا كذلك قدوة لغيرهم في احتضان الأيديولوجية الجديدة الوافدة ثم ليتولوا دور الحارس الأمين لمطالب [رسالة الرجل الأبيض] والحامل المخلص لتعاليمها وخطوطها ومفاهيمها، وهكذا انيطت مسؤولية إدارة شؤون الأمة في كل اصقاع الوطن الإسلامي فيما بعد بتلك القوى الجديدة الحاملة لحضارة أوروبا أو القائمة على تفث سمومها في هذه الأرض الغريبة عنها.
واضطرمت نار الحرب العالمية الثانية فتعرضت مصالح المعسكر الغربي وعلى رأسه بريطانيا لخطورة بالغة وكادت النازية الهتلرية أن تبتلع المصالح البريطانية وحلفائها مما حمل الغرب على الإستنجاد بالمعسكر الإشتراكي الناشئ لقاء اعطائه مزيداً من الفرص لإسناد الحركة الشيوعية في المستعمرات البريطانية وغيرها، وهكذا برز على صعيد وطننا الإسلامي فصل جديد من المسرحية الأوربية تمثلت بالخطر الماركسي الإلحادي الذي بات يهدد عقيدة الأمة ورسالتها وتراثها بالدمار.
هذه بعض الركائز التي ساهمت في حرف الأمة عن مسيرتها وكادت أن تقطع الصلة بينها وبين رسالتها الكبرى في الحياة وحولتها إلى أمة ضائعة مهزومة خائرة القوى تتوزعها الشعارات وتقتسمها الأهواء.
وهكذا فإن الإستقراء المنطقي الواعي والتحليل العلمي الصحيح لواقع امتنا اليوم يكشف عن مدى الإنحراف عن الخط الرسالي على الصعيد العملي والفكري الذي تقبع فيه الأمة منذ مطلع هذا القرن وإن أي فهم سوى هذا الفهم لواقع أمتنا يعتبر فهماً هزيلاً فاقداً للصفة العلمية والموضوعية، ومن هنا فان الصيغة النهائية لمشكلتنا التي عرضنا نماذج منها تقودنا للإهتداء من خلالها لإستراتيجية عمل مثمر وبناء لإستعادة وجودنا الحضاري لنبوأ مقعدنا الطبيعي بين أمم الارض كخير أمة أخرجت للناس وهنا يضع العاملون أيديهم على رأس الخيط الذي يقودهم إلى وعي صارم محدد لطبيعة العمل من أجل الرسالة الإسلامية التي يبدو إنحسارها جلياً عن دنيا الإنسان اليوم، كما يصبح بمقدور العاملين في الخط الإسلامي كذلك أن يدركوا حجم الطاقات التي تناط مسؤولية النهوض بها بإنسان المنطقة –الإنسان المسلم- في الوقت الحاضر ليأتي العمل والجهد هادفاً بناء يوازي في حجمه وأبعاده وفاعليته حجم التروي وأبعاد الميوعة وفاعلية الضياع الذي يكتنف حاضر هذه الأمة المجيدة.
وهكذا فإن الطابع التغييري الذي يتسم بالرفض الصارم العنيد للواقع الإيدولوجي والعمل الذي تتبع فيه الأمة اليوم هو الإطار الطبيعي للعمل الإسلامي على طول الوطن الإسلامي الكبير، وإن أيّ تلكؤ أو تغاضٍ عن هذه الحقيقة يعتبر إلهاء للأمة في معارك جانبية وصرفاً لها عن واقع معركتها الحقيقية وتبديداً بطاقاتها وجهودها في عمل هامشي لا يمس واقعها بالصميم، ولا بد اذن أن يكون الإطار الطبيعي الذي تتحرك فيه الأمة على خط العمل الإسلامي هو التبشير بالمحتوى الفكري والتشريعي للرسالة الإسلامية على صعيد الفرد والجماعة و العمل كلما من شأنه على إنشاء الشخصية الإسلامية الأصيلة إنشاءً روحياً وفكرياً وعملياً فإن تبديل المحتوى الداخلي لإنسان المنطقة وفقاً لمقتضيات المنهج الإسلامي الكريم يعتبر المنطلق الحيوي لصناعة المجتمع الذي تصبوا إليه الرسالة الإسلامية «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»(الرعد /11).
أما الجوانب الفوقية –لواقع الأمة- فإن العمل على مستواها ينبغي أن يصدر بعد إستكمال شروطه الأساسية فممارسة منع تعاطي الخمر في بلد ما يجب أن يتم بعد أن يتهيأ المجتمع هناك نفسياً وروحياً لتقبل تلك العملية وهذا أمر يصدق على سائر الأعمال الفوقية الأخرى من ربا وسفور وميسر وغير ذلك، ونحن لا يهمنا بعد ذلك البعد الزمني الذي تستغرقه العملية الإجتماعية هذه بقدر ما يهمنا إننا نسلك الخط الطبيعي للعمل الإجتماعي وإن جهدنا المبذول على مستوى هذا الخط يخدم قضيتنا الكبرى بالصميم و إنه لا ينحرف بحال من الأحوال عن مسار حركة الأمة التأريخية الصاعدة نحو الخير والعطاء، إلاّ إنّ إلتزامنا بواقعية العمل الإجتماعي ليس هو الضمان الوحيد لإنطلاقتنا التأريخية المنتظرة فحسب فلإنسان الإسلام على صعيد العمل الإجتماعي ضمانات ثرة تلهمه روح الصمود على جبهات العمل الشاق الطويل وتمنحه فاعلية ضخمة على تخطي عقبات الطريق برباطة جأش وشجاعة قلب وثقة بالنفس لا تتزعزع بشكل لا يتسنى لإنسان اية رسالة أخرى:
أولها: الروح التقديسية التي يشيعها الإسلام في نفوس تابعيه والتي يجري بمقتضاها الإيمان المطلق من أن التصورات والمفاهيم والتلقينات الإسلامية برمتها إنما هي صادرة من خالق هذا الوجود سبحانه هذا الذي يتخطى كماله المطلق كل اجتهاد وظن وتخمين، مما يلهم إنسان الإسلام على ضوء هذا المنطلق أن رسالته التي يعمل على إستعادة وجودها إلى دنيا الإنسان ترتفع في صواب منطقها وصلاحياتها على كل منهج واجتهاد ورأي لأن سائر المناهج الإجتماعية لا تعدو أن تكون نتاجاً لعقول وتجارب بشرية لا يمكن أن تبلغ ما يبلغه الإسلام الحنيف في نفوس مريديه في كونه المنهاج الإلهي الفريد الذي اصطفاه الله سبحانه لعباده وابتعث به النبي محمداً (ص) رحمة للعالمين.
ثانيها: تجنيد كافة الدوافع الذاتية لدى الإنسان لخدمة الرسالة في الميدان العملي وهذه مسالة تصدق على المنهج الإسلامي دون سائر المناهج الإجتماعيه ايضاً فالإسلام يدفع اتباعه للعمل في خضم ميدان الصراع المستقطب بينه وبين المناهج الوضعية في الأرض ليتحقق الإنعطاف التاريخي لصالحه وإن كان ذلك على حساب الإنسان المسلم ذاته، والإنسان المسلم يندفع بدوره بحرارة شابة تواقة لبلوغ الأهداف العليا التي تستهدفها رسالته الغراء، وكثيراً بما يحسر ماله وجهده واستقراره وفي أحايين أخرى يخسر ذاته، ولكنه موعود من لدن الرسالة ذاتها بالتعويض المضاعف لما فقد، حين يفد إلى ربه في دار الخلود الرضوان بعد موته المحتوم «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»(التوبة /120و121). وهذا المبدأ الحي يعتبر علامة فارقة بين الرسالة السماوية وغيرها من مناهج الأرض، فإن كان الإسلام يضمن بجدارة تعويض الخسارة التي يمنى بها مريدوه في حالة الكفاح من أجله في عالم الخلود اللامحدود فإن أي رسالة أو أي منهج إجتماعي آخر لا يملك مثل هذه الفاعلية على الإطلاق فالجهد الذي يبذله أنصار المناهج الوضعية في صراعهم في الميدان العملي لا يوفر لهم مكسباً ولا ربحاً ذاتياً سيَّما في الحالة التي يفقدون معها حياتهم في ميدان الصراع من أجل مبادئهم المؤمنين بها، وهكذا فأن الرسالة الإسلامية وحدها جديرة بتعويض اتباعها كل ما يستهلكونه في معركتهم من أجل الرسالة واستعادة وجودها في دنيا الإنسان.
ثالثها: الوعد القاطع بالنصر: والمسلم في الميدان العملي في سبيل رسالته لا توكل نتيجة عمله للظروف والملابسات وإن كانت هذه ذات دور لا يمكن أن يغض النظر عنه، إنما يوهب إنسان الإسلام ثقة كاملة بالنصر والفوز في نضاله الذي يشنه من أجل رسالته إذ يتلقى وعوداً إلهية صارمة بالنصر المؤزر في مهمته تتخطى في قوتها وأبعادها حدود الحتمية ولكنها وعود مشروطة بالإيمان العميق وبالعمل الجاد المخلص من لدن إنسان الإسلام ذاته دون هوادة ولا تردد في إطار الفرد وفي إطار المجتمع ليأتي الإنتصار حصيلة طبيعية لعناصره المعنوية والمادية وأبلغ نص يشير إلى هذه الحقيقة على ما يبدو قوله تعالى: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»(النور /55).
وهذه المسألة هي الأخرى تعتبر واحدة من أبرز خصائص العمل الإجتماعي على الخط الإسلامي التي لا تحظى بها رسالة إجتماعية أخرى نظراً إلى أنّ الإسلام الحنيف يبث في نفوس اتباعه روحاً إيمانية بالله سبحانه لا يبلغ مداها إيمان آخر وهذه الروح العقائدية ذات الأفق الرحيب تلهم إنسان الإسلام بدورها حتمية قيام وعد الله الصادق واقعاً حياً في دنيا الإنسان أن سلك هو من جانبه الخط الطبيعي للعمل التغييري في الكيان الإجتماعي، وقد كان لهذا المبدأ مصاديقه المروية في حياة الرعيل الأول من هذه الأمة يوم كانت تلك الطلائع تعمل وتناضل وتكافح من أجل رسالتها الحياتية وهي واثقة بالنصر الأكيد على اعدائها فتجد وعد الله لها مجتمعاً ودولة يقفان تحت راية الله سبحانه امتلكا ببضع سنين مركز الثقل على الصعيد السياسي والدولي بين أمم الأرض كافة.
وهكذا تبدو مسألة العمل الإجتماعي في الخط الإسلامي ذات خصائص وضمانات كبرى تنبع من الرسالة ذاتها فتجند طاقات الإنسان برمتها من أجل تقرير مصير الرسالة في المعترك الحياتي مما لا يتسنى نظيره لمنهج إجتماعي آخر على الإطلاق –كما تجلى من خلال هذه الدراسة الموجزة-.
ونختم حديثنا هذا بالتأكيد على ضرورة رفض الواقع المعاشي الذي تحياه أمتنا اليوم والتحرك في إطار الخط الإسلامي وفقاً لإستراتيجية عمل تغييري شامل على التبشير بالمحتوى الأيديولوجي للرسالة الإسلامية الغراء ويستوعب في أبعاده حدود الفرد والمجتمع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: المسلم.. والجمال    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:57 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Almslm-o-algmal

من الناس من يحسب أن هناك خصومة بين الإسلام وبين الجمال، تدعو المسلمين إلى التجهم في النظرة إلى الحياة، وإدارة الظهر إلى ما في الكون من آيات البهجة والزينة والجمال.. يحسبون ذلك، فيقولونه، أو يعبرون عنه بسلوك المتجهم إزاء آيات الجمال والفنون والإبداعات الجمالية فى هذه الحياة..
ولو كان هذا المسلك الخشن والغليظ والمتجهم، أثراً من آثار المحن التي يمتحن بها المسلمون في مرحلة الإستضعاف التي يعيشونها، ورد فعل للتحديات المعادية التي تفرض الهم والحزن على الوجدان الإسلامي المرهف، أو مظهر الغضبة لحرمات الله المنتهكة، لكان ذلك مبرراً ومفهوماً.. لكن أن يكون هذا التجهم، فى نظر هذا الفريق من الإسلاميين، هو مما يقتضيه المنهج الإسلامي في الحياة، فذلك هو الذي يدعو إلى إستجلاء منطوق ومفهوم المنهج الإسلامي إزاء جماليات الحياة..
وجدير بالتنبيه أن هؤلاء الذين يحسبون قيام التلازم بين التجهم ومخاصمة الأحاسيس الجمالية وبين منهج الإسلام، منهم الإسلاميون، الذين يحسبون – مخلصين – أن هذا هو الموقف الحقّ الصحيح فى هذا الموضوع، ومنهم الخصوم الذين يتخذون من مسلك الغلظة لبعض الإسلاميين تجاه جماليات الحياة سبيلاً للطعن على الإسلام.. فالقضية، إذن، أكبر من أن تكون "خياراً خشناً" لبعض من الإسلاميين هم أحرار في سلوكه، وإنما هي قد غدت واحدة من المطاعن التى يحاول نفر من خصوم المنهج الإسلامي استخدامها – ضمن مطاعن أخرى – لتشويه صورة منهج الإسلام في الفكر والحياة.. الأمر الذي يكسب الحديث عن هذه القضية أهميته، ويجعل له مكانه الطبيعى فى سياق الحديث عن معالم منهج الإسلام.
وبادىء ذي بدء، فإذا كانت "الحضارة" هي جماع إبداء الأمة فى عالمي "الفكر" و "الأشياء"، أي في "الثقافة" التي تذهب الإنسان وترتقي به، وفي "التمدن" الذي يجسد ثمرات الفكر – في التطبيق – والتقنية – أشياء يستمتع بها الإنسان المتحضر.. إذا كانت هذه هي "الحضارة" فإنها – كإبداع بشري – في المنظور الإسلامي وفي التجربة الإسلامية، وثيقة الصلة بدين الإسلام، كوضع إلهي، نزل به الوحى على قلب رسول الله، عليه الصلاة والسلام..
ففي التجربة الحضارية الإسلامية، كان "الدين" هو الطاقة التي أثمرت، ضمن ثمراتها، توحيد الأمة، وقيام الدولة، والإبداع في كل ميادين العلوم والفنون والآداب، شرعية وعقلية وتجريبية، كما كان الدافع للتفتح على المواريث القديمة والحديثة للحضارات الأخرى، وإحيائها، وغربلتها، وعرضها على معايير الإسلام، واستلهام المتسق منها مع هذه المعايير، لتصبح جزءاً من نسيج هذه الحضارة الإسلامية، التي وإن كانت إبداعاً بشرياً، إلا أنها قد اصطبغت بصبغة الإسلام الدين، كما كانت ثمرة للطاقة التى مثلها وأحدثها عندما تجسد في واقع المسلمين..
تلك هي العروة الوثقى بين دين الإسلام وبين حضارته، بما فيها من إبداع شمل مختلف الميادين: الشرعية.. والعقلية.. والتجريبية.. والجمالية..
بل إننا لو تأملنا في مكان "الهجرة" في دعوة الإسلام ودولته وأمته، لرأيناها أكثر وأكبر من إنجاز لإنقاذ الدعوة من حصار "الشرك المكي".. لأن الهجرة فى حياة هذه الدعوة لم تقف عند الهجرة من مكة إلى المدينة – ومن قبلها الحبشة – وإنما كانت، أيضاً، هجرة من "البداوة"، إلى "الحضارة"، من "البادية" إلى "الحاضرة"، من حياة "الأعراب"، التى تغلب عليها الغلظة ويسود فيها الجفاء، إلى حياة "العرب" الذين استقروا في "القرى"، فغدا بإمكانهم أن يقيموا "مدينة" و "حضارة" في هذه "القرى".. كانت إنجازاً حضارياً، ينتقل بالجماعة البشرية من طور ترحال البداوة، الذي يستحيل معه قيام "التراكم" في الإبداع – الثقافي والتمدني – إلى طور الإستقرار والحضور فى "القرى" الحاضرة، الأمر الذي يتيح لإبداعات الإنسان أن "تتراكم"، فتعلو بناءً حضارياً مناسباً للجهد الإبداعى المبذول فيه..
تلك هي "المكانة الحضارية" للهجرة في حياة دعوة الإسلام، في عصر صدر الإسلام، وتلك هى بدايات خيوط العروة الوثقى بين الإسلام الدين – الوضع الإلهي – بين الحضارة الإسلامية – الإبداع الإسلامي لأمة الإسلام..
وفي ضوء هذه "الحقيقة الحضارية"، نفهم اصطفاء الله سبحانه وتعالى، "مكة"، أم القرى – وحاضرة الحواضر – مهبطاً للوحي بالدين الجديد.. ونفهم مغزى كون "يثرب" – المدينة – وهي ثانية القرى والحواضر – هي دار الهجرة وعاصمة الدولة ومنارة الدعوة.. بل نفهم سر استمساك القرى والحواضر الثلاث – المدينة ومكة والطائف – بالإسلام، يوم ارتدت عنه، أو عن وحدة دولته، البوادي بمن فيها من الأعراب، عندما زلزلت وفاة الرسول (ص)، قلوب هؤلاء البدو والأعراب؟!.. نفهم جميع ذلك في ضوء العلاقة بين هذا الدين وبين الإبداع الحضاري للإنسان الذي تدين بهذا الدين..
بل ونفهم أن هذه العلاقة بين "الدين" وبين "الحاضرة"، ومن ثم "الحضارة"، ليست خصيصة إسلامية، إنما هي سنة من سنن الله في كل الشرائع والرسالات.. فكما اصطفى الله حاضرة مكة، لتبدأ منها الدعوة، قائلا لرسوله: (...وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)(الانعام/ 92)، أنبأنا فى قرآنه الكريم، أن هذا الإصطفاء إنما كان اطراداً لسنة إلهية.. (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ)(القصص/ 52).. فأم القرى، وحاضرة الحواضر كانت دائما هي موطن الرسل والرسالات، وذلك للعلاقة العضوية بين "الدين" و"الحضارة"، على امتداد تاريخ الإنسان..
ولأن هذا هو دور "الهجرة" في دعوة الإسلام وأمته ودولته، ولأن هذه هي وظيفتها الحضارية – الإنتقال بالإنسان – الأعرابي – من غلظة البادية وتجهم خشونتها – إلى مدينة الحاضرة وتثقف – تهذب – عقول أبنائها – .. لأن هذا هو دورها، وهذه هي وظيفتها الحضارية، كان المسلمون يستعظمون ويستنكرون رجوع المهاجر عن "المدينة" وانقلابه إلى "البادية" مرة أخرى، حتى لقد سموا هذا الإنقلاب "ردة".. وقرآناً في مصادر السنة ذلك السؤال الإستنكاري الذي سأله أحد الولاة لمن عاد فتعرب – رجع أعرابيا بعد هجرته –: "أرتددت على عقيبيك تعربت؟!"
تلك هي بدايات الخيوط بين الإسلام الدين وبين الحضارة، وهي بدايات لا ترشحه كي يوحي بالتجهم إزاءها، ولا بمخاصمة إبداعاتها الجمالية بحال من الأحوال!..
ثم.. إن "الجمال"، الذى يظن بعض من الناس مخاصمة الإسلام إياه، هو – إذا نحن تأملناه – بعض من آيات الله سبحانه و تعالى، التى أبدعها فى هذا الكون، وأودعها فيه.. إنه بعض من صنع الله وإبداعه سبحانه، سواه وسخره للإنسان، طالباً من الإنسان أن ينظر فيه، ويستجلى أسراره، ويستقبل تأثيراته، ويستمتع بمتاعه ويعتبر بعبرته (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(الأنعام/ 99).. إنها آيات خلق الله، يأمر الإنسان أن ينظر فيها..
وأينما يمم الإنسان بصره أو بصيرته أو عقله أو قلبه، فإنه واجد آيات الله التى خلقها "زينة" للوجود، ودعاه إلى النظر فيها.. (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ. وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ..)(الصافات/ 6-7)... (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)(فصلت/ 12)... (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ. إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ)(الحجر/ 16-18)... (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ)(ق/ 6)...
فهذه "الزينة" – التي هي آيات إبداع الله سبحانه وتعالى، هى "زينة – جمال" يدعو الله الإنسان إلى النظر فيها، بل يقول لنا: إن خلقها ليس "للحفظ" فقط، ولا "للمنفعة" وحدها.. وإنما "للزينة" التى أبدعها الله لينظر فيها الإنسان ويستمتع بما فيها من جمال!
ومثل ذلك حديث القرآن الكريم عن آيات خلق الله التى أبدعها لنا في صورة "الحيوان" المسخر للإنسان، فليست "المنفعة" المادية وحدها هي الغاية من هذا الخلق والتسخير، وإنما "الجمال" و "الزينة" أيضاً غايات يبتغيها الإنسان في هذا الخلق الذي خلقه الله.. (وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ. وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ. وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ)(النحل/ 5-8)...
فليست "المنفعة المادية" فقط هي غاية خلقها وتسخيرها للإنسان، إذ "الجمال والزينة" كذلك "منفعة" محققة ولازمة، أيضا، للإنسان!..
والبحار، التي سخرها خالقها للإنسان.. لا تقف منافعها عند المنافع المادية – اللحم الطري، وسبل الإتصال – وإنما ابتغاء "الحلية.. والزينة.. والجمال"، أيضا، من منافعها.. (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(النحل/ 14).
وعندما يشير الله سبحانه، إلى بعض من نعمه وآياته.. نرى قرآنه الكريم يلفت النظر إلى ما ينزل من السماء من ماء تمتلىء به الأودية فيحيي الأرض ويزينها للناظرين.. وإلى ما يستخرجه الإنسان، بالنار من حلى الزينة والجمال، المستخرجة من معادن الأرض.. ففي الزرع: طعام، وزينة، وفى الذهب والفضة: نقد، وحلية وجمال يتجمل به الإنسان.. (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ)(الرعد/ 17).
إن هذا الجمال وتلك الزينة، هي آيات الله، أبدعها وبثها في هذا الكون، وأمر الإنسان أن ينظر فيها.. إذن، فالنظر فى هذا الجمال، والإستقبال لآيات الزينة، وفتح قنوات الإحساس الإنساني على صنع الله هذا، هو إمتثال لأمر الله سبحانه وتعالى (انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ)(الأنعام/99).. (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا)(ق/6).. وهذا النظر، في هذه الآيات، هو سبيل من سبل الإستدلال على وجود الله، وعلى كمال قدرته وبديع صنعته.. وما تعطيل النظر في آيات الجمال هذه – باصطناع الخصومة بين الإسلام وبين جماليات الحياة – إلا تعطيل للدليل على وجود الصانع المبدع لهذه الآيات!..
ويستوي مع هذا التعطيل للنظر – بقمع أدواته وسد قنواته وإهمال ملكاته – "النظر" المجرد من "الإحساس" بآيات الجمال المودعة في هذه المخلوقات!.. والذين لا يرون في المحيط الذي يعيشون فيه غير "المنافع المادية"، ولا ترى بصائرهم آيات الجمال في هذا المحيط، لا شك أنهم معنيون وموصوفون بقول الله سبحانه (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)(الأعراف/ 179).
كذلك فإن تنمية الإحساس الجمالي لدى الإنسان المؤمن هو تنمية للكلمات والطاقات التى أنعم بها عليه الله.. وفى ذلك الشكر لِلَّه الذي أنعم بها.. وإن في استخدام هذه الملكات سبلاً للإستمتاع بما خلق الله في هذا الكون من آيات الزينة والجمال والشكر لله على نعمة خلقه لهذه الزينة ولهذا الجمال. وصدق الله العلي العظيم يقول: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)(الضحى/ 11). وصدق رسول الكريم عندما قال: "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".
وإذا كان المسلم – بحكم إيمانه وإسلامه – مدعو إلى التخلق بأخلاق الله، ليكون ربانياً، ومطلوب منه أن يسعى، قدر الطاقة – ومع ملاحظة فوارق المطلق عن النسبي – أن يسعى كي يتحلى بمعاني أسماء الله الحسنى.. فإن رسول الله (ص)، يعلمنا أن "الجميل" هو من أسماء الله.. ففي الحديث الشريف: "إن الله جميل يحب الجمال".. فالمسلم، إذن، مدعو إلى الإتصال بالجمال، الذي هو البهاء والحسن، في الفعل وفي الخلق، وإلى تنمية إحساسه بالجمال الذي أودعه الله في الكون، جمال الصور وجمال المعاني على حد سواء.. ففي ذلك "كمال" للإنسان و "سعادتة" له أيضاً.. وكما يقول الغزالي "فإن كمال العبد وسعادته التخلق بأخلاق الله تعالى، والتحلي بمعاني صفاته، وأسمائه، بقدر ما يتصور في حقه.. ليقرب بها من الحق قرباً بالصفة لا بالمكان.. لأن إستعظام الصفة وإستشرافها يتبعه شوق إلى تلك الصفة وعشق لذلك الجلال والجمال، وحرص على التحلي بذلك الوصف إن كان ذلك ممكناً.. أو يبعث الشوق إلى القدر الممكن منه لا محالة.. وبذلك يصير العبد ربانياً، أي قريباً من الرب تعالى.." عندما يكون جميلاً، يتصف ويستمتع بصفات وآيات الحسن والبهاء، التي أبدعها البارىء – الجميل، الذي يحب الجمال – ..
ولأن هذا هو موقف المنهج الإسلامي من آيات الجمال والزينة المبثوثة في الكون، من صفات الحسن والبهاء المتاحة للإنسان في هذه الحياة، كانت دعوة القرآن الكريم الناس إلى إتخاذ الزينة عند كل مسجد، أي إلى إقامة التلازم وعقد القرآن بين التزيين وبين دعاة الله والمثول بين يديه، فكلاهما – التزيين، والصلاة – شكر الله سبحانه وتعالى!.. (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف/32-31).. ونحن نلحظ أن هذه الآيات تدعو الإنسان – مطلق الإنسان. (يا بنى آدم) – وليس المسلمين وحدهم، وذلك تنبيهاً على أن هذا هو مقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها، طلب الزينة والجمال.. وتصحيحاً للإنحراف الذي جعل العبادة رهبانية تدير الظهر لصفات الحسن ومظاهر الجمال في هذه الحياة – (قل: من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) – .. إنه المنهج الإسلامي، الذي يعيد الإنسان – في هذه القضية، كما في سواها – إلى "فطرته"، والتي يمثل التجمل والتزيين ملمحا أصيلاً من ملامحها.
ولا يحسبن أحد أن "الزينة" التى يطلبها الإسلام ويأمر بها مقصورة على الثياب الحسنة، والطيب، وحسن التجمل، فقط، عند المثول بين يدي الله في الصلاة، ذلك أن "الزينة" إذا كانت اسماً جامعاً لكل شىء يتزين به.. فإن مصادر طلبها، ومواطن الإحساس بها مبثوثة في كل آيات الجمال التى خلقها الله وأبدعها وأودعها في سائر أنحاء هذا الوجود.. ففي الجنات وأزهارها – بل إن فى مطلق النبات – زينة للأرض، تتزين بها، وتتجمل، كي يستمتع بها الإنسان.. لقد كان من دعاء النبي (ص) – في حديث الإستسقاء –: "اللهم أنزل علينا في أرضنا زينتها"!.. وكانت دعوته إلى تزيين قراءة القرآن بالصوت الحسن: "زينوا القرآن بأصواتكم"!..
فالخيل "ستر وجمال للرجل يتخذها تكريماً وتجملاً، ولا ينسى حق بطونها وظهورها وعسرها ويسرها.."
ولقد ميز الإسلام ما بين طلب الجمال، والإستمتاع به، عندما يحكمه الإقتصاد والإعتدال، وعندما يكون شكراً لأنعم واهب هذا الجمال، وبين "الكِبْر" الذي نهى عنه الإسلام، وتوعد مقترفيه.. فعندما قال رسول الله (ص)، في الحديث الذي يرويه ابن مسعود –: "لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كِبْر".. عند ذلك قال رجل:
– يا رسول الله، إني ليعجبني أن يكون ثوبي غسيلاً، ورأسي دهيناً، وشراك نعلي جيداً – وذكر أشياء، حتى ذكر علاقة سوطه – أفمن الكِبْر ذلك يا رسول الله؟
– فقال رسول الله (ص): "لا! ذلك الجمال، إن الله جميل يحب الجمال. ولكن الكِبْر من سفه الحق وازدرى الناس! "
فالجمال محمود.. بل هو سعي على درب الإتصاف بطرف من صفات الله المعلنة في أسمائه، وليس هو الكِبْر المذموم، الذي هو تسفيه الحق وازدراء الناس.
ولقد أباح الإسلام للمرأة أن "تتجمل للخُطّاب"، إظهارا لنعمة الجمال، وطلباً للزواج.. وفي حديث الصحابية سبيعة بنت الحارث الأسلمية.. عندما توفى عنها زوجها سعد بن خولة، ووضعت حملها منه، وبرئت من نفاسها "تجملت للخُطّاب".. فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك – من بني عبد الدار – فقال لها: مالي أراك متجملة، لعلك ترتجين النكاح؟! إنك، والله، ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. فذهبت سبيعة إلى رسول الله (ص)، وسألت عن ذلك – عن "العدة" – وليس عن "التجمل للخُطّاب" – فلم يكن ذلك موضع خلاف! – قالت: "فأفتاني رسول الله بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي.."
ولقد كان منهج النبوة، الذي تجسد في سلوك الرسول (ص)، في خاصة نفسه، ومع أهله، وفي تشريعه للناس.. كان هذا المنهج – بصدد التربية الجمالية، والسلوك الجمالى – البيان العملي والممارسة التطبيقية للبلاغ القرآني، الذي شرع الله فيه منهج الإسلام في هذا الميدان..
فهذا الرسول، الذي جاء رحمة للعالمين، كان النموذج الأرقى للإنسان الذي يستشعر كل آيات الجمال في خلق الله، ويلفت النظر بهذا السلوك الجمالي، ليغدو سنة متبعة في مذهب الإسلام وحضارة المسلمين..
لم يكن الرسول "مترفاً"، ولا "مستغنياً"، ولكن الله قد أغناه عن الحاجة، بعد أن كان فقيراً عائلاً.. (وَوَجَدَكَ عَائِلا فَأَغْنَى) (الضحى/ 8).. لم يكن "الراهب" الذى يقيم الخصام بين مملكة الأرض ومملكة السماء.. ولا "الناسك نسكاً أعجمياً"، الذي يدير ظهره للدنيا وطيباتها.. كان يقبل الهدية، ويهدي إلى الناس، وكان يتصدق، دون أن تتطلع نفسه أو تمتد يده إلى شىء من الصدقات.. كان له من المال – في "فدك" – ومن الغنائم – سهم وصفايا – ما يكفيه وأهله، كإمام للدولة، وبمقاييس بساطة تلك الدولة ودرجتها في الثراء، في ذلك الزمان وذلك المكان.. كان المال في يده، ولكنه لم يستول على قلبه في يوم من الأيام!..
ونحن إذا شئنا أن نتلمس في سيرته – في خاصة نفسه – نماذج شاهدة على رقيه وارتقائه في السلوك الجمالي، والإحساس بالجمال، فإننا واجدون الكثير..
يروي ابن عباس فيقول: "كان رسول الله (ص)، يتفاءل، ولا يتطير، ويعجبه الاسم الحسن"!..
والذين يتأملون هذا السلوك، في ضوء قضيتنا، يدركون أن التفاؤل إنما هو ثمرة لرؤية إيجابيات الواقع وجماليات المحيط.. وهو ضد التشاؤم، الذى لا يرى صاحبه سوى القبح والسلبيات.. وأيضاً هو غير السذاجة، التى لا يبصر صاحبها لا الإبجابيات ولا السلبيات!.. فالتفاؤل موقف إبجابي من جماليات الحياة وإيجابيات المحيط..
وفي مأكلة ومشربه – على بساطتهما – كان طالبا للجمال والاستمتاع.. "كان يحب العسل والحلواء".. و"كان أحب الشراب إليه الحلو البارد".. فكان – على بساطة عيشه – ذواقة يحب الطيب والجميل من الطعام والشراب.. وقصصه شهيرة عندما كانت تعاف نفسه حلال الطعام إذا لم تستطبه نفسه، عليه الصلاة والسلام..
وكما لبس البسيط من الثياب.. فلقد "لبس جبة رومية..".. وعندما أهديت إليه جبة من ديباج منسوج فيه الذهب، لبسها (ص)، وقام على المنبر، وجلس ولم يتكلم! ثم نزل، فجعل الناس يلمسون الجبة وينظرون إليها!.. فلما خشى افتتانهم بأمثال هذه الأشياء، سألهم:
- "أتعجبون منها؟!"
- قالوا: ما رأينا ثوباً قط أحسن منه!
- فقال (ص): "لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون"!
لقد لبس هذا الذي لم يرَ الناس ثوباً قط أحسن منه.. لكنه ذكرهم بما هو خير منه وأفضل عند الله!...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: متطلبات الخطاب الإسلاميّ    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:58 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Mtalbat-ektab-eslame

إن من واجب المجموعات الإسلامية إدراكَ ماهية الخطاب الذي تتوجه به إلى الناس من حيث كونه خطاباً شرعياً، ومستمداً من خطاب الشارع، ولكي يكون كذلك لا بد له من الشروط التي يمكن تلخيصها على النحو التالي:

أولاً :أن يكون قائماً على جوهر التوحيد الذي لا يحدُّه زمان ولا مكان، وأن يكون مرتبطاً بفطرة الإنسان، يخاطب حقيقة وجوده ليضعه أمام حقيقة وجود خالقه ومدبره ورازقه.

ثانياً :أن يكون عالمياً ملماً بالأبعاد الحقيقية للحركة السياسية الثقافية والاقتصادية التي تجتاح العالم، وبالتالي أن يبين رأيه فيما يجري مسبقاً، وأن ينبه لما يمكن أن يقع من أخطار، ومقدماً الحلول الإسلامية القائمة على البراهين الواضحة للإنسانية جمعاء.

ثالثاً :أن يكون موحَّداً في مواجهة العولمة الهمجية، رافضاً الحروب والصراعات المادية والعرقية. فالحروب والصراعات لا تكون إلا لنصرة الحق والعدل، وليست صراعاً للفوز بثروات الدول الضعيفة كما هو حاصلٌ في أفريقيا، أو لاعتلاء عرش الطاغوت والاستكبار.

رابعاً :أن يكون مؤيداً لكل ما من شأنه نصرة الحق، ومتصدياً للمتسلطين على لقمة عيش الضعفاء، وضد تيارات القهر والتسلط التي تتيح للأقوياء هضم حقوق الناس والسيطرة على أرزاقهم.

خامساً :أن يكون طليعياً في المحافظة على البيئة الطبيعية في شتى مظاهرها كونها وجدت لخير الإنسان ونفعه، ولأن خالق الكون أودعها أمانة في عنقه.

سادساً :أن يكون مع إدارة الأمانة الاقتصادية على وجهها الصحيح وليس مع هدر الثروات واستباحة الحرمات تحت أي شعار.

سابعاً :أن يكون مع خير الإنسان أولاً وآخراً وليس خادماً لرأس المال، لأنه يبتغي الأمن والتقدم، والكرامة والرفعة، لا الاستعباد والاسترقاق، والتهميش والإلغاء.

هذه المهمات هي جوهر الخطاب الإسلاميّ، الذي يساعدنا على فهم طبيعة المهام وطريقة العمل الأسلم للوصول إلى الهدف الذي هو إعلاء كلمة الله وجعلها هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وإلى الغاية التي نصبو إليها كدعاة... وهي نوال رضوان الله جل وعلا.

إن هدفنا هو الدعوة وليس الدعاية، والفرق شاسع بين هذه وتلك. الدعوة تهدف إلى إقامة واقع جديد وبالتالي فهي قائمة على مشروع له مقومات تستند إلى الواقع وتعرّف طريقة معالجته على ضوء الحقيقة والشريعة. أما الدعاية فهي تسويق للإسلام وكأنه بحاجة إلى شيء خارج عنه. كلا، فالإسلام قائم بذاته، يجسّد المسلمون بعملهم الصالح حقيقته، ويدعون على ضوء فهمهم المستنير إلى ترسيخه في النفوس، وتطبيقه على أرض الواقع.

ولذا فإن التسويق يصبح غشاً، وبالتالي ينكشف أمام امتحان الاصطدام بالواقع وتحدّي المراحل والمستجدات.

إن هدفنا من حمل الدعوة إلى الإسلام هو إنقاذ البشرية جمعاء، لأن الإسلام هو دين الرحمة المهداة للعالمين، من الخالق الحكيم العليّ العظيم. وهو لا يميز بين أبيض وأسود، ولا بين عربيّ وأعجميّ، وهو يُلْزِمنا بالتعارف والتعاون على البر والتقوى.

إن هدفنا قائم على فهمنا التوحيد، لا نزرع الفتن، ولا نناصر التعصب، بل نعمل متحدين دون تمييز مذهبيّ، أو طائفيّ أو عرقيّ.

إن أهدافنا تخص الناس جميعهم، كبيرهم وصغيرهم، رجالهم ونساءهم، ولانستثني أحداً منهم.

إن أهدافنا مستقبلية تسعى إلى تحسين ما هو آتٍ وليس الدفاع عما مضى، ولذلك يجب أن نرقى بالأساليب والوسائل.

بناءً على ما تقدم تصبح طريقة عملنا واضحة، ومختلفة عن كل ما هو قائم، متميزة بالوحدة والتوحيد، مستنيرة بالواقع وما يحيط به من كل جوانبه، شاخصةً إلى الإمام للإجابة عن أسئلة المستقبل وتحدياته، نمدُّ يَدنا إلى طرفي العالم لنبنيَ عولمة إنسانية مسلِّمة لخالقها، مترفعةً عن الصغائر، مرتفعة بواقعها، حريصةً على أمانة الخلافة في الأرض.

هذا النهج يحتاج إلى بناء مراكز للدراسات تُعنى بتفسير وتحليل المسائل والإجابة عليها، ونشر الأفكار الإسلامية، في كل ما يخصها ويحيط بها.

الوسائل والأساليب:

إننا نرى أن الوسائل التي تتيح هذا التوجه تحتاج إلى ما يلي:

- ضرورة إيجاد مراكز دراسات، أو مجموعات للدراسات، تعنى بكل ما هو مطروح على المستوى المحلي، والمستوى العالمي، وما يحيط بهما من مشاكل لتجيب على كل الأسئلة التي تشغل بال الإنسان وتجعله قلقاً على الحاضر والمصير.

- إيجاد وسائل الاتصال الكفيلة بنقل هذه الأفكار الإسلامية العميقة المستنيرة لتتبناها الفئات الواعية وتعمل على أساسها. وبذلك يتوحد التوجه ويتوحد سير الحركات الإسلامية.

- إن العمل التنظيميّ الأفضل يبقى على شكل حلقات التثقيف الفكرية، ولكن يجب أن تلحق بها حلقات المهام وقوى الضغط والتأثير.

- إن الهدف من كل هذه الخطوات هو الوصول إلى إظهار سموّ ورفعة المجتمع المسلم إذا طُبّق الإسلام على حقيقته. وهذا يجسد القوة الفكرية والعلمية على أرض الواقع، لأن المسلم من واجبه أن يقتديَ برسول الله (ص) ، ويعملَ بما مكنه الله تعالى من وسائل وأساليب حديثة تتناسب مع الفكرة التي هي الكتاب والسنة التي نَهَجَها رسول الله (ص). ونحن نرى أننا ما زلنا نعيش حالة مكّية رغم تجاوزنا نقطة الابتداء إلى نقطة الانطلاق اقتداءً برسول الله، وليس كما يفكر البعض ويعمل عبر القوة العسكرية أو من خلال المجالس النيابية.

وبالتالي فإن الهيكلية التنظيمية العملية كما نتصورها تتلخص بما يلي:

- مراكز دراسات تتألف من لجان البحث العلمي في شتى المواضيع التي تخدم الدعوة الإسلامية في توجهها العالمي.

- حلقات تثقيفية.

- هيئات شعبية لرعاية شؤون الناس.

أدوات العمل:

- مجموعة كتب تثقيفية، أو أشرطة وأسطوانات مضغوطة.

- نشرة دورية عبارة عن رسالة داخلية.

كل تلك التشكيلات أو الأساليب والوسائل تكون تابعة للجنة الدعوة والتوجيه.

إن تنفيذ هذه المهام يجب أن لا يتم بعقلية التنظيم المنغلق على حَمَلَةِ الدعوة فقط، بل يجب تجاوزه بروحية منفتحة للاستفادة من خبرات إخوة وأخوات قد لا يكونون ملتزمين تماماً إطار الدعوة، ولكنهم يعملون في حقل العمل الإسلاميّ. وهو أمر مرغوب فيه لأنه يوصل إلى الهدف المطلوب في القوى الإسلامية الفاعلة.

ضوابط السلوك الإسلاميّ

ضوابط السلوك على هَدْي الكتاب والسنّة:

على حَمَلَة الدعوة أن يدرسوا طرق وقواعد إبلاغها درساً دقيقاً، وينبغي عليهم التنبُّه إلى ضرورة ما قد تؤدي دعوتهم من انعكاس على سلوكهم العام، وتعاطيهم مع الآخرين، سواء من ناحية علاقاتهم مع بعضهم البعض، أو من ناحية كونهم يتحركون في تركيبة بشرية تتداخل فيها المصالح على أكثر من صعيد. وعليهم أن يدركوا أنهم سَيُجَابهون بأفعال وردات أفعال تصادمية نتيجة حملهم بعض الأفكار التي لا تتوافق أحياناً مع ما طبع في أعماق الآخرين، وأيضاً سيتحركون ضمن مجموعات قد لا تشاركهم معتقداتهم أو قواعدهم الأساسية، وفي مناخات دينية وعقائدية متناقضة.

لذلك على الخطيب أن يضع نصب عينيه، باستمرار، أنه بما لديه من فكر هو الأقْدَر –بعد الاستعانة بالله والتوكل عليه-على جلاء الحقائق ودمغها باليقين، وأنه بمقدار تمكّنه من امتلاك ثقافة إسلامية وفقه واعٍ مؤهل لأخذ زمام المبادرة وامتلاك ناصية القول لاختراق حاجز الضدّيّة في الآخر والتأثير فيه.

للوصول إلى هذه المرتبة في التأثير، وتالياً لكي يكون سلوكه منسجماً مع ما يدعو إليه، على الخطيب ما يلي:

- حضور الصلوات في المساجد (ما أمكن) وعدم التخلف عن صلاة الجمعة بوجه خاص تحت أي ظرف، لقوله تعالى: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ»(التوبة /18) استجابة لقوله تعالى: «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ»(الجمعة /9).

- إخضاع تصرفاته، قولاً وفعلاً، قبل الإقدام على أي منها، لقاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يطلب ربُّ العالمين من الخطيب فرداً وجماعة بقوله الكريم: «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»(آل عمران /104).

- الترفع عن الانغماس في مظاهر الترف، والأخذ من الحياة بضروراتها، والابتعاد عن زخرف الدنيا، وبذل الجهد والمال فيما يؤدي إلى ثواب الآخرة، لقوله تعالى: «وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ»(القصص /77).

- العمل على أن يكون سلوك مَنْ هم في دائرة مسؤوليته نموذجاً لما يدعو إليه: فكراً وتصرفاتٍ، لحديث رسول الله(ص): «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته».

- ترشيد الإنقاق عملاً بمدلول الآية الكريمة: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا»(الفرقان /67).

- التمكّن (ما أمكن) من حفظ القرآن الكريم، وتدبّر معانيه، وحفظ الأحاديث الشريفة واستيعابها وتأديتها بقدر المستطاع، لأن في ذلك دعماً لدعوته وظهيراً لأفكاره وحججه، عدا تزكيتها لدرجته عند الله، لقوله تعالى: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ»(الإسراء /9)، عملاً بقول رسول الله(ص): «نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأدّاها، فرب حاملِ فقهٍ غيرِ فقيه، ورب حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه».

- أن يجعل همّه الأول إرضاء الله تعالى، والاهتمام بأمور المسلمين وتوعيتهم على ضوءِ المفاهيم الأسلامية الصحيحة، لقوله تعالى: «إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ »(الأنبياء /106).

- التلطّف في التبليغ عملاً بقول الله تعالى واقتداءً برسول الله (ص): «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»(آل عمران /159).

- السير على هَدّي القرآن في طريقة التبلغ وعدم فرز الناس بتصوُّرات مُسْبَقَة إلى مستجيبين ومُعْرِضين، وجعل محوريّة العمل على مفهوم الآية الكريمة: «وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى»(عبس /4و3).

- أن لا يتصدّر للردّ على مسألةٍ أو واقعةٍ ما لو يكن على بيِّنَةٍ منها، مستَشْرِفاً واقعها، ملماً بكل ما يحيط بها من ظروف ومعلومات، عملاً بقول الله تعالى: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا»(الإسراء /36).

- التحلّي بالصبر وسعة الصدر أثناء التحاوُر، والتجمّل بلغة حوار هادئة ومتّزِنَة، والترفع عن استعمال ألفاظ التحدي والمواجهة بعنف، والارتفاع بمستوى عرض الأفكار أو المناقشات إلى مرتبةٍ يُحْترَمُ فيها العقل، ولا يُسَفَّهُ فيها الرأي المضادّ من طريق تسفيه الفكرة التي يعرضها المحاور. فالحوار الهادئ المتزن، والجدل بخلفية استدلالية، وتخيُّر الألفاظ ووضعها في مقامها المناسب.. هذه العناصر مجتمعة تعطي لصاحبها قوة تأثير في نفوس سامعيه، استجابة لقوله تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»(النحل /125).

- إجراء مكاشفة لتصرّفاته وما اجترح من أعمال، وصولاً إلى نيل رضوان الله تعالى بنصرة دينه، لقوله تعالى: «وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ»(الحديد /25) ولقول الرسوله (ص): «مَن أصبح وهمّه غير الله فليس من الله في شيء، ومن أصبح ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: موقف العرب من التراث الغربي    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 11:59 am

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Mokf-trath-grby

لا تعني الدعوة إلى تحجيم الغرب وردِّه إلى حدوده الطبيعية، والقضاء على أسطورة عالميته وبيان محلّيته مثل أي تراث آخر، وأنّ عصر الهيمنة الأوروبية هو الذي أفرز هذه الهيمنة الثقافية ـ لا يعني كل ذلك أي دعوة إلى الانغلاق أو العودة إلى جنون الذات أو رفض التعرّف على الغير والانفتاح على الآخر، فتلك لم تكن سُنّة القدماء الذين تفتَّحوا على الثقافة المجاورة وفي مقدمتها اليونانية وتمثّلوها وعرفوها واحتووها داخل الإطار الحضاري الخاص، بل يعني أنّ فترة التعلم قد طالت، وأنّ فترة التتلمذ قد امتدّت، فنحن نتعلّم منذ قرنين وما زالت مرحلة الإبداع بعيدة في الأفق. إنّ التعلم من الغير وسيلة لا غاية، ومرحلة وليس تاريخاً، ومجرد باعث ومحرك وليس بديلاً عن الشيء ذاته. لقد تعلَّم القدماء قَرْناً واحداً هو القرن الثاني وما أن أتى القرن الثالث حتى ظهر الكندي أول الحكماء بادئاً علوم الحكمة. لقد كانت الدعوة إلى الانفتاح على الغرب لها ما يبرِّرها في أوائل القرن الماضي نظراً للتحدي الحضاري الذي كان يمثِّله الغرب علماً وصناعة وحريةً وديمقراطيةً، ودستوراً ونظماً برلمانيةً، ونهضةً وتقدماً وعمراناً. ولكن نظراً لطول المدّة انقلب الانفتاح إلى الضدِّ وهو التقليد، والتعلّم إلى تبعية. فنشأت ظاهرة "التغريب" في حياتنا الثقافية وفي وعينا القومي، والتي تبدو في الآتي:
1- اعتبار الغرب النمط الأوحد لكل تقدم حضاري ولا نمط سواه، وعلى كل شعب تقليده والسير على منواله، وقد أَدّى هذا بالتالي إلى إلغاء خصوصيات الشعوب وتجاربها المستقلة، واحتكار الغرب حقّ إبداع تجارب جديدة، وأنماط أخرى للتقدم.
2- اعتبار الغرب ممثل الإنسانية جمعاء، وأوروبا مركز الثقل فيه. تاريخ العالم هو تاريخ الغرب، وتاريخ الإنسانيّة هو تاريخ الغرب، وتاريخ الفلسفة هو تاريخ الفلسفة الغربية، الغرب فيه يصبّ كل شيء.
3- اعتبار الغرب المعلِّم الأبدي و"اللاّغرب" هو التلميذ الأبدي، وأنّ العلاقة بينهما أحادية الطرف، أَخْذٌ مستمرٌ من الثاني، وعطاء مستمرّ من الأول، استهلاك مستمرّ من الثاني وإبداع مستمرّ من الأول. ومهما تعلّم التلميذ فإنه يكبر تلميذاً، ومهما شَاخَ الأستاذ فإنه يظلُّ معلماً.
4- ردّ كل إبداع ذاتي لدى الشعوب غير الأوروبية إلى الغرب. فكل دعوة إلى العقل ديكارتية أو كانطية، وكل دعوة إلى الحرية ليبرالية غربية، وكل نضال من أجل العدالة الاجتماعية ماركسية، وكل اتجاه نحو العلم وضعية حتى أصبح الغرب هو الإطار المرجعي الأول والأخير لكل إبداع ذاتي غير أوروبي، كما كان الحال مع الحكماء الأوّلين بالنسبة لليونان فخرج ابن رشد أرسطيّاً.
5- أثر العقلية الأوروبية على أنماط التفكير عامّة، وعلى كل عقلية ناهضة. فالعقلية الأوروبية هي العقلية التي تضع كل طرفي معادلة في علاقة تضادّ مثل: مثالية أو واقعية؟ صورية أو مادية؟ ذاتية أو موضوعية؟ فردية أو اجتماعية؟ عقلانية أو حسيّة؟ كلاسيكيّة أو رومانسيّة؟
6- تحول ثقافتنا إلى وكالات حضارية وامتداد لمذاهب غربية، اشتراكية، ماركسية، وجودية، وضعية، شخصانية، بنيوية، حتى لم يعد أحد قادراً على أن يكون مفكّراً أو عالماً أو حتى مثقفاً إنْ لم يكن له مذهب ينتسب إليه، وتفرَّقنا شيعاً وأحزاباً، وضاعت الثقافة الوطنية. الكل يبحث عن الأصالة الضائعة فيهرع إلى الفنون الشعبية.
7- خلق بؤرٍ وفئات ثقافية معزولة لدى الشعوب غير الأوروبية بحيث تكون مناصرة للغرب وجسراً لانتقاله. وتنتهي هذه الفئة ـ إذا ما تولَّت الحُكْم ـ بموالاة الغرب، فيتحوّل التغريب الثقافي إلى عمالة سياسية مما يسبّب ثورات الشعوب الوطنية على الفئة كلها تأكيداً للهوية والثقافة الوطنية في جدلية تاريخية بين الأنا والآخر.
إنّ التراث الأوروبيّ في حقيقة الأمر إنّما يعبِّر عن الوعي الأوروبي، وهو موضوع فلسفي واحد ظهر في الفلسفة المعاصرة، خاصة في الظاهريّات، فلا توجد فلسفات غربية بل فلسفة أوروبية تعبّر عن وعي أوروبي: تطوّراً وبناءً، تكويناً ورؤيةً.
ويشمل تطوّر الوعي الأوروبي نشأته ثم بداية تطوّره ثم نهايته. فمن حيث النشأة يجد الوعي الأوروبي أصوله في ثلاثة: الأصل اليوناني الروماني، والأصل اليهودي المسيحي، والبيئة الأوروبيّة نفسها. ولا يُذْكَر الأصل الشرقيّ القديم على الإطلاق قبل الأصلين الأولين، ولا يذكر الأصل الإسلامي قبل النهضة الحديثة. وذلك لأنّ الغرب قد اعتبر اليونان أصلاً عبقرياً على غير مثالٍ إذْ لم يسبقهم أحد، وكأنّ الهند لم تؤسِّس المنطق الصّوري في البوذية، ولم تسهم في نشأة علم الحساب. وكأنّ فيثاغورس وطاليس لم يكونا على اتصال بالنِّحلات الشرقية، وكأنّ أفلاطون لم يدرس الرياضيات في مصر، ولمَّا كان الغرب وريث اليونان فقد ظلّ نسيجاً عبقرياً مثله على غير منوال.
وبالرغم من التباين والخلاف في جوهر كلِّ من اليهودية والمسيحية ـ كما لاحظ سلسوس من قبل ـ إلا أنّ الأصل اليهودي المسيحي قد جمع بينهما ابتداءً من الكتاب المقدّس، حيث ضُمَّ العهدُ الجديد كخاتمةٍ للعهد القديم، وكنهايةٍ للنبوّة واكتمال لها بالرغم من رفض اليهود. ونظراً للتآلف الطائفي العنصري بين الحضارتين اليهودية والمسيحية ضد الحضارات الأخرى، إسلاميَّة كانت أو "بدائية" فقد أصبحتا مصدراً واحداً. وكأنّ الإسلام لم يكن تحقّقاً لصدق اليهودية والمسيحية في التاريخ، سواء من حيث الصحّة التاريخية للكتب المقدّسة أو من حيث التصديق بالعقائد، أو من حيث أحكام السلوك العملي لأهل الكتاب. وكأنّ الحضارة الإسلامية بعد ترجمتها إلى اللاتينيّة لم تكن أحد روافد النهضة الأوروبية الحديثة والفلسفات العقلية، وكأن الرُّشْدية اللاتينيّة لم تساهم في نشأة العلم الحديث في الغرب.
ولا يكاد أحد يذكر البيئة الأوروبية نفسها، كأنّما الحضارة الأوروبية حضارة بلا بيئة، نشأت بلا عوامل ودوافع، بلا ظروف وملابسات، سواء فيما يتعلَّق بطبيعة المُعطى الديني الذي كان لديها، مثل عقيدة الاختيار التي كانت موجودة وراء العنصرية والاستعمار، أو الروحانيّة الغالية والقائلة إنّ ملكوت السماوات ليس في هذا العالم ، وإنّ للداخل الأولوية المطلقة على الخارج، مما سبّب ردّ فعل جذري تبدّى في المادية الفظّة، واعتبار ملكوت السماوات في هذه الأرض مقرّراً أولوية الخارج على الداخل. ولا يكاد أحد يذكر أيضاً طبيعة السلطة الدينية التي نشأت في الغرب واعتبار أنّ للوحي مصدرين: الكتاب والتراث، الوحي والكنيسة مما تسبّب في نشأة السلطة الدينية واحتكارها للتفسير وللعلم، وسيطرتها على السلطة السياسية. وقد أحدث هذا ردّ فعل مضادّ لصالح العلم والعقل والسلطة المدنية، فنشأ الوعي الأوروبي معادياً للسلطة الدينية داعياً للعلمانية، معادياً للدين باسم العلم والعقل والمدنية. هذه هي الظروف التي نسج الغرب حولها مؤامرة الصمت ليجعل الحضارة الأوروبية نموذجاً للحضارة العالمية التي يتعين على كل حضارة أخرى الاقتداء بها. عصرها كل العصور، ومذاهبها كل المذاهب، وتاريخها كل التاريخ، إبداعاتها للتقليد، وتقنياتها للنقل، وكأنّ علم اجتماع المعرفة لا يُطبَّق إلاَّ على ثقافات الآخرين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: كرامة الإنسان.. والخطاب الديني    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:00 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Krimt-ensan-ktib-dyny

انتماء أي جمع من الناس لإطار مادي أو معنوي مشترك، تترتب عليه درجة من الخصوصية للعلاقة فيما بينهم، فإذا كانوا أبناء عشيرة واحدة مثلاً، فإنّهم يشعرون بالتزام خاص تجاه بعضهم بعضا، وإذا كانوا أهل دين واحد، كانت العلاقة فيما بينهم أوثق واحترامهم لبعضهم أكثر، هذا أمر طبيعي معروف، ولكن هل تعني خصوصية العلاقة فيما بينهم الازدراء والتحقير لمن هم خارج إطارهم من بني البشر؟ وهل يعني ذلك أنّ الإكرام والاحترام يقتصر على الناس المشاركين لهم في انتمائهم فقط، أما غيرهم فهم بشر من الدرجة الثانية؟
إننا نجد في النصوص الإسلامية تأكيداً على فضل الإسلام والإيمان، ومدخليته في كمال شخصية الإنسان، وإشادة بمكانة الإنسان المسلم – المؤمن، وتوجيهاً لاحترامه ورعاية حقوقه، كل ذلك مفهوم في إطار الاعتقاد بأحقية الدين وصوابيته، وضمن توثيق عرى التلاحم بين أبنائه ومعتنقيه.
ولكن هل يستبطن ذلك التنكر لكرامة الإنسان خارج دائرة الإسلام؟
وهل يسوّغ النظر بازدراء واحتقار لجميع أبناء البشر غير المسلمين – المؤمنين؟
أم هل يبرر انتهاك شيء من حرماتهم وحقوقهم المادية والمعنوية؟
لقد عانت البشرية طوال عهودها من انتشار مثل هذه التصورات، التي تحصر الكرامة الإنسانية في فئة من الناس، وتحط من شأن وقدر من سواهم، مما يؤسس لتبرير العدوان وانتهاك الحقوق والحرمات.
فالنازية التي أطلق حركتها هتلر، كانت تبشر بتفوق العرق الآري، وأنّ اليهود والسلافيين والأقليات الأخرى هي في مرتبة دنيا، ويقضي ذلك بإبعاد غير الآريين عن وظائف الدولة، وبمنع الزيجات المختلطة، وبتعقيم المعاقين والمتخلفين عقلياً، وبمحاربة كل عرق غير آري.
واليهود والنصارى كانت تسود في أوساطهم نظرية الشعب المختار، التي تبرر ازدراء بقية الشعوب، والتجاوز على حقوقها، كما تحدث عن ذلك القرآن الكريم. يقول تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) (المائدة/ 18).
هذا هو المنطق الإلهي الذي يقرر التساوي بين أبناء البشر في ذاتيتهم الإنسانية (بَلْ أنْتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ).
ولا يعني الانتماء لعرق أو دين تبرير الازدراء للآخرين أو التجاوز على حقوقهم، كما كان يرى أولئك اليهود الذين لا يحترمون أموال غير اليهود باعتبارهم أميين لا إثم في مصادرة حقوقهم، كما يقول عنهم تعالى: (.. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران/ 75).
ويبدو أن تنديد القرآن الكريم بمثل هذه الآراء والتصورات ورده عليها لم يكن لمجرد الإدانة والتشهير بأولئك اليهود والنصارى، وإنما الأهم من ذلك تحذير الأُمّة الإسلامية من الوقوع في نفس المنزلق، بأن تشيع في وسط المسلمين نظرات ازدراء وتحقير تجاه الآخرين، تبرر لتجاوز حرماتهم والاعتداء على حقوقهم.
إنّ هدف القرآن الكريم تأصيل مبدأ كرامة الإنسان لإنسانيته أوّلاً وقبل كل شيء، فمن أي عرق انحدر، وإلى أي دين وعقيدة انتمى، فهو إنسان له كرامته الذاتية.

- تأصيل الكرامة الذاتية:
وقد تنبه العلامة السيد محمد حسين فضل الله – رحمه الله – الحقيقة، وأكّد عليها عند تفسيره للآية الخامسة والسبعين من سورة آل عمران. حيث قال:
"ربّما نستوحي من تنديد الله باليهود في نظرتهم إلى الآخرين وعدم مسؤوليتهم عن أموال الآخرين، فلهم أخذها من دون مقابل، أنّ الله سبحانه لا يريد للمسلمين أن يأخذوا بهذه النظرة في تعاملهم مع غير المسلمين، فيحللوا لأنفسهم مصادرة أموالهم وسرقتها بحجة عدم احترام الكافر، من حيث المبدأ، في نفسه وماله، إلا أن يكون ذمياً أو معاهداً، بلحاظ قانون الذمة والعهد، وهذا ما درج عليه بعض الفقهاء الذين لا يرون العنوان الحربي أساساً لحلية أموال الكافرين للمسلمين، بل يرون الأصل عدم الاحترام إلا في صورة الذمة والعهد، أخذاً ببعض الإطلاقات المتضمنة قوله (ص): "من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، حقن بها ماله ودمه وعرضه"، وأمثال ذلك من الأحاديث التي تربط الاحترام بالإسلام، مما يجعل الكافر ممن لا حرمة له لكفره، ولكننا ذكرنا في أبحاثنا أن هذه الإطلاقات ليست واردة في مقام البيان من هذه الجهة ليؤخذ بمضمونها الإطلاقي، بل هي واردة في مقام إهدار الإسلام مال الكافر ونفسه وعرضه بالحرب، وربّما يتأيد هذا الرأي في قوله تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة/ 8-9)، فإنّ الظاهر من هاتين الآيتين أنّ الكافر الذي لم يعلن القتال على المسلمين ولم يخرجهم من ديارهم، بل كان موقفه موقف اللاحرب في خط السلام الطبيعي الذي يعيشه الناس مع بعضهم البعض – من دون معاهدة أو ذمة بالمعنى المصطلح العقدي للمسألة – يستحق التعامل معه بالبرّ في تقديم الخير له بكل ألوانه، وبالعدل – بمفهومه العام – الذي يقتضي أن له الحق في ذلك، باحترام ماله ونفسه وعرضه وعدم الاعتداء عليه إلا بالحق، ومقتضى ذلك أنّ الكفر لا يساوي عدم الاحترام، بل الحرب بمضمونها المباشر وغير المباشر هي التي تقتضي ذلك.
وهذه الآية تحمل الكثير من الإيحاء بأنّ الخلاف في الدين لا يبرر – بمجرده – إهدار حرمة الآخرين، فإنّ الله ذمّ اليهود على ذلك، وربّما يرى بعض الفقهاء أنّ الآية لا تدل على أكثر من وجوب أداء الأمانة لا وجوب احترام المال، ونحن نرى للأمانة خصوصية في المسألة لأنّها تتضمن التزاماً عقدياً من الشخص المؤتمن بأن يؤدي الأمانة إلى من ائتمنه عليه من خلال مبدأ الوفاء بالالتزام العقدي مع الآخر، ولهذا فإنا لا نجد علاقة بين موضوع الآية وإهدار احترام مال الكافر.
والجواب عن ذلك أنّ الأمانة لم تذكر موضوعاً في الآية بلحاظ خصوصيتها العقدية، وإنّما لوحظت – في سلوك اليهود – من حيث أنهم لا يحترمون أموال غير اليهود بقرينة قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأمِّيِّينَ سَبِيلٌ) فهم يخونون الأمانة على أساس عدم احترامهم أموال الآخرين، لا على أساس أنهم لا يقومون بالوفاء بالتزاماتهم العقدية، فإذا قام المسلمون بمثل ذلك في سلوكهم استحقوا الذم على ذلك. وربّما نلاحظ – في هذا المجال – أن هناك عقداً إنسانياً بين العقلاء يلتزمونه في سلوكهم الاجتماعي وسيرتهم العملية أن لا يأخذ الإنسان مال غيره بدون حق، لأن مبدأ احترام الأموال لديهم من أكثر الالتزامات قوّة وقداسةً وتأثيراً في العلاقات العامة، ولذلك نراهم يذمون الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويعاقبون اللصوص، ولا يخرجون عن ذلك إلا في حالة الحرب من دون فرق بين الناس الذين يدينون بدين واحد أو بأكثر من دين".

- الكرامة الإنسانية هل تتبعض؟
من مناطق الخلل الرئيسية في مساحة واسعة من الخطاب الإسلامي، القول بتجزئة الكرامة الإنسانية، وتضيق الدائرة أكثر بتخصيصها بالمؤمنين أي أتباع المذهب فقط، وما عداهم من المخالفين والمبتدعة، لا ينطبق عليهم عنوان التكريم، وتستباح بعض حقوقهم المادية والمعنوية.
مع أنّ القرآن نصّ على منح الكرامة من الله تعالى لعموم بني آدم يقول تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) (الإسراء/ 70).
والآية الكريمة صريحة واضحة في شمولية تكريم الله لبني البشر جميعاً، وهذا ما أكده بعض المفسرين للآية الكريمة.
يقول السيد محمد حسين الطباطبائي: "يظهر أنّ المراد بالآية بيان حال لعامة البشر مع الغض عما يختص به بعضهم من الكرامة الخاصة الإلهية، والقرب والفضيلة الروحية المحضة، فالكلام يعم المشركين والكفار والفساق".
وقال الألوسي البغدادي: "ولقد كرمنا بني آدم: أي جعلناهم قاطبة برهم وفاجرهم ذوي كرم، أي شرف ومحاسن جمة لا يحيط بها نطاق الحصر.
هذا البيان الواضح الصريح كان ينبغي أن يكون أصلاً يرجع إليه في فهم بعض النصوص، واستنباط بعض التشريعات المتعلقة بالموقف تجاه الآخر المخالف في الدين أو المذهب، وأسلوب التعامل معه.
إنّ القول بالجهاد الإبتدائي وهو رأي مشهور الفقهاء، والذي يعني قتال الكفار لا لعدوان حصل منهم على المسلمين، وإنّما لمجرد كونهم كفاراً، وتخييرهم بين الإسلام أو القتل، إلا أن يكونوا كتابيين فأمامهم خيار ثالث هو الجزية، هذا القول يحتاج إلى إعادة بحث ودراسة.
وقد أنجز بعض العلماء المعاصرين أبحاثاً قيمة على هذا الصعيد، ومنهم الشيخ محمد مهدي شمس الدين في كتابه (جهاد الأُمّة) والذي انتهى به البحث فيه إلى نفي مشروعية الجهاد الإبتدائي، بعد محاكمته للأدلة التي اعتمدها مشهور العلماء.
وكذلك القول بنجاسة الكافر ذاتاً وهو ما يذهب إليه فقهاء الشيعة وبعضهم يستثني أهل الكتاب، أم فقهاء السنة فالمشهور عندهم "أنّ الكافر الحي طاهر لأنّه آدمي، والآدمي طاهر سواء أكان مسلماً أم كافرا، لقول الله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَني آدَمَ)، وليس المراد من قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) (التوبة/ 28)، نجاسة الأبدان، وإنما المراد نجاسة ما يعتقدونه، وقد ربط النبي (ص) الأسير في المسجد".
وبعض فقهاء الشيعة المعاصرين ذهب إلى هذا الرأي بالقول بعدم نجاسة الكافر ذاتاً كتابياً وغير كتابي، كالسيد فضل الله والشيخ ناصر مكارم الشيرازي، حيث قال في تعليقته على العروة الوثقى: "لا دليل على نجاسة الكفار، أمّا الكتابي فظاهر كثير من الروايات المعتبرة طهارتهم ذاتاً، وأن نجاستهم عرضية، وظاهر بعض آيات الكتاب العزيز أيضاً ذلك، ويظهر من غير واحد من الروايات استحباب التنزه مما في أيديهم اجتناباً عما يكون فيهم غالباً من النجاسات العرضية، وبها يجمع بين ما دل على الطهارة وما يظهر منه النجاسة ووجوب الاجتناب، وأما غير الكتابي فهو أيضاً لا دليل على نجاسته من غير فرق بين أقاسمه وإن لم يدل دليل على طهارته لخروجه من سياق الأخبار جميعاً فيؤخذ فيه بأصاله الطهارة فيهم.
ومن المراد التي تحتاج إلى تجديد بحث ما ذهب إليه مشهور الفقهاء من جواز غيبة المسلم المخالف في المذهب، وذلك يعني انتهاك حرمته المعنوية، وقد ردّ هذا الرأي بعض الفقهاء، وقرروا حرمة الغيبة لكل مسلم وإن كان مخالفاً في المذهب، ومن هؤلاء الفقهاء المحقق الأردبيلي والشيخ الآخوند الخراساني في كفاية الأصول، ويقول الفقيه الشيخ محمد آصف المحسني: "ثمّ إن ظاهر الأخبار اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن فيجوز اغتياب المخالف.
أقول: ظاهر الآية (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) (الحجرات/ 12)، هو العموم فإنّ المؤمن في عصر نزول القرآن أعم من المصطلح عليه اليوم، والأخوة في ذيل الآية غير مخصصة، لصدق الأخ الديني على المخالف أيضاً، وإنما وجب التبري من أهل البدع في بدعهم، وفي الجواهر وغيرها الإستدلال على الجواز من جهة جواز غيبة المتاجر، إذا المخالف قد تجاهر بأعظم الفسق. وهو إستدلال عجيب فإنّ المخالفين لا يرون اعتقادهم وأعمالهم باطلة ومعصية وفسقاً حتى يكونوا متجاهرين بها، فهل يفتي هؤلاء الأجلة بجواز غيبة المؤمن المخطئ في بعض عقائده أو أعماله اجتهاداً أو تقليداً؟ والمتجاهر من تجاهر بالمعصية مع العلم بعصيانها. وعلى الجملة لا دليل لفظي يدل على جواز غيبة المخالف".
ومثل ذلك ما يتناقله الفقهاء من استحباب التضييق على الذميين والكتابيين في ظل الدولة الإسلامية في الطريق، واضطرارهم إلى أضيق الطرق، وسائر ما ذكروه في أحكام التعامل مع أهل الذمة من هذا القبيل.

- كرامة الإنسان أصل وقاعدة:
إنّ التأمل في الآية الكريمة (وَلَقَد كَرَّمْنا بَني آدَمَ)، ينبغي أن يؤدي إلى تقرير أصل التكريم للإنسان كمبدأ فكري، وقاعدة فقهية، لا يصح تجاوزها إلا بمبرر مشروع ودليل واضح صحيح.
وانطلاقاً من هذا الأصل تحدث الفقيه الشيخ المنتظري في دروسه الفقهية العالية (البحث الخارج) حول حرمة الإنسان، ناقداً تخصيص هذه الحركة بالمؤمن فقط، ومما جاء في بعض تلك الدروس ما يلي: "إنّ ظلم الناس غير جائز بحكم العقل، وبحكم الكتاب والسنة أيضاً. نحن نعتقد أنّ القرآن إذ يقول: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَني آدَمَ)، فهو يقصد أن بني آدم مكرمون لأنهم بنو آدم. فحينما يقال حقوق الإنسان، معنى ذلك إنّ للإنسان شرفه وكرامته بما هو إنسان حتى لو كان كافرا، لأنّ الإنسان محترم بذاته عند الله، وهذا صريح معنى الآية. ويقول علي (ع) في عهده لمالك الأشتر: "الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق" وبالتالي فإنّ للإنسان حرمته بما هو إنسان.
وفي حرمة السبّ يمكن كذلك اعتقاد الآية (وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ...) (الحجرات/ 11)، وليس فيها قيد المؤمن والمسلم. يقول الله أنه يكره اختلاق الألقاب السيِّئة. ويقول أيضاً: (لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ) (الحجرات/ 10)، ولا يقيد ذلك باعتناقهم الإسلام، لأنّ الله أراد أساساً أن تكون العلاقات الاجتماعية سليمة، ولا يخاطب الناس بعضهم بعضاً بالسوء. إنه حكم يشمل غير المسلمين أيضاً. وعلى الأقل فإنّه يشمل المسلمين سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين. إذا آمنتم فلا يحق لكم إهانة مؤمن آخر أو إهانة شخص غير مؤمن، مقتضى الإيمان أن يكون الإنسان رصيناً ولا يتكلم بالترهات.
السب مذموم عند الله في نفسه، سواء كان ضد مؤمن أو ضد غير مؤمن، ثمة رواية عن أبي بصير تقول: "لا تسبوا الناس فتكسبوا العداوة" وليس في هذه الرواية أيضاً قيد المؤمن أو المسلم، فهي مطلقة تشجب سبّ الإنسان على نحو العموم. غاية ما يمكن أن يقال هو أن سبّ المؤمن أسوء من سبّ غير المؤمن.
من الناحية العرفية والارتكازية يُعد القول بأن سبّ المؤمنين وذوي الشخصيات المحترمة أسوء من سب الأشخاص المستهترين المتعميعين قولاً صائباً. أي أن كل شخص عادي في المجتمع مهما كانت عقديته وميوله يحكم بأن سب الشخصيات المحترمة أقبح من سب المنحطين أخلاقياً وأشد وطأة على الوجدان العام".
نشير هنا إلى ما ذكره الفقهاء من تأديب أي مسلم بتعزيره إذا قذف إنساناً ولو كان مشركاً، وجاء في الوسائل عن الإمام الصادق (ع) تعزيز مَن افترى على أحد من أهل الذمة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: القرآن والجمال في العلوم الطبيعية    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:01 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Kran-gmalfy-elom-t

إن نظرة القرآن إلى العلوم الطبيعية ليست نظرة جامدة أو قاصرة، إنما نظرته طبيعية جمالية "تهز القلوب هزاً وتوقظ فيها حاسة الذوق الجمالي العالي. التي تنظر إلى الجمال نظرة تجريدية فتراه في الصخرة كما تراه في الثمرة"
فالعلوم الطبيعية لا تحيا إلا بقدر ما تملك من نسق وجمال لنظرياتها.
وبذلك نجد أن القرآن يربط بين العلوم الطبيعية والنسق الجمالي.
قال تعالى: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج) (سورة ق/ 6).
وهذا الجمال الذي يشير إليه القرآن مع عدم الخلل في الكون يعطى معنى الإتقان والتناسق والترابط بين أجزاء الكون والتي أصبحت من مطاليب النظر إلى الكون فيجب على العلماء ألا يغفلوا هذا الجمال الذي يجعلهم أمام صنع الذي أتقن كل شيء صنعه. قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) (سورة القمر/ 49). وقوله: (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) (سورة الملك/3).
وهذا يدل على أن كل شيء خلق في هذا الكون بقدر معلوم واتساق واتزان دقيق، وبهذا نلمح الإبداع والجمال في الكون الذي هو مصدر من مصادر العلوم الطبيعية.
قال تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه) (سورة السجدة/ 7).
فنظرة إلى السماء وما بها من نجوم وإلى القمر في منازله والشمس في جريانها وغروبها وشروقها. وما هو مبثوث في الكون من صور جمالية، تضفى على الكون روعة وجمالاً، يثير في النفس في كل أن مباهج الروعة والإتقان.
وإذا كان الجمال صفة من صفات الطبيعة، فإن يعطى الحقيقة العلمية مقياسها الأساسي ويضفى على النظرية كمالها.
ويعلن "هايزنبرج Heisenberg" "إن الجمال في العلوم الدقيقة والفنون على السواء، هو أهم مصدر من مصادر الاستنارة والوضوح، ولقد لاحظ ذلك فيما يتعلق بميكانيكا الكم حيث أعلن أن النظرية مقنعة بفضل كمالها وجمالها التجريدي" يضاف إلى هذا نظرية النسبية والتي يشيد بها "شرودنغر Schrod X inger 1887: 1961" فيقول "إن نظرية اينشتين المذهلة في الجاذبية لا يتأتى اكتشافها إلا لعبقري رزق إحساساً عميقاً ببساطة الأفكار وجمالها".
إذن أصبح الجمال معياراً أساسياً في الفيزياء المعاصرة لدرجة أنه يقدم على التجربة.
يقول "بول ديراك Poul Dirac" "إن وجود الجمال في معادلات العالم أهم من جعل هذه المعادلات تنطبق على التجربة".
هذا الجمال في الكون مقصود فيه قصداً وليس من قبيل الفوضى "لأنه من الصعب أن يرى المرء كيف أن مثل هذه الظروف الابتدائية الفوضوية. يمكن أن ينشأ كون مستو منظم بالمقياس الكبير يمثل ما هو عليه كوننا في الوقت الحالي"
هذا حق لأن الذي بث الجمال في الكون هو الله سبحانه وتعالى والله لا تسري عليه الأمور الفوضوية ولا على كونه الذي خلقه، بل أنه يطالبنا بالنظر إلى الكون لنخرج ما به من جمال في ثوب نظريات.
قال تعالى: (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) (سورة ق/7,6).
وقال تعالى: (تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً) (سورة الفرقان/ 61). وقال تعالى: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون) (سورة الحجر/ 19). هذا الجمال لم يقتصر على جزئية معينة في الكون. بل أنه يشمل السماء وما بها والأرض وما عليها، فهو تخصيص أكد التعميم في النظرية الجمالية في الكون.
وليت الأمر اقتصر على هذا بل نجد الآيات تتحدى أي إنسان مهما أوتي من علم أن يأت أو يظهر ولو خلل واحد في هذا الكون، وله أن يكرر النظر مرة تلو الأخرى فسوف يرجع إليه البصر خاسئا وهو حسير.
قال تعالى: (الذي خلق سبع سماوات طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت، فأرجع البصر هل ترى من فطور، ثم أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) (سورة الملك/ 4,3).
ألم تعط هذه الآيات الاتساق والاتزان والثبات لهذا الكون بصورته الجمالية، لأنه لو كان هناك اضطراب أو خلل في الكون، فإن العالم لم يستطع أن يصيغ نظرياته لعدم استقرار الكون.
إذن أصبح الجمال هو الفيصل في النظريات وتفسير الحقائق، لأن الجمال هو الذي يبث الحياة في العلم. وللجمال ثلاثة عناصر أشار إليها الفزيائيون يلخصها اينشتين Einstein بقوله "النظرية تكون أدعى إلى إثارة الإعجاب كلما كانت مقوماتها أبسط/ والأشياء التي تربط بينها أشد اختلافاً وصلاحيتها للتطبيق أوسع نطاقاً".
وهذه العناصر هي البساطة والتناسق والروعة، فالبساطة والضخامة كلتاهما جملاً، لأن الباحث يؤثر البحث عن الحقائق البسيطة والحقائق الكبيرة، أما التناسق فيقول "أينشتين" لا علم من غير الاعتقاد بوجود تناسق داخلي في الكون، أما الروعة فقد أثبتت النسبية روعتها غير العادية بإلقائها الضوء على علم الكونيات والفيزياء الفلكية وميكانيكا الكم" هذه العناصر الثلاثة عناصر جمالية نلحظها في أجمل النظريات العلمية.
ومن ثم أصبح الفيزيائي وغيره في حاجة لكشف الجمال في الطبيعة، الذي أصبح جزءاً أساسياً في العلوم الطبيعية ودليلاً على وجود إله خالق مدبر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: الوعي الديني والنهوض الحضاري    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:02 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Oae-deny-hathre

إنّ الترابط بين الالتزام الأخلاقي والرؤية الكونية من جهة والنهوض الحضاري من جهة أخرى ترابط بيّن، كترابط المبتدأ وخبره أو الاسم وصفته. وليس من الصعب إظهار تهافت الجهود الاستشراقية التي حاولت ربط حضارة العرب بعروبتهم، وتجاهلت دور الإسلام الرئيسي في ظهور العرب، وانتشار لغتهم خارج حدود الجزيرة العربية. فالاستعراض السريع لدور الشعوب الإسلامية في قيام هذه الحضارة من عرب وفرس، وبربر وترك وكرد يكفي لتبرير الوهم الاستشراقي. كذلك يظهر التأمل في أسماء العلماء والقادة الذين رفعوا راية العلم والكفاح، من أمثال الرازي والغزالي، والبيروني، وأبو مسلم الخرساني، وصلاح الدين الأيوبي، ومحمد الفاتح، والظاهر بيبرس لإدراك الصفة العالمية للحضارة الإسلامية. فهي لم تكن يوماً من الأيام حضارة عرب، بل حضارة عالمية ذات مرتكزات إسلامية.
نعم شكّل العرب اللبنات الأولى التي قام عليها البناء الحضاري الإسلامي. لكن قدرة العرب على بناء هذا الصرح الشامخ المهيب لا يرتبط بأساس قومي أو عرقي، بل بالرؤية التي حملوها والقيم التي التزموا بها، والمبادئ التي دافعوا عنها، المنبثقة من رسالة الإسلام وجهود الرعيل الأوّل الإصلاحية. لقد استطاع الرسول الكريم مؤيّداً بوحي السماء، وجهود أصحابه الصادقة من تغيير الرؤية الكونية التجزيئية، والمنظومة القيمية القبلية للمجتمع العربي الجاهلي، واستبدالها برؤية كونية توحيدية، ومنظومة قيمية إنسانية، تجلت عملياً في مجتمع المدينة وثقافتها العالمية.
إنّ قدرة الإسلام على الانتشار إلى أصقاع بعيدة عن موطنه الأصلي، وقدرته على تحريك المشاعر وتأجيج الهمم واستحضار ولاء الشعوب في مشارق الأرض ومغاربها، لا يمكن فهمه إلا من خلال فهم الثقافة العالمية الناهضة التي تجلت في مجتمع المدينة. فقد مثل مجتمع المدينة نموذجاً مصغراً لمجتمع عالمي، يضم قبائل عربية متصارعة ألّف الإسلام بين قلوب أبنائها، ثمّ عاد ووحد بينها وبين موالٍ من حبشة وفرس وروم، ثمّ جمعها ضمن ولاء تعاقدي مع يهود المدينة. وبذلك حقق الإسلام نموذج المجتمع القبلي القائم على مبدأ التضامن العضوي العقدي. لقد وحدت مبادئ الحق والعدل والتكافل والتراحم والتسامح التي جاء بها الدين الجديد مجتمعه المدينة، وتكفلت وثيقة تأسيسه التي تمثلت (بصحيفة المدينة) الحفاظ على كرامة وحقوق أفراده بغض النظر عن انتماءاتهم القبلية والعرقية والدينية. ولا يقولنّ قائل: إن مجتمع المدينة التعدّدي المنفتح على الإنسان، بوصفه إنساناً، كان نموذجاً انتقالياً، ولم يكن نموذجاً نهائياً بدليل إخراج المسلمين اليهود من المدينة بعد صراع دامٍ، والقضاء على معاقل الشرك في المدينة. فهذه صراعات مرهونة بظروفها التاريخية الخاصة، وبمواقف اليهود والمشركين العرب من الدين الجديد، ناقشتها في مواضع أخرى، ولا أرى إمكانية الاستفاضة في بيانها هنا. ويكفي لإظهار أنّ النموذج المدني المشار إليه كان نموذجاً نهائياً، أنّ المسلمين أعادوا بناءه على مستوى الحضارة العالمية التي أنشؤوها وأشادوا صرحها، والتي ضمت المسيحي واليهودي، والمجوسي والهندوسي، كما ضمت المسلم، والتي وفرت لجميع المنتسبين إليها فرصة المشاركة في بنائها وترسيخها.
وكما شكل الإصلاح الديني حجر الزاوية في بروز الحضارة الإسلامية، فقد مارس الإصلاح الديني المسيحي في بلدان أوروبا الغربية مهمة مماثلة في انطلاق الحضارة الغربية. ولعل البعض يتساءل – وهو محق بذلك – كيف نعزو دوراً أساسياً للإصلاح الديني في حضارة تقوم على مبدأ العلمانية؟
لفهم الأساس الديني للحضارة الغربية يجدر بنا العودة ستة قرون إلى الوراء عبر التاريخ الأوروبي، وتركيز النظر على الجهود التي بدأها مصلحون دينيون، يتقدمهم توماس أكويناس، الذي عكف على تخليص الرؤية المسيحية الأوروبية من تناقضاتها الداخلية. ثمّ تبعه مصلحون دينيون ثاروا ضد سلطة الكنيسة وتعسفها في تفسير نصوص الإنجيل من أمثال كالفين السويسري، ومارتن لوثر الألماني. وشدد الأخيران على التساوي بين المسيحيين وحقهم في النظر، قساوسة وعامة، في نصوص المسيحية المقدسة وتفسيرها، ورفضا فكرة وساطة الكنيسة، وعصمة الحبر الأعظم. لقد كان لقيم العدل، وسيادة القانون، وتساوي الناس في الكرامة، التي تسربت إلى أوروبا الغربية خلال عصر النهضة من العالم الإسلامي عبر التجار والرحالة الغربيين، وعبر فلول الجنود الصليبيين الذين عادوا من بيت المقدس والساحل السوري بعد تحرير تلك المناطق من الاحتلال الصليبي، وعبر ترجمات الكتب التي نقلها الفاتحون الأوروبيون من جنوب إيطاليا والأندلس، أثر كبير في تحرير المجتمع الغربي من الجمود وتحفيزه إلى الارتفاع إلى مستوى الفعل الحضاري.
وما لبثت حركة الإصلاح الديني أن أججت العقل الأوروبي وأطلقته من عقاله، ليبدأ رحلة طويلة ممتدة عبر قرون عديدة، يشير إليها اليوم المثقفون والمفكرون، اتباعاً لماكس فيبر، بالعقلنة الثقافية، والتي بلغت أوجها في حركة الأنوار التي تألقت في القرن الميلادي التاسع عشر. فالعقلنة عند فيبر تعني إعادة تنظيم المجال الثقافي ضمن دوائر معرفية مستقلة وخاضعة لمجموعة من القيم والمفاهيم المحددة. القيم والتصورات التي تنبتها العقلنة الغربية هي القيم والتصورات التي دعت إليها حركة الإصلاح الديني. والعلمانية نفسها تعود بجذورها إلى أفكار لوثر وكالفن، وإن اختلفت في مفهومها وفحواها مع تقدم الأزمان وتتالي الأجيال. فالعلمانية في أصولها جهد يهدف إلى منع الكنيسة من التحكم بالمجتمع المدني، وفرض تفسيراتها على أفهام الناس.
إنّ الأشكال السلبية التي تولدها العلمانية اليوم، من تحلل أخلاقي، وتهافت على المتعة البدنية، وتراجع البعد الروحي الوجداني، والفردية المفرطة التي تدفع الفرد إلى إهمال واجباته الاجتماعية، وتفكك الأسرة وانتشار الرذيلة، وغيرها من الأزمات الاجتماعية المحيقة بحياتنا المعاصرة، لا تعود بطبيعة الحال إلى فصل الكنيسة عن الدولة، بل إلى عملية العقلنة الغربية نفسها التي حوّلت الدين والأخلاق إلى دوائر معرفية مستقلة عن الدوائر المعرفية والاجتماعية الأخرى، كالسياسة والاقتصاد والاجتماع وعلم النفس. إنّ التفسخ الاجتماعي والتحلل الأخلاقي الذي يطبع الحياة في المجتمعات الحديثة ناجم عن فصل الأخلاق والقيم والتصورات العلوية – وفي مقدمتها الشعور بالمسؤولية أمام الله – عن التفكير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي. فالاقتصادي الحداثي اليوم يحكم على الفعل الاقتصادي بأنّه ناجح مادام يؤدي إلى تحقيق ربح مادي، غير آبه بآثار هذا الفعل على المحيط الاجتماعي والبيئة الطبيعية، وغير مكترث فيما إذا نجم الربح عن ظل أو استغلال.
إنّ تلازم الوعي الديني والنهوض الحضاري حقيقة تاريخية وشرط موضوعي. فالحضارات الإنسانية عبر التاريخ تعود في جذورها إلى وعي ديني ورؤية كونية متعالية، بدءاً من حضارات الهلال الخصيب ومصر الفرعونية، ومروراً بالحضارات الصينية والهندية والفارسية والإغريقية والرومانية، وانتهاءً بالحضارتين الإسلامية والغربية. ولقد وثق المؤرخ الغربي الشهير أرنولد توينبي العلاقة بين الدين والحضارة وأظهر في كتابه (دراسة الحضارة) أنّ العلاقة بين الدين والحضارة علاقة المقدمة بنتيجتها. كذلك أظهرت الدراسات الاجتماعية أنّ القيم والمعتقدات الدينية تشكل العنصر الأساسي في البناء الثقافي للمجتمع. كذلك أظهرت أبحاث ماكس فيبر العلاقة الوثيقة بين النهوض الثقافي والحضاري لمجتمع وبروز الوعي الديني. وانتهى فيبر إلى تقديم نظرية في التطور المؤسسي الاجتماعي تربط ارتقاء المجتمع والمؤسسات الاجتماعية بظهور القيادة الملهمة (charismatic leadership) التي يمثل الرسول أهم أشكالها. فالقائد الملهم إنسان يملك رؤية متميزة تؤدي إلى تحفيز الهمم والأفعال، وتوليد زخم نفسي وروحي يخرج المجتمع من ركوده، ويدفعه للمضي في عملية بناء قدراته العلمية ومؤسساته التنظيمية. ويتبع مرحلة القائد الملهم مرحلة العقلنة الثقافية والاجتماعية التي يقودها المثقفون من مفكرين ورجال دولة، والتي تهدف إلى تحويل القيم والتصورات الرسالية الجديدة إلى قواعد ومرتكزات يتأسس عليها البناء الاجتماعي.
فإذا تساءلنا عن سر التلازم بين الوعي الديني والنهوض الحضاري وجدنا تعليلاً عميقاً عند ابن خلدون، تحت فصل "في أنّ الدول العامة الاستيلاء العظيمة الملك أصلها الدين إما من نبوة أو دعوة حق" من مقدمته، يقول فيه: "وذلك لأنّ الملك إنما يحصُل بالتغلّب، والتغلُّب إنما يكون بالعصبية واتفاق الأهواء على المطالبة، وجمع القلوب وتأليفها إنما يكون بمعونة من الله في إقامة دينه، قال تعالى: (.. لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ...) (الأنفال/ 63). وسره أنّ القلوب إذا تداعت إلى أهواء الباطل والميل إلى الدنيا، حصل التنافس وفشا الخلاف. وإذا انصرفت إلى الحق ورفضت الدنيا والباطل، وأقبلت على الله، اتحدت وجهتها، فهذب التنافس وقلَّ الخلاف، وحسن التعاون والتعاضد، واتسع نطاق الكلمة لذلك، فعظمت الدولة كما تبين لك بعد، إن شاء الله سبحانه وتعالى، وبه التوفيق لا رب سواه".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: قوّة الإسلام الإيجابية في روحه وجوهره    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:03 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Gohr-aleslim
الإيجابية منطلق الإسلام ومنتهاه تبرز قوّة الإسلام الإيجابية في روحه وجوهره، في منبعه ومصبّه، وفي منطلقه ومنتهاه ومبتغاه وتثبُت وتتثبّت وتتأكّد مصداقيته، ويظهر منهجه الموصوف بالتمام والكمال، وتتجلّى روحه المتوازنة في الشرائع والشعائر، وفي الأخلاق وفي الآداب وفي سائر المعاملات وسائر أوامره ونواهيه، وفيما ينبني عليه الفكر الإسلامي بدلالاته ومعانيه وإيحاءاته ومناهجه وأوجهه المتعددة والمتنوعة التي تميّزت بالعمق والثراء منذ نشأته وتكوينه وتطوره وارتباطه بالإسلام حتى الآن، وما تميّز به من مرجعيات علمية وفكرية وعقدية وشعائرية وأخلاقية وأدبية ثبّتها أهل الذكر والراسخون في العلم ضمن سياق مفتوح على التغيير والتجديد لا الاعتزال والانغلاق، ومن غير مغالاة من جهة، وفي حدود ثوابت تتسع لمتغيرات بعيدة عن الإطلاق من جهة ثانية.قال تعالى:\"وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوّة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين\".الأعراف: 145. وقال تعالى: \"وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما أتيناكم بقوّة واذكروا ما فيه لعلّكم تتقون\" البقرة : 63. وقال تعالى:\" \"وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنّه ظلّة وظنّوا أنّه واقع بهم خذوا ما أتيناكم بقوّة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون\" الأعراف : 171. وقال تعالى: \"يا يحيى خذ الكتاب بقوّة واتيناه الحكم صبيا\". مريم : 12. وقال تعالى: \"إنّ الله هو الرزاق ذو القوّة المتين\" الذاريات: 58. فالقوّة والكمال من ميزات الإسلام وروحه وجوهره، والحقّ والعدل والجمال والمحبة والاجتهاد في الخير والاهتداء بالشرع الربّاني، كلها تمثل أصول الخيرية ومرجعيات الإيجابية ومصادرها الفاضلة، تستمدّ منها الأفكار والأعمال والروابط بين وحدات الوجود - الله والإنسان والكون- قوتها وإيجابياتها وخيراتها. يستمدّ الإسلام -عقيدة وشريعة- قوّته الإيجابية وخيريته من القوّة الإلهية المطلقة في الذات والصفات والأفعال، ويتجسد ذلك في حياة المسلمين الروحية والمادية، الفكرية والعملية، فالمرجعيات الإسلامية الفكرية والعقدية والشرعية والأخلاقية وغيرها تفتقر إليها المسيحية الظاهر زيفها واليهودية البيّن عقمها ومكر أصحابها، ففي الإسلام القول الفصل في كل ما يتصل بالإنسان في الحياة الدنيا وفي العالم الآخر، وفق منظور غاية في الدقة والصحة والكفاية والتمام والكمال، وقمّة في الاعتدال والإنصاف والاستقامة والوسطية والعظمة. قال تعالى:\"وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلاّ أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون\". الأنعام: 38. قال تعالى في قوّة الإسلام وكمال منهجه وتمام نعمه على عباده في النظر والعمل، في الدين والدنيا، في حياة الفرد والجماعة معا:\"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا\".المائدة:3. وقال تعالى في شمول إرادته وعدله ورحمته لكل شيء:\"ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا\". الكهف: 49. وقال تعالى:\"واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنّا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كلّ شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون\".الأعراف:156. وقال تعالى:\"وتمّت كلمت ربّك صدقا وعدلا لا مبدّل لكلماته وهو السميع العليم\". الأنعام:115. وقال تعالى:\"وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم\". النحل:76. وقال تعالى:\"فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير\".الشورى:15. تتجسد قوّة التوازن الإسلامي الديني والدنيوي في المبادئ والمنطلقات المتّسمة بالمنعة والمتصفة بديمومة الصلاحية، وبطيب وبنجاعة وفعّالية السبل والوسائل والمسارات وسائر الإمكانات التي أتاحها الله لعباده، تكريما لهم وتفضيلا على كثير من خلقه، قال تعالى:\"ولقد كرّمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلّناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا\". الإسراء:70. وقال تعالى:\"انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا\".الإسراء:21. وأتاح الله لعباده إمكانية الزّلل والرجوع إليه، فيكون أحنّ عليهم من الوالدة برضيعها. قال تعالى: \"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعا إنّه هو الغفور الرحيم\". الزمر: 53. ويتحقق بقوّة عجيبة اعتدال الذات الإسلامية روحا ومادة في مقابل الاختلال والعفن والفساد في غيرها، ذلك بواسطة الغائية الإسلامية المبني عليها الفعل المقاصدي نظرا وعملا، وتجسّد ذلك بقوّة في التجربة النموذجية النبوية الطاهرة الشريفة، لما اكتسبته من العناية الإلهية تكريما ووصفا، واقتفى آثارها ولا زال الإنسان كذلك ابتداء من الصحابة حتى الآن وإلى يوم الدين، وبان ذلك في اعترافات الكثير من رواد الفكر والعلم من أهل الثقافات والديانات والملل والنّحل الأخرى، حتى أصحاب تلك النّحل التي تعادي الإسلام إلى أبعد الحدود. قال تعالى:\"ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك\"الشرح:1،2،3،4. وقال تعالى يصف خُلق نبيه محمد عليه الصلاة والسلام:\"وإنّك لعلى خلق عظيم\" القلم: 4. كان للعلماء حضورهم القويّ في تجميع وترتيب عناصر المنظومة المقاصدية في بنية بلغت من الإحكام والضبط والدقة والكفاية ما لم تشهده منظومة تشريعية على مرّ التاريخ، وتتصل بالحياة ككل ضرورة وحاجة وتحسينا، كما تحفظ الإنسان في نفسه وعقله ودينه ماله وعرضه. قال تعالى:\"هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أُمّ الكتاب وأخر متشابهات فأمّا الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربّنا وما يذكّر إلا أولوا الألباب\". آل عمران:7. وقال تعالى:\" أمن هو قانت أناء اللّيل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنمّا يتذكر أولوا الألبـاب\". الزمر:9. والبنية المقاصدية الإسلامية هي ذات تأصيل إسلامي في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، وتأسيس علمي اجتهادي، تكوّنت في سياق تاريخي يرتبط بالزمان والمكان، بما في الزمان والمكان من جزئيات وتفصيلات وتغيّرات تناسب هذا السياق التاريخي دون غيره، ففيها ما اخترقت فعّاليته حدود الزمان والمكان، وفيها ما فقد صلاحيته وأصبح جزء من الماضي، الأمر الداعي إلى بذل الوسع باستمرار وبدون توقف ومن غير انقطاع فيما فيه خير الإنسان في الدين والدنيا، وللتّأكيد الإسلامي على الزمان والمكان، على المادي والروحاني، على التوازن في الحياة على المستوى الفردي وعلى المستوى الفئوي وعلى المستوى الاجتماعي وعلى المستوى الإنساني الأممي، قال تعالى في صرف الناس عن الأحادية في الفكر والتصور وتجنيبهم التطرّف في السلوك والمغلاة والبغي من خلال نموذج شعيرة الصلاة: \"قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا\". الإسراء:110. والحرص الدءوب على ضرورة مجابهة سائر التطورات والتحدّيات والمشكلات التي تعرفها الحياة البشرية بجميع جوانبها مجابهة إيجابية، وضرورة الاضطلاع بمهام وصلاحيات وواجبات وحقوق البناء الحضاري واستئنافه، وحتمية التصدّي لمعيقات الحراك التاريخي صوب الحضارة، ومنع كل الأسباب المؤدية إلى التهميش والبطالة والتخلف والتبعية في سياق الحراك التاريخي الحضاري المطلوب. قال تعالى:\"يا أيها الذين امنوا اتّقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلّكم تفلحون\". المائدة: 35. وقال تعالى:\"وابتغ فيما آتاك الله الدّار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إنّ الله لا يحب المفسدين\". القصص: 77. وقال تعالى في ضرورة إتّباع شرعة الإسلام وتعاليمه:\" ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الذين لا يعلمون\". الجاثية:18. الإيجابية أو الخيرية – كل ما يجلب النفع ويبعد الضرر في المعتقد والفكر والقول والممارسة العملية- محمدة ومكرمة تقوم عليها المنظومة الأخلاقية الإسلامية والأدبية، تجسّدت هذه الإيجابية الأخلاقية في الأنموذج النبوي الكريم القويم العظيم، وفي الاقتداء والتأسّي به إلى يوم الدين، وهو أنموذج رباني اصطفاء وتكوينا وبنية وتأثيرا، فكان الأنموذج قرآنا يمشي على الأرض، قال تعالى:\" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا\". الأحزاب:21. وقال تعالى:\" قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا براء منكم وممّا تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّ لك وما أملك لك من الله من شيء ربّنا عليك توكلّنا وإليك أنبنا وإليك المصير\". الممتحنة:4. وكانت النبوة تتفاعل مع الواقع بفعل السماء من خلال مقتضيات التنزيل وأسبابه في الواقع وبواسطة الناسخ والمنسوخ وغيره، فجاءت أحكام القرآن تقبل الواقع تارة وتعترض عليه تارة أخرى، وفق ما تتطلبه الفطرة البشرية وبموجب ما يستلزمه الحال والمقال ويفرضه المنطق السليم من تدرّج ومرحلية وتأنّي في تغيير الأوضاع من السّلب إلى الإيجاب، والخروج بالإنسان من ظلام الجهل والكفر والنفاق والرذيلة إلى نور العلم - خير الناس من تعلّم العلم وعلّمه، العلم الديني والعلم الدنيوي- والتوحيد والصدق والفضيلة، وإذا اشتدّ عود الإنسانية أخلاقيا وأدبيا بفعل عمليتي التحسين والتقبيح العقليتين من دون الهدي الإلهي فإنّ ذلك جاء مشوبا بالاختلالات والاختلافات والنقائص وكان سببا لمخاطر كثيرة وأهوال كبيرة، الأمر الذي دعا إلى إتمام مكارم الأخلاق بالوحي الإلهي المطلق في أصوله ومساره ومبتغاه والمُصوّب لفعل العقل في حكمه على الفعل بين الخير والشر، وإلى التوحيد بين إيجابية الهدي الإلهي المطلقة وهي الأصل والمسار والمبتغى في كل شيء، وخيرية الأخلاقية البشرية العقلية النسبية التي تتأرجح بين المثالي الروحاني العقلاني والمادي الحسي الواقعي في جو استمرار وديمومة صلاحية مكارم الأخلاق في كل الأمصار والعصور واستقلاها عن الأعراف والعادات والتقاليد التي تتعدد وتتنوع وتتباين بتعدد وتنوع وتباين ظروف الناس وأوضاعهم المختلفة، قال تعالى:\"لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسّه الشرّ فيؤوس قنوط.\" فصلت: 4. وقال تعالى:\"كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون\". الأنبياء:35. وقال تعالى:\"وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسّه الشر فذو دعاء عريض\". فصلت:51. وتبقى قاعدة جلب الخير ودفع الشر هي المحك والمقياس لكل فعل أخلاقي إسلامي تستمد منها الروح الإسلامية إيجابيتها الدينية والدنيوية والأخلاقية والأدبية وغيرها. قال تعالى في أهل الخيرية والإيجابية التي هي أصل كل حراك إنساني اعتقادا وفكرا وسلوكا وواقعا ملموسا:\" يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين\". آل عمران:114. وقال تعالى:\" وأنزلنا إليك الكتاب بالحقّ مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عمّا جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمّة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون\". المائدة:48. وقال تعالى في ورثة الخيرية والإيجابية:\"ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير\". فاطر :32. الإسلام في مبدئه وروحه ومساره ومنتهاه براء من الفصل بين القيصرية والإلوهية، وبين الديني والدنيوي، وبين السياسي والأخلاقي، وبين الأرض والسماء، وبين الأعلى والأدنى، وبين الأمام والخلف، وبين الفرد والجماعة، وبين ربّ الناس والناس، قال تعالى:\"يا أيها الذين امنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل\".التوبة: 38. وقال تعالى:\"الذين يستحبّون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد\". إبراهيم:3. وقال تعالى:\"من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب\". الشورى:20. وقال تعالى:\"نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون\". فصلت:31. وقال تعالى في كون الحكم لله في كل أمر من أمور الحياة في الدنيا وفي العالم الآخر:\"ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون\". هود :123. وقال تعالى:\"ولو أنّ قرانا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلّم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين امنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إنّ الله لا يخلف الميعاد\". الرعد:31. وقال تعالى:\"الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أنّ الله على كلّ شيء قدير وأنّ الله قد أحاط بكل شيء علما\". الطلاق:12. على عكس ما نجده في المعتقدات والتيارات الفكرية والفلسفية وغيرها التي تبيح لنفسها التورط في التجاهل والتعالم ونكران الحق وحرب الله بتشويه خلقه والإساءة إلى خُلقه. قال تعالى:\"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذّب بآياته إنّه لا يفلح الظالمون\". الأنعام : 21. وقال تعالى:\"ومن أظلم ممن ذكّر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدّمت يداه إنّا جعلنا على قلوبهم أكة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا\". الكهف: 57. وقال تعالى:\"ومن أظلم ممن ذكّر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنّا من المجرمين منتقمون\".السجدة:22. وقال تعالى:\"ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين\".الصف:7. إنّ الإنسان لم يختر خلقه ووجوده ولا اسمه ولا المكان الذي وجد فيه ولا النعم التي ينعم بها ولا العديد من النقم التي تحل به وكل ما هو خارج عن إرادته واختياره، ولم يختر مستقبله في الدنيا ولا مآله بعد الموت ولا هو على بيّنة من ذلك، ينسى الماضي ويضعف أمام الحاضر ويعجز عن استشراف المستقبل ويجهل الغيب، أمام هذه الحال فالإنسان مفطور من فاطر السموات والأرض ببنية بشرية آدمية متفردة، عضوية ونفسية وعقلية واجتماعية، مادية وروحية، ليس كمثلها شيء على وجه الأرض، قال تعالى:\"ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين\". المؤمنون:14. وقال تعالى:\"لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم\".التين:4. فبنية البشر تخرج إلى الحياة الدنيا أضعف كائن وبعد فترة تصير أقوى مخلوق كائنا ما كان، لما نال الوجود الإنساني من التكريم والتفضيل داخل الكون اللاّمتناهي صغرا وكبرا وعظمة من العظيم في الذات والصفات والأفعال، قال تعالى:\"الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوّة ثم جعل من بعد قوّة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير\". الروم:54. فالله القائم بالربوبية والمتفرد بالإلوهية والجدير بالعبودية في منتهى إيجابياتها، فالعبودية في الإسلام إلزام وعهد مقطوع بين العبد وخالقه لا ينقضي، إنّ روح الإسلام وجوهره وعلامته ومفتاحه شهادة \"أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله\"، إقرار بالتوحيد وتصديق برسالة خاتم الأنبياء والمرسلين حررا الإنسان تماما من كل مظاهر الرقّ والاستعباد لطاغوت الإنسان والمادة والوهم، وإقرار الخضوع والخنوع عقديا وسلوكيا لله وحده، قال تعالى:\"وإلهكم إله واحد لا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم\". البقرة:163. وقال تعالى:\"قل أيّ شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أنّ مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون\".الأنعام:19. وقال تعالى:\" قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنّما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا\". الكهف:110. وقال تعالى في حاجة عباده إلى شرعته ومنسكه:\"ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين\". الحج:34. وقال تعالى:\"قل إنمّا أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنمّا إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين\". فصلت:6. أمام الطبيعية التي استعبدت الإنسان ضعفا ورغبة ورهبة على مرّ التاريخ، وأمام استعباد الإنسان للإنسان، وأمام استعباد الهوى والخرافة والأسطورة والوهم الإنسان، قال تعالى:\"أرأيت من اتّخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا\".الفرقان:43. وقال تعالى:\"ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنّما حسابه عند ربه إنّه لا يفلح الكافرون\". المؤمنون:117. وقال تعالى:\"فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنّما يتبعون أهواءهم ومن أضلّ ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين\". القصص:50. جاءت شهادة التوحيد أحقّ وأوكد شهادات تحرير الإنسان، لأنّ إفراد الله بالوحدانية والإلوهية والربوبية وتخصيصه بالعبودية والإخلاص له، يحرر المؤمن العابد ليس فقط من طاغوت البشر والحجر والوهم بل يمثل بحق الإيمان بعقيدة والتدين بدين جعل الحرية والتحرر من حيث المبادئ والوسائل والسبل والغايات مَعْلَمًا أساسيا يتصاعد في أفق الرقي العلمي والإيماني والحضاري تتميز به تعاليم القرآن الكريم، كتاب الإسلام معجزة الرسالة المحمدية المحفوظ من كل مكروه.قال تعالى:\"إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون\". الحجر:9. كما يمثل التحرير الإسلامي ركنا رئيسيا في رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين. قال تعالى:\"قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرّا ولا نفعا والله هو السميع العليم\".المائدة:76. وقال تعالى:\"قل يا أيّها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين\".يونس:104. وقال تعالى:\"ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إيّاه ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون\".يوسف:40. وقال تعالى:\" إنّما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون\". العنكبوت:17. الإسلام رباط بين المخلوق والخالق لا ينفك وعروة وثقى لا تنفصل، فلا سبيل إلى الردّة بمبرر حرية المعتقد، فيظلّ الإنسان مسلما ويمسي كافرا، قال تعالى:\"لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم\".البقرة:256. وقال تعالى:\"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلّكم تهتدون\".آل عمران: 103.فلا سبيل مع الإسلام إلى الكفر أو الشرك أو النفاق والردّة، لأنّ الرباط غليظ لا ينكسر. قال تعالى:\"ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين\". البقرة:89. وقال تعالى في الشرك:\"وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم\".لقمان:13. وقال تعالى في النفاق:\"المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون\".التوبة:67. وما دام الخالق الرازق أوجد الإنسان بروح وببدن ليس للإنسان أثر في ذلك، وما دام للروح مغذياتها وللبدن مغذياته في وضع مركب معقد متكامل من صنع صانع فوق الإنسان وفوق العالم الذي يعيش فيه الإنسان، الصانع أدرى بمصنوعاته وبما تحتاجه فشرّع الشرائع لحكم يعلمها هو والراسخون في العلم، حكم جمعت بين المبدأ والمعاد، بين عالم الدنيا والعالم الآخر، بين المادة والروح، بين الديني والدنيوي، بين العبادة والمعاملة، بين الفرد والمجتمع، بين الأرض والسماء، بين الله والإنسان، بين الأعلى والأدنى، بين النص والواقع، بين جميع جوانب ومكونات حياة الإنسان في تناغم وانسجام وتكامل ووئام، المبتغى في ذلك تحقيق المشيئة الإلهية وتجسيدها على الأرض، وضمان الربوبية والإلوهية والوحدانية والعبودية لله وحده بكامل إيجابيتها على نحو تتحقق فيه الإيجابية على العبد وعلى أقرانه وبيئته وعلى معبوده وهو حميد غني عن العالمين، لا تنفعه طاعة ولا تضرّه معصية. قال تعالى:\"ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصّينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإنّ لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا\".النساء:131. وقال تعالى:\"قالوا اتّخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون\".يونس :68. وقال تعالى:\"ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنّما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ الله غني حميد\". لقمان :12. قال تعالى:\"إن تكفروا فإنّ الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربّكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنّه عليم بذات الصدور\".الزمر:7. الإيجابية الشعائرية في الإسلام تقترن بالإيجابية الدينية والدنيوية عامة، بل هي جزء منها، جزء من كل، وهي عدّة إيجابيات تراكمية نظرية وعملية بكثرة العبادات والمعاملات وسائر مبادرات المسلم طيلة حياته إلى غاية مماته، قال تعالى:\"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنّ الله عزيز حكيم \".التوبة:71. وقال تعالى:\"لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما\". النساء:162. وقال تعالى:\"الّذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين امنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون\".الأعراف:157. وقال تعالى:\"التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشّر المؤمنين\".التوبة:112. وفي الإسلام العبادة والمعاملة الحسنة وفعل الخير وطلبه والتضحية في سبيله كل ذلك من الشعائر الإسلامية الإيجابية، فالنية الطيّبة الخيّرة الصادقة شعيرة إيجابية، ومن همّ بسيئة ولم يفعلها ابتغاء وجه الله شعيرة إيجابية، والصلاة على وقتها شعيرة إيجابية، وأداء الزكاة شعيرة إيجابية، وصوم رمضان توبة وإيمانا واحتسابا وغفرانا شعيرة إيجابية، وشهر رمضان فرصة ومناسبة ومدرسة تمارس وفيها كل الشعائر الإيجابية فينجح الإيجابيون ويرسب غيرهم، وإتقان العمل شعيرة إيجابية، وإماطة الأذى عن الطريق شعيرة إيجابية، وكل عبادة أو معاملة المراد منها التقرّب إلى الله فهو شعيرة إيجابية، لأنّها تدفع ضررا وتجلب نفعا عاجلا أم آجلا. قال تعالى:\"وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون\". الأعراف:168. وقال تعالى:\"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون\". الأنعام:160. وقال تعالى:\"إنّ الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما\".النساء:40. وقال تعالى:\"إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم\".التغابن:17. ما يتفرد به الإسلام ولا يوجد في غيره من الملل والنحل اعتبار النية في الفعل الإنساني، فالنية الخيّرة خيّر صاحبها تحقّق الفعل أو لم يتحّق في الواقع، والنية الشريرة عند دوامها شرير صاحبها وقع الفعل أو لم يقع في الواقع، وتبقى النية هي الأصل في الأعمال باعتبارها جهدا إنسانيا داخليا يكون دوما وراء الفعل في إيجابيته أو في سلبيته، فالعبادة في بدايتها الأولى تبدأ من النية والمعاملة في مصدرها الابتدائي تصدر من النية وأيّة شعيرة من الشعائر في منطلقها تنطلق من النية، وتكون النوايا في الإسلام خارج الشعائر إن كانت سيئة يسيطر عليها المكر والخبث والانتقام والتصميم على الشر والإصرار في الاستمرار عليه، وتدخل في سياق الشعائر الإسلامية سائر النوايا الطيّبة الخالصة في الخيرية وفي الإيجابية سواء ارتبطت بالبتّ في الأعمال وتنفيذها أو لم ترتبط بذلك، ويكفي المسلم الملتزم إيجابية وطيبة وخيرية تغيير المنكر بقلبه إذا عجز عن تغييره باليد وباللّسان، ويكفي المسلم الملتزم إيجابية نيله الأجر والثواب من ربه بمجرد تفكيره في الخير والقصد إليه دون أن يبلّغه الله إيّاه عملا أو حتى قولا. قال تعالى:\"لا يؤاخذكم الله باللّغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم\". البقرة:225. قال تعالى:\"ثم أنزل عليكم من بعد الغمّ أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور\".آل عمران :154. وأكّد النبي صلى الله عليه وسلّم في أكثر من حديث أنّ الأعمال بالنيّات وناوي الخير ومحبه بإخلاص كفاعله. والإيمان في أصله ومنطلقه ما وقر في البصيرة وأيّده البصر، والعلم وعي ونظر يتحقق في الواقع بالعمل في دأب وديدان، وتكتمل الصورة عند المركب الذي يجمع بين النظر والعمل وبين المادة والروح وبين الفرد والجماعة وبين الدين والدنيا وبين الدنيا والآخرة وبين السياسة والأخلاق وبين الأعلى الأدنى وبين السماء والأرض. إنّ الجبلّة التي جُبل عليها الإنسان، وصبغة الله فيه التي لا تتبدل ولا تتحول بتحول الإنسان في الزمان والمكان، قال تعالى:\"سنّة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا\". الأحزاب:62. وقال تعالى:\"استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنّت الأولين فلن تجد لسنّت الله تبديلا ولن تجد لسنّت الله تحويلا\". فاطر:43. وقال تعالى:\"سنّة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا\". الفتح:23. وقال تعالى:\"صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون\". البقرة:138. إنّ أبرز ما في الفطرة الإنسانية توجُّهُ الإنسان الطبيعي الفطري نحو الخير ونفوره الفطري من الشر، وفي هذا المنحى الطبيعي تقوم الإيجابية باعتبارها فطرة في الأساس والمنطلق والمنبع والمسار والمصب، تجري الفطرة الإيجابية في الوجدان الإنساني وفي روحانيته، وتتجلى في السلوك وتتأكد في القرآن الكريم بيانا ووصفا، فالإنسان يثني على أدائه الشعائر في العبادات وفي المعاملات ويطمئنّ لذلك من خلال مونولوغ ذاتي داخلي تحركه النفس المطمئنة، فينطلق محققا فطرة التوحيد ومثبتا قطعا وجزما الوحدانية الإلوهية والربوبية لله وحده دون غيره، وهو يذم ويقدح في شخصه ضمن محاورة داخلية تضطلع بها النفس اللّوامة إهماله لواجباته نحو وجوده الفردي والاجتماعي والأممي والإنساني، ونحو خالقه الذي بيده كل شيء في عالم الحياة وفي عالم ما بعد الموت، وكذلك عند الضعف والزلل وارتكاب الجرائم عندما تتحرك النفس الأمارة بالسوء، إذ تنبري الذات لنفسها فيطالها الندم والبكاء وتتجه صوب التوبة، وفي هذا أوبة إيجابية في اتجاه الإيجابية والخيرية والفاضلية التي هي فطرة الإنسان وليست دخيلة على الوجود الإنساني، ويستمر الصراع وتكون الغلبة دوما عند ذي العقل الراجح والتربية السليمة والضمير الحيّ النبيل للإيجابية المؤدية إلى الاطمئنان للشعائر الإيجابية في العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق وسائر الآداب، الشعائر الإسلامية الدينية والدنيوية، المادية والروحية، الإيجابية التي تضمن التزود بالرضا على الأنا الذي هو مفتاح الأمان والسكون والارتياح والطمأنينة في العالم الذاتي الفردي عند الخلوة وفي غيرها، وتُحقق هذه الشعائر شروط ولوازم الاستقامة في الفكر والاعتدال في السلوك وتؤسس للروابط الاجتماعية والإنسانية الإيجابية من تواصل وحوار وتعايش وتسامح تضمن التزود بمستلزمات الرضا المتبادل بين الناس المبني على القناعة الذاتية بصدق النية وصلابة الأساس وقوّة المصدر وسلامة المنهج واستقامة النظر والعمل وعلو الهمّة والشأن والمنزلة عند العليّ القدير. من مميزات الإسلام ومن إيجابيته فيه العبادة والصلاة مثلا، شعيرة إيجابية، وطلب العلم فريضة على المسلم والمسلمة وهو شعيرة إيجابية، وفلاحة الأرض ورعي الأنعام واستخراج النفط والمتاجرة به كل هذا شعائر إيجابية تتساوى في خيريتها وإيجابيتها، ففي الإسلام الدين المعاملة، ولا رهبانية في الإسلام، والإسلام دين ودولة، هذه الإيجابية الفطرية في العبادة والمعاملة، في الدين والدنيا تقتضيها الحياة ويتطلبها التوازن المطلوب في الحياة، حيث لا قوامة للوجود الإنساني في الحياة في غياب الضروريات من أمن وغذاء وهواء وإيواء وكساء، ولا يستقر التواصل بين العبد وخالقه في غياب استقرار الوجود الإنساني، فالقوامة الإيمانية التعبدية تشترط القوامة الوجودية الحسية والاجتماعية الإنسانية، والقوامة الوجودية الإنسانية تشترط الحركة الفكرية بحثا وعلما وثقافة والحركة المادية تغييرا وإنتاجا وصناعة وتأثيرا في الطبيعة الخارجية استغلالا واستثمارا لثرواتها في خدمة مصالح الإنسان، كل هذا في إطار الحراك الإنساني الفردي والاجتماعي نحو الإقلاع والاستئناف الحضاريين بعيدا عن السكون والضعف والتخلّف والانحطاط، وهي مظاهر السلبية التي تتنافى مع الإيجابية الإسلامية في العقيدة والشريعة والأخلاق والآداب وفي سائر جوانب الحياة. قال تعالى:\"اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون\".العنكبوت:45. وقال تعالى:\"فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون\". الروم:30. وقال تعالى:\"الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور\". الحج:41.وقال تعالى:\"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون\".الأنبياء:105. فالسعي الإنساني على الأرض حقيق بإيجابية أودعها الله في الإنسان روحا وعقلا واجتماعا ومادة في كيانه المتفرد وفي محيطه، بها اضطلع بمهام التسخير والتحويل والاستغلال، فأنشأ عالما من الأفكار والأشياء أضافه إلى عالم الطبيعة هو عالم الإبداع والثقافة والحضارة. تمثل الحركة في الفكر والسلوك في التوجّه إلى الدنيا أو في الاتجاه صوب العالم الآخر أصلا ثابتا وراسخا من أصول الإيجابية ، حركة الذات شعورا وفكرا وسلوكا عاما، وحركة الوجود الطبيعي استغلالا واستثمارا وتسخيرا، وحركة الوجود الإنساني الاجتماعي والفردي اجتهادا وتغييرا وتوازنا وحضارة، وكل هذا يجري في إطار السنن الكونية الإلهية يتوق إلى الالتحام بها ويعمل على موائمتها ويسعى إلى التمرد عن كل ما لا يوافقها، لأنّ اعتبارها ضمان للإيجابية الإيمانية وللإيجابية الشرعية وللإيجابية العقدية وللإيجابية الأخلاقية، وكل هذا مصدره الحركة الإيجابية العلوية التي أودعها الله في مخلوقاته. قال تعالى:\"واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيّبات لعلكم تشكرون\".الأنفال:26. وقال تعالى:\"ألم تر أنّ الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إنّ الله بالناس لرءوف رحيم\".الحج:65. وقال تعالى:\"إنّ في خلق السماوات والأرض واختلاف اللّيل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبثّ فيها من كل دابّة وتصريف الرياح والسحاب المسخّر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون\".البقرة:164. قال تعالى:\"الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخّر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخّر لكم الأنهار وسخّر لكم الشمس والقمر دائبين وسخّر لكم اللّيل والنهار\". إبراهيم:32- 33. إنّ أصل الإيجابية الإسلامية الإيجابية العقدية الإيمانية الدينية الراسخة في الإسلام والراسخ فيها، إيجابية الفطرة وإيجابية التوحيد، إيجابية الوحدانية والإلوهية والربوبية لله وحده، لا شريك له في الذات والصفات والأفعال، إيمان بعقائد مؤكدة عقلا ومنطقا وتاريخا ووجودا، تبعث على العلم واليقين لا على الشك والريبة، وعلى الاطمئنان والسكون لا على القلق والتوتر، وعلى الحركة والاجتهاد والإبداع، لا على الجمود والتقليد والإتباع، إيجابية منطلقها التوحيد، ولباسها التقوى، ومسارها الاجتهاد وبذل الوسع في الخير، وحُللها مكارم الأخلاق من تواد وتراحم وتعاطف وتعاون وتكافل وتضامن، ومنتهاها بلوغ الخلافة على الأرض كل في مستواه، وبلوغ الثبات على الحق والصدق مع الأنا ومع الغير، ونيل رضوان الله في الدنيا والآخرة والظفر بالإيجابية الإسلامية التي هي روح الإسلام وجوهره في العقائد والشرائع وسائر الآداب والأخلاق. قال سبحانه تعالى:\"إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم\". الرعد:11. وقال تعالى:\"ذلك بأنّ الله لم يك مغيّرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم وأنّ الله سميع عليم\". الأنفال: 53. وقال تعالى:\"وأنّ ليس للإنسان إلاّ ما سعى وأنّ سعيه سوف يُرى، ثم يُجزاه الجزاء الأوفى\".النجم:41، 40، 39.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: الاستنارة بين الذات والآخر.. مقاربة قرآنية    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:04 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Aloae-blthat
تمثل "الاستنارة": حالة كيفية ونوعية من "الوعي _ الفاعل" بحقيقة "الذات" و "الواقع" و "المحيط".. فلا بد فيها من الوعي "بالذات الحضارية والثقافية" والمعرفة الواعية "بالآخر الحضاري والثقافي" أيضاً..
والذين تقف ثقافتهم عند موروثهم الفكري لا تتعداه، هم _في أحسن الأحوال_ كمن ينظر بعين واحدة، فلا يبصرون إلا ذاتهم، أو كالأعمى الذي لا يدرك من الوجود غير جسده الذي يتحسسه بيديه!
وكذلك حال ثقافة الذين ضربت عقولهم في "المصانع الفكرية" للحضارات الأخرى، الذين جهلوا مواريثهم، وهوية أمتهم، وثقافة الحضارة التي يحملون أسماءها، وإلى شعوبها ينتسبون..
إنهم مستنيرون.. لكن استنارتهم لا ترى غير الآخر، ولهم وعي، لكن وعيهم لا يدرك الذات الحضارية التي يستظلون بعنوانها العقدي والوطني والقومي والثقافي.
ومن هنا، كانت الاستنارة الكاملة الفاعلة هي الوعي الحقيقي "بالذات الحضارية" و "بالآخر الحضاري"، وإدراك وإعمال قوانين الاخذ والعطاء، والتفاعل الصحي بين تيارات الفكر الإنساني، وثمرات العقول في مختلف الثقافات والحضارات..
فالذين يكتفون "بذاتهم" الثقافية والحضارية. لابد وأن يقودوا هذه "الذات" إلى الذبول والاضمحلال، مثلهم في ذلك كمثل المضرب عن الطعام، يعيش على الذات حتى يستهلك مكوناتها!
وكذلك الذين يتجاهلون أو يجهلون "الذات" الثقافية والحضارية لأمتهم، ويتقمصون "ذوات" الآخرين، لابد وأن تنتهي هذه "الذات" _التي فرطوا فيها _ إلى الذبول والاضمحلال!..
فمعرفة النفس لا تغني عن معرفة الآخرين.. والعكس صحيح..
ولا يحسبن أحد أن هذا المنهاج _في الاستنارة الحقيقية _ هو وليد الواقع المعاصر، وما شهد ويشهد من تسارع وتعاظم في ثورة وسائل الاتصال.. فمن القرآن الكريم نتعلم المنهاج الذي يدعونا _بعد الوعي بالذات، واليقين بالحق الذي نؤمن به، وننتمي إليه، ونجاهد في سبيله_ .. يدعونا هذا المنهاج القرآني إلى التعرف على الآخرين.. بل والتأمل فيما يقولونه عنا، والتدبر في "صورة ذاتنا" لدى هؤلاء "الاخرين".
إن عالمية الإسلام تفرض على أمته _كي تحقق القيام بفريضة الدعوة إليه _ تحقيق مستويات ثلاثة في الدعوة إلى هذا الدين:
1_ تبليغ الدعوة الإسلامية إلى الآخرين.
2_ وإقامة الحجة، بصدق الإسلام، على هؤلاء الآخرين.
3_ وإزالة الشبهة، عن الإسلام، لدى هؤلاء الآخرين.
وبدون المعرفة بالآخر، والوعي بما لديه من عقائد و "أيديولوجيات" ومواريث فكرية وثقافية، يستحيل إنجاز هذه الأركان في فريضة الدعوة إلى الإسلام..
وليس كالقرآن كتاباً اعتمد "المقارنة" منهاجاً في إثبات الحق الإسلامي، عندما عرض هذا الحق مقارناً بما لدى الشرك والوثنية والإلحاد والتحريف من دعاوى ومواريث.. (قالَ أتَعبدونَ ما تَنحِتونَ واللهُ خَلَقَكُم وما تَعمَلُون)(الصافات/95_96).
وفي تقرير صفات الكمال للذات الإلهية، ينساب المنطق القرآني إلى العقول والقلوب عندما يأتي في معرض المقارنة مع بضاعة الآخرين: (واذكُر في الكتابِ إبراهيمَ إنَّهُ كانَ صدّيقاً نَّبياً إذ قال لأبيه يا أَبَتِ لم تَعبُدُ ما لا يَسمعُ ولا يُبصرُ ولا يُغني عنك شيئاً)(مريم/41_42).
وليس كالقرآن كتاباً سعى إلى استنطاق الآخرين كل ما لديهم من "حجج وبراهين" على ما يعتقدون: (وقالوا لَن يَدخلَ الجنَّة إلاّ من كانَ هُوداً أو نَصارى تلكَ أمانيُّهم قُل هاتُوا بُرهانكم إن كُنتم صادقين)(البقرة/111).. (سيقولُ الَّذين أشركوا لو شاءَ اللهُ ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حَرَّمنا من شيء كذلك كذَّب الذين من قبلِهم حتى ذاقُوا بأسنا قل هَل عِندكم من عِلمٍ فتخرجُوه لنا إن تَتَّبعونَ إلاّ الظَّنَّ وإن أنتم إلاّ تخرُصُون)(الأنعام/148).. (قُل أرايتُم مّا تَدعونَ من دونِ اللهِ اروني ماذا خَلَقوا من الأرضِ أم لهم شركٌ في السّمواتِ ائتوني بكتابٍ من قَبلِ هذا أو أثارةٍ من علمٍ إن كنتم صادقين)(الأحقاف/4).
وليس كالقرآن كتاباً اهتم "ببضاعة" الآخرين _العقدية والفكرية _ على ما بها من سقم وعوج وتهافت.. فهو يثبت ما تحدثوا به عنه _وهو المعجز المتحدى_ عندما قالوا: (... إن هذا إلا أساطيرُ الأوّلين)(الأنعام/25).. (بَل قالوا أضغاثُ أحلامٍ بل افتراهُ بل هُوَ شاعرٌ فليأتنا بآيةٍ كما أُرسلَ الأوّلون)(الأنبياء/5)..
ويثبت ما وصفوا به الصادق الأمين (ص) عندما قالوا عنه: (هذا ساحرٌ كذّابٌ)(ص/4).
ويثبت الفلسفة الدهرية _على بؤسها _ عندما تعلقوا بحبالها: (وقالوا ما هِي إلاّ حَيَاتنا الدُّنيا نموتُ ونحيا وما يُهلكُنا إلاّ الدّهر وما لَهُم بذلك من علمٍ إن هُم إلاّ يظُنون)(الجاثية/24).
ويخلّد "منطقهم" العجيب، الذي انحاز للشرك، متعجباً من التوحيد!: (أجَعَلَ الآلهةَ إلهاً واحداً إنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ)(ص/5).
يتتبع القرآن الكريم "مقالات" الآخرين، فيفندها، ثم لا يطوي صفحتها متجاوزاً إياها، وإنما يثبتها آيات في سورة نتلوها ونتعبد بها، ليرسي دعائم هذا المنهاج في مقارنة العقائد والفلسفات والأفكار.
بل إننا نتعلم من هذا المنهاج القرآني، أن الذين يصادرون الفكر الاخر، ويغلقون دونه الأسماع والأبصار إنما كانوا هم المشركين.. فتجاهل الفكر الآخر، والصد عن سماعه وتأمله وتدبره ليس منهاج أهل الإيمان.. والمشركون هم الذين يُلهون ويصرفون أنفسهم وذويهم عن القرآن: (وَمِنَ النّاسِ من يشتري لَهوَ الحديثِ ليُضلَّ عن سبيلِ اللهِ بغيرِ علمٍ ويتَّخذها هُزُواً أُولئكَ لهم عذابٌ مُّهين)(لقمان/6).. فلقد رفعوا شعار التعمية على هذا الذي خالف ما وجدوا عليه آباءهم وكبراءهم: (وقالَ الَّذينَ كَفَروا لا تَسمَعُوا لهذا القرآنِ والغوا فيهِ لَعلَّكم تغلبُونَ)(فصّلت/26).. فلقد حسبوا أن الراحة والغَلَب في التعمية على هذا الذي لم يألفوه، والكتمان لهذا الذي لا يهوون، والمصادرة لهذا الذي لا يريدون!..
هذا هو المنهاج القرآني في التعامل مع الفكر الآخر _حتى عندما كان شركاً صريحاً وكفراً بواحاً ووثنية جاهلية ودهرية حيوانية، مصادمة للفطرة السوية التي فطر الله عليها الإنسان في الإيمان..
واليوم.. ونحن نعيش واقعاً عالمياً، إن هدأت فيه أدوات القتال الدامي حيناً، اشتدت فيه آليات التدافع الفكري، بل والغزو الثقافي، والاجتياح الإعلامي، في كل الأحايين.. في هذا الواقع، نرى فكر الآخرين يقتحم على عقولنا وقلوبنا حتى مخادعنا التي نستكن فيها!.. وكذلك يتاح لفكرنا _هو الآخر _ أن يصل إلى الآخرين في عوالمهم، الأمر الذي أحدث تغييراً نوعياً في المواقع الفكرية على خارطة الواقع المعاصر.. فلم يعد الفكر الآخر خارج الحدود، ولا حتى متربصاً ومتلصصاً على النوافذ والأبواب، وإنما غداً في داخل حصوننا، قامت وتقام له المراكز والمؤسسات والجامعات والصحف والمجلات.. بل إنه يمطرنا صباح مساء وآناء الليل وأطراف النهار من أقماره الصناعية السابحة في سماواتنا بلا حواجز أو حدود!..
كما أصبحت لنا _نحن أيضاً _ رغم حالة الاستضعاف وقلة الإمكانات _مراكز إشعاع فكري في ديار الآخرين، تؤتي _بقوة الحق الإسلامي، وجاذبية الفطرة فيه _ من الثمرات ما يعوض سلبيات الاستضعاف وقلة الإمكانات!..
لقد اثمر هذا الواقع الجديد _الذي أحدثته ثورة وسائل الاتصال _ لوناً من "التلاحم الفكري" العالمي، الأمر الذي فرض ويفرض على مختلف فرقاء التدافع الفكري الوعي بما لدى الآخرين.. فلقد أصبح هذا الوعي ضرورة للقبول وللرفض على حد سواء!..
وإذا كانت القضية، بالنسبة لنا، تتعدى حدود "المغالبة الدنيوية" في عالم الأفكار، إلى حيث هي فريضة دينية _أيضاً _ لإبلاغ الدعوة إلى الإسلام، وإقامة الحجة على صدقه، وإزالة الشبهة عن عقول المشتبهين فيه.. فإن الوعي بما لدى الآخرين عن "ذاتهم" وعنا يصبح _هو الآخر _ فريضة إسلامية على الذين انتدبوا أنفسهم للرباط الفكري على ثغور الإسلام _ الدين.. والحضارة.. والأمة.. والديار _هذه الشريحة من أهل العلم، الذين تحدث عن رسالتهم هذه رسول الله (ص) عندما قال: "يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدوله، ينفون عنه تحريف الضالين وانتحال المبطلين".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: كيف يتحدد مفهوم الانسان، أو يتجلى في الفكر الاسلامي؟    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:05 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Kaf

كمقدمة لدراسة مثل هذا الموضوع، سوف أطرح الأسئلة الثلاثة التالية:
1 ـ كيف تنبثق مشكلة الانسان بصفتها حقيقة ضخمة لا يحاط بها في المجتمعات الاسلامية المعاصرة؟
2 ـ ما التجهيزات الفكرية والمصادر العلمية التي يمتلكها الفكر الاسلامي المعاصر من أجل تقديم الأجوبة الجديدة للمشاكل المطروحة: أقصد الأجوبة التي تراعي، في آن معاً، التعاليم الإيجابية للتراث والضرورات الملحة واللازمة للحداثة؟
3 ـ كيف يمكن أن نضع الجواب (الاسلامي) على مشكلة الانسان ضمن التصورات والمواقف المحسوسة التي يفرضها الفكر العلمي الحديث؟ ونحن إذ نطرح المشكلة بهذا الشكل فإنها تجبرنا على تطبيق نقد جذري على الموقع المهيمن للفكر الغربي الذي يبدو أنه سيقود مصير الانسان أو الشخص البشري لفترة طويلة بسبب تفوقه العلمي والتكنولوجي.
في ما يخصّ الخط الفلسفي في معالجة الموضوع، فإننا نجد أن مفهوم الانسان وموضوعه كانا قد لفتا انتباه المفكرين المسيحيين بشكل خاص. نذكر من بينهم إيفان غوبري في كتابه الصغير الانسان عام (1975). وهو يعطي فكرة دقيقة عن الموضوع.
أما في ما يخص الجهة الاسلامية فإننا نجد موضوع الانسان موجوداً بقوة لدى مختلف تيارات الفكر الكلاسيكي. ولكننا لا نستطيع أن نكتفي بالأطر الدينية والأخلاقية والقانونية والفلسفية الموروثة عن الفكر الاسلامي النظري أو التأملي. وينبغي علينا الشروع بتفكير نقدي حول الموضوع اعتماداً على الشروط الجديدة للتطور التاريخي للمجتمعات الاسلامية منذ سني الخمسينات.
كنت قد بيّنت في دراسة سابقة كيف أن الضغط الديمغرافي وإدخال الاقتصاد الصناعي إلى المجتمعات الاسلامية ثم ظهور الدول أو الأنظمة المستبدة والمغفلة (أي المجهولة) والمنفصلة عن المجتمع المدني، بل والمضادة له، ثم التبعية المتزايدة تجاه التكنولوجيا الحديثة، ثم التأخر الثقافي، ثم القطيعة المأساوية مع البيئة المحلية سواء أكانت ريفية أم جبلية أم بدوية، كل هذه العوامل تداخلت وتضافرت من أجل تغيير شروط انبثاق الانسان وتشكله بشكل جذري.
نحن نعلم أن الثورات الزراعية التي أدخلت في كل مكان بعنفوان إيديولوجي معروف قد سحبت من العالم الريفي أو من حضارة الصحراء القواعد البيئوية والأرضية المحلية والزراعية لقانون العرض الذي ساد هذه المجتمعات منذ آلاف السنين. في الواقع، إن قاتنون العرض كان قد ساد قبل الاسلام وبعده من أجل الحفاظ على الأمن والنظام داخل كل جماعة. وهذا هو معنى استبطان نظام القيم التي تبلغ ذروتها في الشرف الذي يتيح لكل فرد أن يرتفع إلى درجة عليا أكثر فأكثر (أفضل، فضل، عين، أعيان). كما ويتيح له أن يتمتع بالسيادة والاحترام الخاص بالانسان. نقصد بذلك سيادة روح ما على بقية الأرواح، أو إنسان ما على بقية الناس. وهذا ما يؤدي إلى إذعان البشر الحر للقيم المجسدة والمطبقة من قبل السيد، أو الزعيم، أو الحكيم (سيد، شيخ، إمام، مهدي، والي، مرابط، الخ...).
إن قانون العرض السائد في المجتمعات التقليدية شفهي وغير مكتوب. وقد تعرض الآن لتدهور كبير في كل مكان. إنه معاش ومستبطن من قبل الفرد على هيئة عادة جسدية وعمقية توجه كل التصرفات الفردية والجماعية. وهذا القانون ليس منقولاً بواسطة تعاليم نظرية، وإنما هو متجسد باستمرار في الحياة اليومية في كل تعقيده الشكلاني والشعائري والاجتماعي والرمزي. وهناك دراسات وصفية عديدة لتجليات هذا القانون في المجتمعات والفئات الأكثر تنوعاً وبُعداً عن بعضها البعض من حيث المكان.
لا ريب في أن الاسلام قد أدخل متغيرات كبرى عندما ظهر، وذلك إذ فرض الدولة المركزية والكتابة التي ولدت في كل مكان نوعاً من التنافس مع التراث الشفهي، ثم إذ فرض قانوناً أدى إلى حدوث صراعات معروفة مع الأعراف المحلية. ولكن الانتشار السوسيولوجي لأدوات (تدجين) المجتمعات (المتوحشة) هذه قد حدّ منه في كل مكان بواسطة المقاومة التي أبداها نموذج العمل الاجتماعي ـ التاريخي ـ المدان في القرآن تحت اسم الجاهلية.
لم تهتم الاسلاميات الكلاسيكية قط بهذا المعطى الحاسم من أجل معرفة أو فهم تركيبة المجتمعات الاسلامية بالأمس واليوم. فهي قد فصلت كلياً بين الاهتمامات المعرفية للفللوجيا التاريخوية/ وبين التحريات الميدانية الخاصة بعلم الاتنوغرافيا والاتنولوجيا. وبالتالي فقد حبست نفسها في إطار النصوص الفصيحة العالمة والكلاسيكية من أجل تشكيل إسلام مثالي متوافق مع إسلام التيولوجيين والفقهاء المسلمين أنفسهم.
لا يمكننا تحديد مكانة الشخص اليوم كما بالأمس قبل أن نبتدئ بدراسة سوسيولوجية للقانون الاسلامي. ففي داخل المجتمع نفسه كمصر، والعربية السعودية، وإندونيسيا، وتركيا، الخ، نلاحظ أن القانون الاسلامي ليس مطبقاً بالتساوي وبالدرجة نفسها على كل الفئات أو الطبقات التي تتعايش داخل الفضاء الاجتماعي نفسه. فالقانون البدوي، والقانون البربري، والقانون الكردي،... كلها مرتبطة بالمعارف المحلية. وقد قاومت إرادة الدولة الاسلامية لفترة طويلة من الزمن، على الرغم من محاولة هذه الدولة إخضاع كل مناطق (العصيان) هذه.
يضاف إلى ذلك أن درجة اختراق الثقافة واللغة العربية للبيئة المعنية هي التي تحدد أيضاً أنماط الانسان التي تظهر في كل بيئة اجتماعية ـ ثقافية. فمثلاً إذا ما نظرنا إلى منطقة القبائل الكبرى المزدحمة بالسكان في شمال الجزائر وجدنا أنه لا القانون الاسلامي ولا اللغة العربية ولا الثقافة العربية استطاعت أن تفرض نفسها قبل حصول الاستقلال عام 1962. والاسلام الذي نشره المرابطون هناك في الماضي اضطر إلى هضم قانون العرض المحلي وترسيخه، بالإضافة إلى الرأسمال الرمزي الذي يتميز بالمقاومة الشديدة لكل التأثيرات الخارجية. والكلام نفسه ينطبق على البربر في المغرب الأقصى وليبيا والعديد من الجماعات الأفريقية، الخ...
ينبغي أن نلاحظ هنا أن الصراع الذي دار بشكل لا يرحم بين المجتمع (المتوحش) والمجتمع (المدجن) كان قد ابتدأ سابقاً مع لحظة النبي في مكة والمدينة. ولم يتلق عندئذ، فقط، صيغة إيديولوجية نموذجية متمثلة بالقرآن، وإنما تلقى أيضاً أساساً (انطولوجياً) يخلع التعالي والتنزيه على هذا التضاد ذي الجوهر الانتربولوجي. نحن نعلم، بهذا الصدد، كيف أن القرآن وكل الفكر الاسلامي التالي قد عارض بكل حماسة وقوة بين ظلمات الجاهلية/ وأنوار الاسلام. فالجاهلية هي تلك المرحلة من التاريخ التي لم يكن البشر قد تلقوا فيها الوحي بعد. والمقصود بالوحي هنا تلك المعرفة الصحيحة إطلاقاً (أي العلم) التي علمها الله من أجل أن يعدل كل مؤمن من أعماله ويوجهها لكي تتلاءم مع منظور النجاة الأبدية. والاسلام هو انبثاق هذا العلم الذي يقود كل المؤمنين نحو الخلاص الأبدي في الدار الآخرة.
ولكن إذا ما استخدمنا مصطلحات علم الانتربولوجيا الاجتماعية والثقافية قلنا، إن الجاهلية هي المجتمع العربي قبل الاسلام وقانون العرض والشرف السائد فيه. ثم جاء الاسلام ونجح في فرض رأسمال رمزي جديد وتشكيل أفق أخروي يتم الحفاظ فيه على قيم قانون الشرف أو العرض، ولكن بعد أن تخلع عليها أردية التقديس والأنطولوجيا والتعالي من قبل خطاب الوحي. وقد راحت جماعة المؤمنين الأوائل القليلة العدد تؤمن عن طريق انخراطها الإيماني وجهادها وراءا لنبي، الترقية التاريخية (للانسان) المسلم، وبالتالي للمجتمع المسلم أيضاً. إن نموذج تشكيل الانسان في الاسلام وقدرة هذا النموذج على اختراق كل الحدود الثقافية ثم انبثاقه المتكرر الذي لا يقاوم في كل المنعطفات التاريخية التي تتميز بالغليان الاجتماعي والإيديولوجي، ثم توسعه الحالي في مواجهة تحدي الحضارة الصناعية، كل ذلك يمكن تفسيره بعوامل أربعة حاسمة:
1 ـ الطابع الفعال للخطاب القرآني وبنيته الأسطورية (أي المجازية الرمزية المنفتحة على المطلق وتعددية المعنى).
2 ـ القوة الحاملة والمثيرة للشعائر الدينية التي تتم بواسطتها عملية التجسيد المستمرة (بالنسبة لكل مؤمن (أي كل إنسان) وبالنسبة للأمة كلها) للمضامين المعنوية واندفاعات الأمل الأخروي التي أدخلها الخطاب القرآني لأول مرة، والتي وسعها وضخمها في ما بعد الخطاب الاسلامي.
3 ـ تأسيس دولة مركزية وديمومتها، وهذه الدولة حملت على عاتقها مهمة الدفاع عن ((الدين الحق)) (أي الأرثوذكسية)، ثم استمدت منه في خط الرجعة شرعيتها.
4 ـ تشكيل متخيل سياسي ـ ديني أثناء المرحلة التأسيسية للاسلام (610 ـ 632م)؟
وما انفك هذا المتخيل يستوعب التصورات (الأرثوذكسية) للاسلام الأولي لكي يولد في كل مكان تاريخاً (إسلامياً). وهذا التاريخ مقدم ومتصور على أساس أنه التطبيق الحرفي لنموذج السلوك الفردي والجماعي الذي دشنه النبي.
كان هذا المتخيل قد دشن لأول مرة من قبل ما دعوته بتجربة المدينة. وكل المبادرات التاريخية الكبرى التي حصلت في المجال الاسلامي كانت قد تولدت بواسطة هذا المتخيل. وهذه المبادرات والأعمال التاريخية تفترض نفسها توليد نمط معين من أنماط الانسان: أقصد النمط الذي كان قد استبطن كل التصورات والصور الرمزية المثالية المنقولة من قبل الخطاب الاسلامي التقليدي.
يمكننا أن نعيد كتابة تاريخ كل المجتمعات التي سادها هذا النموذج في الممارسة والعمل التاريخي عن طريق تبيان التداخل والتفاعل المستمر بين المتخيل السياسي ـ الديني المشترك لدى كل المؤمنين، وبين العقل التحليلي والتصوري والمنطقي للمثقفين الذين يحاولون إدخال نوع من التماسك العقلاني داخل مجال مخترق إلى حد كبير من قبل تصورات الخطاب الرسمي (أي خطاب الدولة ((الاسلامية)) ). أو مخترق من قبل الخطابات المنافسة التي تتناسب بشكل أفضل مع الأعراف الرمزية المحلية.
إن دراسة الانسان بصفته محلاً للحرية تحصل فيه عمليات الانتخاب والاصطفاءات والتركيبات التي ستشكل كل شخصية وستفرض على وجه الاحتمال (وعلى مستوى الجماعة المحلية أو القومية أو الأمة الدينية) ذلك الشخص، أو القائد، أو الإمام. أقول إن دراسة كهذه تصبح ضرورية ولا بد منها إذا ما أردنا أن نفهم الآليات الدقيقة التي تسيطر، في نهاية المطاف، على المصير الفردي والتطور التاريخي للمجتمعات البشرية.
يمكننا على ضوء هذه الملاحظات السابقة أن نركب سلسلة من الصور الشخصية (بورتريه) التي تتيح لنا أن نفسر شروط انبثاق (الرجال العظام) في المجتمعات وإشعاعهم، أو على العكس تصفيتهم وفشلهم في كل مجتمع من المجتمعات البشرية. يضاف إلى ذلك أنه بإمكاننا أن نعود من جديد، على ضوء المثال الاسلامي وبواسطته، إلى بلورة مفهوم الشخصية القاعدية الذي طرحه لأول مرة كاردينر ثم تخلى عنه الأنتربولوجيون في ما بعد.
والواقع، أنه كلما كانت الدولة مستبدة أو قوة سرية مغفلة تطمس آفاق الأمل لدى المجتمع المدني أو تتجاهلها، كلما راح المجتمع المدني يولد في أعماقه شخصيات مضادة أو قادة مضادين. واحتجاجات هؤلاء القادة وتمردهم أو المقترحات التي يطرحونها تعبر عن فلسفة أخرى للانسان.
وبين القادة الممسكين بزمام السلطة مع كل التكنوقراطيين المحيطين بهم، وبين القادة المضادين الذين يحلمون بالوصول إلى السلطة، بين الثقافة الرسمية وبين الثقافة المضادة لحركات المعارضة المذكورة، يوجد عَالَم المثقفين الذي اخترقته الحداثة قليلاً أو كثيراً. كما يوجد عَالَم رجال الدين الرسميين (أي العلماء) الذين يحاولون الحفاظ على سلطتهم وامتيازاتهم بصفتهم مديري القيم الدينية والمشرفين عليها. وهاتان الفئتان الاجتماعيتان الأخيرتان تمارسان دوراً لا يستهان به في عملية تحديد شروط تكوُّن الانسان وتحقيق ذاته على أرض الواقع أو استلابه. إن علماء الدين الرسميين والمثقفين المحدثين يسمحون لأنفسهم غالباً بالانجذاب إلى دائرة الدولة. فهم في الواقع موظفون من قبَل الدولة التي تدفع لهم رواتبهم. وبالتالي فهم مضطرون للتقيد بموقف التحفظ والحذر، هذا إذا لم ينخرطوا بشكل صريح وواضح في خدمة الإيديولوجيا لتسويغ شرعية الدولة. وعندئذ نلاحظ أن الوظيفة النقدية التي كان يقوم بها العلماء التقليديون (أي ممارسة الرقابة اللاهوتية والأخلاقية) قد ألغيت كلياً في عصرنا الراهن. أما المثقفون المعجبون بموقف الاستقلالية الذي يتمتع به زملاؤهم الغربيون فهم يفضلون إما حياة المنفى، وإما ممارسة الرقابة الذاتية على أنفسهم، وإما البحث عن الحصول على الاعتراف الرسمي بهم نظراً لمعرفتهم بالحاجة إليهم. فكل مجتمع مضطر لأن تكون لديه مرجعية (علمية) يعود إليها عند الحاجة. وإذا ما راقبنا الفترة الزمنية الممتدة ما بين لحظة الاستقلال وحتى اليوم، وجدنا أن أياً من المجتمعات الاسلامية أو العربية لم يسمح بظهور فئة من المثقفين المستقلين النقديين المؤثرين عن طريق ممارستهم للعمل الدؤوب والمستمر، إلى الحد الذي يتيح لهم تشكيل ذروة الهيبة الثقافية أو السيادة الفكرية العليا. ومن المعروف أن هذه الذروة ضرورية من أجل تفتح الانسان وازدهاره. ذلك أن الانسان يصبح وعياً بواسطة (مديونية المعنى)، أقصد يصبح وعياً مضطراً للتواصل مع مجموعة وعي أخرى (أو ضمائر أخرى). وكلها ترتبط في نهاية المطاف بمرجعية واحدة هي: سيادة الحقائق الإجبارية أو الملزمة. ولا يزال من الصعب أن نلتقي بهذا النمط من المثقفين أو الفنانين أو القادة السياسيين الذين يعترفون برسالة الانسان ويحمونها ويؤكدون عليها: قصدت الانسان بصفته نقطة البداية والنهاية لكل فلسفة.
إن الخاصية الأخلاقية المحركة والمميزة للوعي الاسلامي هي علاقته المباشرة مع مطلق الله. وهي علاقة معاشة من خلال التكرار الشعائري الذي تفرضه الفرائض العبادية، ثم من خلال التأمل بكلام الله والإعجاب بروائع صنع الله في الكون والمخلوقات، وتقديم الطاعة الرضية للقانون الأكبر، واختزال العقل من أجل تحويله إلى مجرد خادم مقيد، والرفض الجذري لكل تعددية آلهة تؤدي إلى جعل قيمة الله نسبية وتوقف عملية البحث عن المطلق.
ما الذي بقي من هذا المقصد الأخلاقي والروحي الاسلامي في وعي الناس المعاصرين أو ضمائرهم؟ أقصد هؤلاء الناس المشغولين كلياً بالتنافس الشديد الذي لا يرحم من أجل اقتناص السلطة السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية. أو ما الذي تبقى منه في سلوك الطبقات الوسطى المتلهفة لعملية الارتقاء والصعود في السلم الاجتماعي؟ أو ما الذي تبقى منه في متخيل المناضلين السياسيين الساعين لإقامة نظام اسلامي (أصيل أو صحيح)؟ وهل توجد ذروة للهيبة أو للسيادة يمكن للانسان أن يستمدّ منها هدايته ويمتحن صلاحية وأهمية القيم التي تشكل شخصيته وتفرضها بصفتها تلك على المجتمع؟
لكي نجيب عن هذا السؤال سوف نطرح، أولاً، سؤالاً آخر: هل يمتلك الفكر الاسلامي اليوم الوسائل العقلية والثقافية، أو الحريات والأطر الاجتماعية التي لا بد منها من أجل تشكيل فلسفة حديثة للانسان؟
طالما تحدث الخبراء والباحثون في السابق عن مشاكل سوء التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم الثلاث دون أن يولوا نفس الأهمية للتأخر الثقافي الذي زاد من حدته المأساوية فرض النماذج الغربية في ما يتعلق بكل شؤون الحداثة المادية. كل المجتمعات الاسلامية والعربية تعاني اليوم من نتائج هذا التفاوت بين الطلب الجامح لحضارة الاسهلاك، وبين رفض الحداثة الفكرية والثقافية. إن الجامعات التي أنشئت مؤخراً في بلدان اسلامية عديدة، وخصوصاً في أغناها من حيث الموارد في العملة الصعبة كالعربية السعودية أو الجزائر، أقول إن هذه الجامعات تقدم لنا مثالاً صارخاً على الطلاق والانفصام الواضح بين الحداثة المادية أو الشكل الخارجي للجامعات من جهة، وبين الشك والارتياب بعلوم الانسان والمجتمع من جهة أخرى (فهذه الجامعات تتميز بفن عمارة من آخر طراز كما أنها تحتوي على مخابر مجهزة جيداً في ما يخص العلوم (الدقيقة)، كما أنها منفتحة على التكنولوجيا وعالم الإنتاج الصناعي). أما الاسلام، كدين، فيظل حكراً على كليات الشريعة أو الجامعات التقليدية كالأزهر والزيتونة والقيروان. وقد أعلنت هذه الجامعات منذ وقت طويل عن رغبتها في التحديث. ولكنها ظلت على الرغم من ذلك الحارسة الأمينة (للأرثوذكسية الاسلامية) والأماكن التي تؤبد تكرارها وإعادة إنتاجها باستمرار. وإلى هذه الأماكن يجيء قادة الحركات الاسلامية، لكي يستمدوا غذاءهم العقائدي.
إن الجهود والأعمال الضرورية لاستيعاب الحداثة الفكرية داخل فكر يسعى جاهداً لاستحقاق صفة (الاسلامي) متوافرة وموجودة. ولكنها من صنع أشخاص معزولين ومهمشين يعيشون مشتتين في بلدان الغرب، أو أنها من صنع أشخاص مجهولين أو متجاهلين أو محاربين بعنف داخل بلدانهم الأصلية بالذات.
وينتقل المثقفون الذين لمستهم الحداثة النقدية من تنازل إلى تنازل، ومن خضوع تكتيكي إلى استبطان (للقيم) المحمولة من قبل المخيال المشترك. ويؤدي ذلك بهم بالتالي إلى أن يخلطوا بدورهم بين ضرورات البناء الوطني والانخراط الايديولوجي الذي يتطلبه بالضرورة، وبين أولوية الجهد الفكري المحض والجهد الثقافي والروحي من أجل ممارسة حق الروح الانسانية في الحقيقة وحماية هذا الحق وإعلاء شأنه. وفي هذا التمييز الأساسي يكمن في الواقع حظ الانسان في تأكيد ذاته واحتلال مكانته.
ينبغي أن نطرح هنا هذا السؤال: ماذا يتبقى من المكانة الحقيقية للانسان إذا كان حق التفكير والتعبير والنشر واستيراد وتصدير الكتب من كل نوع مراقب ومضبوط بشكل كامل من قبل وزارة الإعلام أو وزارة (التوجيه القومي)؟
إن الإيديولوجيا القوموية والطالبة بالعودة إلى إسلام أسطوري، يمارسان اليوم على العقل العلمي الضغوط نفسها التي مارستها الأستاذية العقائدية للفقهاء على العقل في القرون الوسطى.
إن الشخص المكوّن معرفياً داخل هذا السياج الدوغمائي المغلق لا يمكنه أن يفكر بمسألة الإيديولوجيا. على العكس، إنه يتلقى نصاً كنص الفريضة الغائبة بمثابة الصحيح كلياً.
وأنا إذ أتحدث عن وجود خطاب قرآني مفتوح معرفياً، فإني لا أدخل بدوري ضمن إطار السياج الدوغمائي المغلق الذي انتهيت من وصف مخاطره للتو، وإنما أتصور القرآن على هيئة فضاء لغوي تشتغل فيه عدة أنماط من الخطاب (الخطاب النبوي، والخطاب التشريعي، والخطاب القصصي، والخطاب الوعظي والأمثال...). فهذه الخطابات تشتغل في القرآن في ذات الوقت وتتقاطع أيضاً. إن التحليل اللغوي والسيميائي البحت لهذه الخطابات يتيح لنا أن نستخرج البنية الأسطورية المركزية للقرآن، هذه البنية التي تستخدم الرمز والمجاز من أجل أن تخلع على العبارات القرآنية إمكانيات افتراضية عديدة للمعنى والدلالة. وهذه الإمكانيات قابلة للتحيين والتجسيد في الظروف الوجودية المتواترة والمتكررة.
هذا يعني أن التضاد الذي أقيمه هنا بين المغلق/ والمفتوح ليس تجريدياً ولا إيمانياً، وإنما يمكن التحقق من وجوده عملياً، أي لغوياً وتاريخياً عن طريق التفاعل والتأثير المتبادل المستمر بين اللغة والتاريخ والفكر. وهي الذرى الثلاث لإنتاج المعنى. إن قراءة القرآن تجبرنا على الربط بين هذه الذرى الثلاث التي تدرس عادة بشكل منفصل من قبل الاختصاصيين (علماء الألسنيات، المؤرخون، الفلاسفة).
إن القوة الإقناعية والتعبوية للخطاب الاسلامي تزداد فعاليتها وقوتها كلما أوردت الاستشهادات العديدة من النصوص المقدسة أو التي جرى تقديسها من قبَل المؤمنين (كنصوص ابن تيمية مثلاً). فكلما أعادوا تحيينها واستملاكها وتطبيقها من جديد على أوضاع اجتماعية وسياسية مختلفة ومعاشة من قبل جماهير المسلمين كلما استطاعوا تحريكها أكثر فأكثر. وأما في داخل الفكر الاسلامي نفسه فيمكننا أن نعترض على هذه الطريقة في الاستشهاد بالنصوص القديمة، أو على الأقل مناقشة صلاحيتها من حيث المعنى والسياق والمشروعية اللاهوتية لاستخدام القرآن والحديث لأغراض كهذه. وهناك، أيضاً، مسألة تعدد المذاهب والمناهج التأويلية التي أدت في العصر الكلاسيكي إلى استخدامات مختلفة للاستشهاد. أن الإجماع السياسي الحاصل بين الحركات الاسلاموية منذ السبعينات يميل إلى جعلنا ننسى تلك الرهانات اللاهوتية والمناقشات التأريخية ذات الأهمية الحاسمة، أو المعتبرة كذلك، من قبَل المفكرين الكلاسيكيين. هكذا نلاحظ إذن حصول نوع من الزحزحة الإبستميائية داخل النظام المعرفي الخاص بالفكر الاسلامي ذاته. فمبدأ العودة إلى النصوص التأسيسية لا يزال سارياً، بل وقد تصلب وتشدد أكثر. ولكن التلاعب المعنوي والاستدلالي المنطقي بالنصوص قد أصبح خاضعاً كلياً للغائية الإيديولوجية والسياسية التي تستبعد كل المجريات (العلمية) التي ينبغي أن يعرفها ويسيطر عليها كل إمام مجتهد (نقصد بالمجريات العلمية دراسة البنية النحوية والمعنوية والبلاغية للنصوص. ثم السيطرة على علم التاريخ واللاهوت وحتى الفلسفة. وهذا ما كان يتمتع به العلماء الكلاسيكيون، ولكنه غائب تماماً من اهتمامات الإيديولوجيين الحاليين وقادتهم المسيسين).
إن الشخص (المسلم) يتشكل ويؤكد ذاته داخل السياج الدوغمائي المغلق الذي يقدمونه على أساس أنه المكان الوحيد (للحقيقة) الأرثوذكسية المتعذر استبدالها أو تغييرها. وهنا نجد أمام أعيننا حيزين أو فضائين في آن معاً: الحيز الأول يشكل ما ندعوه بالمسموح التفكير فيه إسلامياً، والحيز الثاني المستحيل التفكير فيه داخل السياج الدوغمائي المغلق. بمعنى آخر، فإنه لا يمكن لأي شخص أن يتوصل إلى الحيز الثاني إلا إذا انتهك حدود السياج الدوغمائي المغلق.
عندما ينظر المؤرخ التاريخوي الوضعي وعالم الاجتماع الحديث إلى هذه التصورات والأفكار، فإنهما لا يريان فيها إلا نوعاً من المغالطة التاريخية وإلغاء تاريخية المعنى الخاضع بطبيعة الحال للتقلبات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تحل بالمجتمعات البشرية. وهنا ينبغي علينا أن نعترف بوجود قطيعة بين النظام المعرفي الخاص بمجتمعات الكتاب/ والنظام المعرفي الذي تتبناه مجتمعاتنا الصناعية الموحدة من قبل التكنولوجيا والمعلمنة. ولكي نفهم مثل هذه القطيعة أو لاوضع، فإنه ينبغي التخلي عن منهجية التاريخ الراوي وعلم الاجتماع الوصفي والالتحاق بمنهجية علم الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية التي هي وحدها قادرة على شرح المسألة. فالواقع أن النظام المعرفي الاسلامي هو ذو جوهر أسطوري، وبالتالي فمن الخطأ أن نحاكمه أو ندرسه بمعايير المعرفة التاريخية المعقلنة أو ضمن منظورها وحده فقط. ومن المعروف أن هذه المعرفة ومنهجيتها تتحول أحياناً إلى وضعية بحتة أو حتى تأريخوية فقط، وذلك لدى الكثير من المؤرخين المسلمين والغربيين.
قبل أن نتفحص كيف يحاول الفكر العلمي المعاصر أن يتجاوز هذه النظرية الاختزالية للدين، فإنه ينبغي علينا أن نشير إلى أن الفكر الاسلامي لا يزال منغلقاً في سياجه الدوغمائي. وبالتالي فهو لم يعرف، حتى الآن، تلك المسارات التربوية والتثقيفية وتلك الحلول العملية التي شهدتها المجتمعات الغربية منذ القرن الثامن عشر. والجهل بتلك المسارات هو ما كنت قد دعوته باللامفكر فيه داخل الفكر الاسلامي. وهذا يدفعنا للإحساس بضرورة إقامة المجابهة والمقارنة بين الفكر الاسلامي والفكر العلمي، في الوقت الذي نبقى فيه يقظين ومفتوحي الأعين في ما يخص مسألة العلمية.
من البدهي أن الفكر الاسلامي، كما هو ممارس عليه في الخطاب الاسلامي المشترك، سوف يرفض قطعياً، ودون أن تفحص، مبدأ مثل هذه المجابهة والمقارنة ذاتها. وهذه هي استراتيجية الرفض المعروفة جيداً في كل الأنظمة المعرفية المغلقة. ولكننا نستنتج من هذا الرفض مطلباً مشروعاً يتمثل في ما يلي: ضمن مقياس أن الفكر العلمي المعترف به من قبل جماعة الباحثين المعاصرين هو مرتبط بالتجربة التاريخية الغربية واللغات الغربية، فإنه ينبغي علينا أن نحذر من تكرار الخطأ الذي وقعت فيه الفلسفة الأرسطوطاليسية عندما نصبت المقولات التي نحتها وبلورها المعلم الأول من خلال اللغة الإغريقية بصفتها مقولات كونية.
ن الميراث الثقافي والفكري والروحي المتراكم داخل التراث الاسلامي يغذي دائماً الحلم بمثال الانسان أو بالانسان المثالي (أو الانسان الكامل) كما كان الله قد حدد ملامحه وطرق وجوده أو تحققه، وكما كان الأولياء الصالحون والصوفيون والمفكرون قد اختطوا مساره في حياتهم الشخصية وفي الرواية التي خلفوها لنا عن تجربتهم في آن معاً. هناك حنين جبار للكينونة لا ينفصل عن (الرغبة العميقة في البقاء)، هذه الرغبة التي تعذب كل روح بشرية ذات تواصل مع الوعد بالأبدية. وهذا الحنين يحرك المسلم بالطريقة نفسها التي يحرك بها المؤمنين اليهود والمسيحيين المفعمين بوعود الكتابات المقدسة. وهذا المعطى الذي لا يختزل في أعماق الانسان العائش في مجتمعات الكتاب، هو الذي يحاول أن يعبر عن نفسه أن يتجسد من جديد في الأشكال العديدة والنماذج المختلفة للوجود التي تقترحها علينا الحداثة. وإنها لحقيقة أن الفكر العلمي يميل إلى اختزال هذا المعطى المشكل للشخص البشري، بدلاً من أخذه بعين الاعتبار ودمجه في محاولته الجاهدة من أجل عظمة الانسان، عن طريق آخر غير طريقة المتخيل المعقلن الذي يكتفي، في معظم الأحيان وبشكل أكثر مما ينبغي، بإحلال نفسه محل المتخيل الأسطوري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رؤية الإسلام للتأريخ    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:06 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Home_photo_books
إن ظهور الإسلام يمثل ثورة عالمية عقيدية واقتصادية واجتماعية وفكرية أيضاً. وبديهي أن يأتي بتصور للتاريخ البشري في ماضيه وحاضره ومستقبله. وبمعنى آخر اكتسب الوجود الإنساني قيمة أفضل مما انطوت عليه اليهودية بنزعتها العنصرية الضيقة، والمسيحية التي ترى في الحياة الدنيوية قنطرة عبور للآخرة ليس إلا.
وليس أدل على تبجيل الإسلام للواقع الإنساني المعيش، من اعتبار السلوك البشري إبان الحياة الدنيا هو المدخل الأساسي للحياة الأخروية، قال تعالى: ((ومَن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومَن يعمل مثقال ذرة شراً يره)). كذا دعوته الصريحة لإعمال العقل في تدبير شئون الخلق دونما حدود، قال تعالى: ((قل سيروا في الأرض فانظرا كيف بدأ الخلق)). هذا فضلاً عن تحديد مسئولية البشر وحرية إرادتهم فيما يصنعون، بحيث يصبح التاريخ الإنساني من صنع الإنسان، وبالتالي إبراز قدرة الإنسان على صنع مصيره دون أن يتعارض ذلك مع قدرة الله على الخلق. وما دام الإنسان يصنع تاريخه فالأولى به أن يعي هذا التاريخ ويحاول تدبر علل ظواهره، لأن البحث والنظر في هذه العلل طريق إلى المعرفة الحقة بالعلة الأولى، فالعقل يعمق الإيمان، والحكمة لا تتعارض مع الشرع، قال تعالى: ((إنما يخشى الله من عباده العلماء)).
والواقع الإنساني ـ الذي هو التاريخ بعينه ـ لا يجري حسب رؤية الإسلام اعتباطاً، وحركة تطوره ليست عشوائية، وأحداثه لا تقع حسبما اتفق، بل كل ذلك محكوم بقوانين وسنن حسب اعتراف ولفرد كانتل.
تلك السنن التي تبدأ ((منذ بدأ الخلق)) وحتى القيامة، بمعنى أن الإسلام طرح فكرة الزمان المستمر المتطور بدلاً من فكرة الدورية التي كانت سائدة قبلاً. كما أن السنن المسيّرة لحركة التاريخ لا تقتصر على شعب دون شعب، ولا على إقليم دون آخر، لأن الإسلام أنزل للناس كافة، قال تعالى: ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)).
وطرح الإسلام فكرة احترام الماضي باعترافه بنبوة الأنبياء. وكون محمد (ص) خاتم الأنبياء، لا يعني أن الإسلام يجبّ ما قبله، فيضع ستاراً يحول بين الماضي وبين الواقع الجديد كما تصور مرجوليوث. بل رمز إلى استمرارية الماضي في الحاضر بحيث يصبح جزءاً جوهرياً من مكوناته، وفي ذلك تأكيد على مبدأ ((الاستمرارية)) الحياتية.
كما طرح فكرة التطلع للمستقبل، وربط بين طبيعة تصوره وبين أفعال الإنسان في الحاضر، بما يؤكد شمولية تلك الاستمرارية، بحيث تحتوي وتربط بين خيوط الماضي والحاضر والمستقبل في وحدة عضوية لا تقبل التجزئة. ولا يقلل من قيمة تلك الوحدة ارتباطها بالدين ـ كما ذهب روزنتال ـ ، فالثابت أن دعوة الإسلام دين ودنيا في وقت واحد، وذلك من عوامل حيويتها وثرائها. فالدين لم يقصد به الدعوة للتوحيد وحسب، ((فالله غني عن العالمين))، إنما أنزل الدين ((رحمة للعالمين)).
والقرآن الكريم ـ فضلاً عن ذلك ـ انطوى على عديد من الحقائق العلمية في حقل التاريخ التي اصطلح على تسميتها بالسنن حين عرض لتواريخ الأمم السابقة المعروفة ((بأساطير الأولين))، ((للعبرة والموعظة الحسنة)). وتلك السنن هي التي نسميها بلغة العلم ((قوانين))، ومنها قانون ((الحتمية)) و ((الضرورة)) فضلاً عن قانون ((الصراع الطبقي))، وهي أمور يمكن أن يستشفها الباحث المدقق حين يستكنه المغزى التعليمي الأخلاقي للتاريخ في القرآن.
وقد سبق أن قدمنا اجتهاداً في هذا الصدد لا ضير من إيراده تدليلاً على انطواء القرآن على رؤية علمية للتاريخ ذات طابع سوسيولوجي، نوجزها في النقاط التالية:
أولاً: عالمية الدعوة الإسلامية تمثل نظرة شاملة متكاملة للوجود الإنساني ((منذ بدأ الخلق)) وإلى ((البعث والحساب))، وفي ذلك إحاطة تامة برحلة البشرية عبر الزمان والمكان، وهما بعدا حركة التاريخ كوحدة لا تقبل التجزئة.
ثانياً: هذه الحركة ((ليست عشوائية)) وإنما محكومة ((بسنن حتمية))، ((سنة الله في الذين خلوا من قبل، وكان أمر الله قدراً مقدوراً)).
ثالثاً: هذه السنن أو القوانين يمكن الوقوف عليها من خلال ((الصراع))، ((ولولا دفع الله الناس بعضهم لبعض لفسدتِ الأرض)).
رابعاً: والصراع نتيجة لما جُبِل عليه الخلق من شهوة التملك، ونزعة الأثرة والأنانية، فالإنسان ((إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً)).
خامساً: وإطلاق العنان لهذه الشهوات والنزعات الأنانية ينتهي بالبشر إلى التسلط والطغيان، ((إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)).
سادساً: والتسلط والطغيان مسئولية الإنسان وليسا من صنع الله، فالله هو العدل سبحانه، وذاته منزهة عن الظلم، ((إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون)).
سابعاً: والظلم يترتب عليه نتائج اجتماعية وبيلة تنتهي إلى خراب العمران بالضرورة، ((ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا)).
ثامناً: فالظلم يؤدي إلى خلخلة البناء الاجتماعي، بظهور الطبقات وتسلط بعضها على البعض الآخر، وعدم ارتداع الطبقات المتسلطة بالحسنى (( .. وجاءتهم رسلهم بالبينات ما كانوا ليؤمنوا)).
تاسعاً: ويترتب على ذلك احتدام الصراع بين المظلومين والظلمة، لتشبث الظلمة بامتيازاتهم، باعتبارها شيئاً موروثاً، وكفرهم بالدعوات الإصلاحية، ((وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون)).
عاشراً: إذن فلا ردع إلا بالعنف والقهر، بحيث يُحسم الصراع بالضرورة بسحق الظلمة وانتصار المستضعفين، ((ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض، ونجعلهم أئمة، ونجعلهم الوارثين)).
هكذا انطوى القرآن الكريم على خيوط المادية التاريخية كافة أكثر النظريات المستحدثة علمية في تفسير التاريخ حسبما نعتقد.
وإذا طفر القرآن الكريم بالفكر التاريخي طفرة كبرى، فإن الرسول (ص) في سننه وأحاديثه نحا المنحى نفسه، برغم ما زعمه بعض الدارسين من تسفيه الرسول للشعر والشعراء، تحريم رواية القصص، والاستخفاف بالنسب .. إلخ. فالواقع أن هؤلاء الدارسين لم يفطنوا إلى مغزى مواقف الرسول في هذا الصدد، فقد استجاز الرسول (ص) قول الشعر ـ وكان حسان بن ثابت شاعره ـ لكنه رفض أن يقال في الأغراض البذيئة التي كان يتباري فيها الشعراء كالمجون والهجاء والفخر والمباهاة ... إلخ، وكان القصص السائد في عصره ينطوي على المعاني نفسها كتقديس ا لملوك والأبطال والتعصب القومي والشعوبي .. إلخ، والشيء نفسه يقال عن الأنساب بما انطوت عليه من روح العنجهية القبلية وإثارة الفِرقة، بما يتنافى ودعوة الإسلام لإقرار مجتمع الأخوة على صعيد العالم أجمع، هذا فضلاً عن المبالغات والأساطير والخرافات وغيرها من المثالب التي شابت الشعر والقصص وأقوال النسابة.
بل نجد الرسول على الصعيد العملي يحض على طلب العلم والمعارف بغض النظر عن مصادرها، قال (ع): ((اطلبوا العلم ولو في الصين))، وأتاح روح التسامح في الجدل والحوار، واستخدم المنطق في حواره مع اليهود كما هو معروف، وأجلّ العلم والعلماء، وأخذ برأي المستنيرين دون تعصب أو جمود.
كل ذلك ـ وغيره ـ يؤكد أن الإسلام جاء برؤية علمية للتاريخ، فضلاً عما تضمنه من أصول وقواعد منهجية لدرسه، بالإضافة إلى مادة تاريخية أصبحت عماد الدراسات التاريخية فيما بعد، وبالذات فيما يتعلق بالسيرة النبوية والمغازي وتاريخ الدعوة الإسلامية، وبعض أخبار الماضيين والمعاصرين للدعوة من الأمم الأخرى.
والأخطر من ذلك كله ما جاء به من تشريع لتنظيم العلاقات الإنسانية وفق معايير أخلاقية تعد كسباً حقيقياً للبشرية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: العنف واللاعنف من وجهة نظر إسلامية    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:07 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 ImagesCAY9P040

طيلة عقود طويلة من القرن المنصرم، لم يكن الحديث عن اللاعنف قوياً وصارخاً وضاجاً بالحياة والأصوات مثلما هو حاصل الآن، ولم يشكل حملة هذا السلاح قوة ضاغطة سياسياً أو فكرياً طيلة تلك العقود، والتي شهدت أكبر حربين كونيتين في التاريخ الحديث.
نعم، ظهرت عدّة نتائج لهذا التطور الحاصل في ميدان العنف البشري، والتي مثلته الحروب الماضية خير تمثيل. فقد شهدت أوروبا الكثير من التحولات السياسية في طرائق معالجاتها لأزماتها السياسية والإقتصادية والحدودية، وترسّخت قيم الديمقراطية الليبرالية في بلدانها ومؤسساتها، وظهرت حركات إجتماعية عديدة دعت إلى الحب والسلام، ولعل أشهرها حركة الهيبيز التي ظهرت في ستينات القرن المنصرم، رداً على الحروب والدمار الذي شهدته القارة الأوروبية وأميركا.
وحتى الهيئات الدولية كانت تطرح مبدأ اللاعنف على إستحياء، وكانت في حديثها إذا فطنت إلى فضيلة الكلام دعت إلى نبذ العنف والإعتماد على العقل في حل النزاعات والأزمات السياسية، التي تنشب بين البلدان المنضوية تحت ظل هذه الهيئات. وبقيت تجربة غاندي في مطلع القرن العشرين هي التجربة اليتيمة والوحيدة، التي يعود إليها الجميع كمرجعية نظريّة وعمليّة في آنٍ واحد لمبدأ اللاعنف.
ومع اشتداد التغيرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي حدثت في بلدان عديدة من العالم، وما أفرزته هذه التغيرات من نتائج وإيقاعات سريعة، لم تستطع أغلب المجتمعات وخصوصاً النامية منها مواكبتها، تفجّرت حركة العنف من خلال الحركات الفكرية المتطرفة والأحزاب السياسية، التي كانت تعيش أزمة مزدوجة، الأولى محاولة تمسكها بجذورها وهويّتها ورفض الحداثة الوافدة إليها، والثانية ممارستها لدوري القامع والمقموع في الوقت نفسه.
هذه الإزدواجية حكمت مجمل تحركات هذه الحركات والأحزاب، وزادتها حالة الإحباط التي كانت تعيشها مجتمعاتها حين فشلت في الحفاظ على هويتها إلا النزر اليسير، وفشلت أيضاً في التصدي لهذه الحداثة الوافدة، أو على الأقل الإستفادة من إيجابياتها. حتى إذا انتبه الجميع الآن إلى لوحة الدماء التي تصبغ وجوه حياتنا المعاصرة، وانتبه الجميع على وقع ما أحدثته القسوة والقسوة المتبادلة في حياتنا، وثبت فشل العنف كحل وحيد للتغيير، أصبح اللاعنف ضرورة من أجل رسم صورة أكثر إشراقاً لواقعنا المعاصر، ومن أجل تغيير تلك الفسيفساء الدامية. وأصبح لهذا المبدأ النبيل دعاته ومنظروه في كل مكان، وأخذت تتناوله وسائل الإعلام المختلفة، وتنادت للتبشير به الهيئات والمؤسسات الدولية، حتى أصبح يفرض حضوره في كافة الميادين.
من هذا المنطلق، ارتأت مجلة الفكر الإسلامي أن تفتح صفحاتها للباحثين والمفكرين الإسلاميين للمشاركة في هذا السجال الدائر في الأوساط الثقافية والفكرية، لتغتني من خلال هذه الأوراق المفتوحة بآرائهم وأفكارهم ورؤاهم في تشخيص هذا الوباء، وتلمس السبل الكفيلة للحد منه إن لم يكن القضاء عليه.
* ما هو تصوركم لكل من المفاهيم التالية: العنف، اللاعنف، الإرهاب؟
العنف هو نمط من السلوك، يتصف باستعمال وسائل القوة أو الإكراه أو الضغط أو الخشونة في سبيل الوصول إلى غايات وأهداف معيّنة. وهذا النمط من السلوك قد يمارسه الفرد أو الجماعة أو الدولة، ويمكن أن يصنف إلى تقسيمات عديدة كالعنف السياسي، والعنف الفكري، والعنف الإجتماعي، إلى غير ذلك.
واللاعنف هو أيضاً نمط من السلوك يتصف باستعمال الوسائل السلمية واللاعنفية. أما الإرهاب، فهو استعمال القوة المادية بصورة رئيسية، ولإظهار هذه القوة، وخلق الرهبة والرهاب في نفسية الطرف الآخر، ووجه المقارنة بين الإرهاب والتطرف، فإنّ الإرهاب مجاله العمل والواقع الخارجي. أما التطرف، فمجاله الفكر والواقع الذهني.
* هل تفهم من العنف معنى سلبياً أو إيجابياً وكذلك الأمر بالنسبة إلى اللاعنف؟
العنف كلفظ وبهذه التركيبة اللغوية قد يكون من المعاني السلبية، من جهة مدلولاته اللغوية، وإيماءاته المعنوية، لأنه يختزل معاني الغلظة والخشونة والحدية إلى غير ذلك. أما اللاعنف كسلوك سلمي، يلتزم ويتقيد بكل مظاهر وقواعد السلوك السلمي، فلا شك أنه من المعاني الإيجابية.
* ما هي العلاقة بين كل من العنف والشرع، وهل يؤيد الشرع العنف؟
هذه العلاقة لها صفة مصدرية ومرجعية وتشريعية، بمعنى أنّ الشرع هو الذي يُحدِّد شرعية العنف على فرض القول به، وحدوده، وحتى أخلاقياته، لأنّ الحرب في الإسلام هي حرب بشريعة وأخلاق. ومن حيث الأصل والسلوك والقانون والإطلاق، فإنّ الشرع لا يؤيد العنف، ولا يدعو له.
* كيف تفهم الخطاب الإسلامي الديني وعلى ماذا يُحرِّض، هل يُحرِّض على العنف أم اللاعنف؟
إذا كان المقصود من الخطاب الإسلامي هو إجتهادات المسلمين، فإنّ هذا الخطاب ليس تركيباً كلياً واحداً في مكوناته وعناصره، وإنما هو خطابات متعددة، ومتنوعة، ومتباينة أحياناً. فهناك مَن يفهم من الخطاب الإسلامي آيات السيف والقوّة، وهناك مَن يفهم منه آيات الحكمة والموعظة والمجادلة بالتي هي أحسن.
أما إذا كان المقصود من الخطاب الإسلامي الديني، الخطاب المراد من الشرع، فإنه بلا شك يُحرِّض على اللاعنف كسلوك وقانون في العلاقات بين الناس، وفي حل النزاعات والخلافات.
* هل تعتبر العنف قاعدة وأصلاً أم أنه استثناء للضرورات؟ وكذلك اللاعنف؟
العنف لا يمكن أن يكون قاعدة وأصلاً على الإطلاق، لأنّ الإجتماع البشري ليس اجتماع حرب وقتال، ولأنّ الإنسان مدني بطبعه، كما قال الفلاسفة القدماء، بمعنى أنّ الإنسان لا يستطيع العيش لوحده أو في عزلة عن الناس، وإنما له طبيعة الإشتراك مع الآخرين، الطبيعة التي تتولد منها كل حوافز وبواعث تكوين الجماعات والمجتمعات، والجانب المدني هنا هو في الإلتزام بقانون مشترك ينظم الحياة العامة على أساس نظام الحقوق والواجبات المشتركة، والإلتزام بهذا القانون هو الذي يقطع طريق العنف بصوره وأشكاله كافة، وبالتالي فالعنف هو الإستثناء، والضرورات يُحدِّدها الشرع.
* ما هي علاقة الجهاد بالعنف؟ وهل الجهاد هو العنف والعنف هو الجهاد؟
الجهاد هو السلوك العملي الصالح المفترض من الإنسان، ومن الإنسان المسلم تحديداً، فحياة الإنسان ينبغي أن تتحوّل إلى جهاد في بناء النفس، وتنمية الطاقات، واكتساب المعارف والخبرات والمواهب، وفي اكتساب الرزق الحلال، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمشاركة في بناء المجتمع الإسلامي الفاضل، وتكوين المدنية، وعمارة الأرض.
والجهاد هو أن يتعامل الإنسان مع الحياة بمسؤولية وفاعلية وسعي وتزكية وتعليم، كما أنّ الجهاد ليس هو القتال، فالقتال هو صورة من صور الجهاد، وهذا الإقتران بينهما، منشؤه أنّ القتال يستدعي من الإنسان بذل الجهد والطاقة والوسع في أعلى درجاته.
* هل يؤدي مفهوم اللاعنف إلى معنى الإستسلام؟
من حيث القاعدة ليس هناك تلازم سببي أو منطقي بينهما، فاللاعنف قد يؤدي إلى الإستسلام، وقد لا يؤدي له، كما أنّ العنف قد ينتهي إلى الإستسلام أيضاً.
وهناك مَن يفهم أنّ العنف هو تمسك بالقوة، واللاعنف هو تظاهر بالضعف، وهناك أيضاً مَن يفهم أنّ العنف هو سلوك لا يتصف بالحكمة والعقلانية، وإنما بالتسرع والإنفعال وقصر النظر، بينما اللاعنف هو سلوك العقلاء والحكماء، وإنّ القوة هي في الحق، وليس الحق في القوة.
* هل هناك آثار نفسية واجتماعية وتربوية يمكن أن يخلِّفها العنف من خلال التراكمات السلوكية المتلاحقة؟
هذه الآثار ممكنة، لكننا لا نستطيع أن نُحدِّد كمّيتها ونوعيتها، فهي تختلف من فرد إلى آخر، ومن جماعة إلى أخرى، كما أنها تختلف من جهة نوعية العمل وردّ الفعل عليه، ونجاحه أو فشله، وهكذا من جهة أسلوبه وغاياته. ولعل من أوضح هذه الآثار المحتملة ما يولّده العنف من القسوة، أو أن يتحول العنف إلى سلوك عدواني، أو ينتقل إلى داخل الجماعة نفسها وبين الأفراد أنفسهم.
وفي التشريع الإسلامي، هناك بعض الأعمال التي صنفت على جانب الكراهة كعمل الجزار، وهو العمل الذي قد يولّد عند صاحبه القسوة وعدم اللين، أو ضعف جانب الإحساس، أو الشعور والعاطفة.
* ما هي الصلة بين القمع، الديكتاتورية، الكبت السياسي، والعنف؟
القمع هو استعمال القوة في فرض السيطرة، والديكتاتورية هي الإنفراد في الحكم أو الحكم الفردي، والكبت السياسي هو مصادرة حريّة التعبير عن الرأي الآخر المختلف، وحق الأفراد في تكوين الأنشطة والجماعات. وهذه الحالات هي الأرضيات الحيويّة والخصبة التي يتولّد منها العنف، لأنّ العنف المضاد إنما يولده العنف، أو يولده إنسداد الأفق.
* هل هناك ربط بين العنف والديمقراطية، بين حرية الرأي والعنف، بين التعددية الفكرية والسياسية والعنف؟
بالتأكيد هناك ربط بين هذه العناصر، فالديمقراطية تسلب كل مبررات العنف، وتجعله من دون جدوى، وتزيل حوافزه وبواعثه، وحريّة الرأي تزيل الإحتقان والتوتر والتشنج. أما التعددية الفكرية والسياسية، فهي تمنع إنسداد الأفق، وتفتح على الجميع خيارات المستقبل، وتوفر أرضيات التواصل والتعارف والتقارب.
* ما هي صلة التنمية الإنسانية، الإقتصادية، السياسية والإجتماعية بكل من العنف واللاعنف؟
لا شك أن من مسببات العنف: الفقر والبطالة، وسوء توزيع الثروة، والتفاوت الطبقي الحاد بين الناس، وعدم الإحساس بالكرامة، وفقدان العيش الكريم، وغياب الحريّات، ومصادرة الحقوق، وانعدام المساواة والعدالة الإجتماعية، هذه هي الأرضيات والمناخات والوضعيات التي يتولد منها العنف.
فإذا ساهمت التنمية الإقتصادية في تحسين حياة الناس، وفتحت للجميع فرص العمل وأبواب الرزق، وحققت عدالة توزيع الثروة، وإذا ساهمت التنمية السياسية في فتح فرص حرية التعبير عن الرأي، وحق الجميع في المشاركة السياسية، وحفظت للجميع حق التنوع والتعدد والإختلاف، والتداول السلمي للسلطة، واحترام القانون ومرجعية الدستور، وضمنت حقوق المواطنة، وساهمت التنمية الإجتماعية في حفظ الكرامة، وإحترام حقوق الإنسان، والتعامل على أساس المساواة والعدل والقانون، فلا شك أن هذه التنمية في هذه الأبعاد سوف تزيل جذور ومسبِّبات العنف.
* هل يمكن أن نطلق على بعض حالات استخدام القوة، التاريخية والمعاصرة، بأنها عنيفة أم أنها دفاع مشروع، وكيف يمكن وضع إطاراً واضحاً لها يحدِّد الحق المشروع منها؟
الدفاع عن النفس حق مشروع تقرّه الشرائع والديانات السماويّة، والقوانين والأعراف الدولية، وكل المواثيق والمعاهدات التي تسالم عليها الناس. والدفاع عن النفس يشمل الدفاع عن الدين والعرض والمال والأرض والوطن، كما أنّ الدفاع عن النفس لا يعني بالضرورة استعمال القوة، وليست القوة هي الطريق الأمثل دائماً في الحصول على الحق، والأطر التي تحدِّد مصادر الحق إمّا الدين أو القانون أو العرف.
* هل يمكن أن يعتمد العنف كوسيلة أساسية لحل الكثير من المشكلات التي تواجه الإنسان والمجتمعات؟
العنف أساساً لا ينبغي أن يكون وسيلة لحل المشكلات في المجتمعات، وهذا هو الأصل والقاعدة، وليس هو الوسيلة الحضارية والفاعلة والناجعة دائماً، والمجتمعات ينبغي أن تطور من نفسها، ومن قدراتها بالشكل الذي تمنع على الناس استعمال العنف كوسيلة في حل الخلافات والنزاعات والمشكلات، وأن يكون القانون دائماً هو مرجع الجميع وسيد الجميع.
* هل يمكن لمنهجية اللاعنف أن تكون بديلاً فعالاً للكثير من الأزمات المعاصرة، مثل الإنشقاقات، النزاعات، الصدامات المسلحة، التفكك، باعتبار أنّ اللاعنف طريق نحو الحوار الموضوعي، أم لا؟
البديل الفعال هو الإلتزام بالقانون والرجوع إليه، وجعله مرجعاً فعّالاً يلتزم به الجميع، فالمفترض في القانون أن يضمن العدل والحق والمساواة. كما أنّ الحوار والتفاهم والعفو والصفح والتراضي والتسامح هي أيضاً من الطرق الفعّالة في حل الخلافات والنزاعات والمشكلات بين الناس.
* مشروع النهضة الإسلامية وحركة التغيير، هل يمكن أن تتحقق من خلال منهجية العنف أم منهجية اللاعنف أم هناك طريق آخر؟
العنف كان فعّالاً في مواجهة الإستعمار ومقاومة الإحتلال، كالذي حصل في جنوب لبنان، ويحصل في الأراضي المحتلة بفلسطين، وإذا كان من حق الجميع أن يجتهدوا في اختيار الطريق والمنهج والأسلوب، فإنّ منهجية اللاعنف أو منهجية البناء هي أفضل من منهجية الهدم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
عدنان عضيبات شاعر المرأه
.
.
عدنان عضيبات شاعر المرأه


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 16
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 1328310015951
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Fisher10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 126
الجنس ذكر
عدد المساهمات : 4330
ت التسجيل : 08/09/2012
نقاط : 5962
السٌّمعَة السٌّمعَة : 5
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Busy10
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-a61a63eddd

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: من مشاكل الفكر الإسلامي المعاصر    الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:08 pm

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 278011

- التوفيق الضار:
يعيش الفكر الإسلامي، في هذه المرحلة من تاريخه، في قلب المعركة – معركة الحق والباطل – بين تيارات شتى من هنا وهناك، وفي مقدمتها التيارات التي نفذت إلى داخله، فبعثت فيه القلق والحيرة والإرتباك.
لذلك، فلن يكون غريباً أن يرى المتتبع لقضايا الفكر الإسلامي المعاصر اتجاهات دخيلة على الإسلام، تعيش ضمن نطاق إسلامي يحضنها ويغذيها كنتاج إسلامي خالص.
وكان من أثر ذلك أن تأثرت النظرة إلى الإسلام نفسه بهذا الأسلوب فأصبح الإسلام – في نظر الكثيرين – يمثل الدين الذي يستطيع أن يهضم أي فكرة أو دعوة حديثة، مهما كانت، ويحتضنها بما فيه من طاقة حية للتجديد والإستيعاب، كأنّه معرض من معارض الأفكار والآراء من شتى الأصناف والألوان.
وقد راقت هذه الفكرة لكثير من مفكري المسلمين، فتقبلوها بروح الزهو والفخر لما فيها – حسب مفهومهم – من الدليل على عظمة دينهم وسماحته وسموه.
ومن هنا، فلم يعد من المستغرب أن نرى بعضهم يحاول أن يفرض على الإسلام لوناً من ألوان الإشتراكية، ونرى بعضاً آخر يحاول أو يوفق بين الماركسية وبينه في بعض الخطوط الإقتصادية فيستفيد من الآية الكريمة: (وَالأرْضَ وَضَعَهَا لِلأنَامِ) (الرحمن/ 10). انّ الإسلام يرى إشاعة الأرض بين جميع أفراد الإنسان، فليس لأحد حق في تملك قسم من الأرض من دون الآخرين.
وهناك بعض آخر، ممن بهرتهم أضواء الفكر الغربي وحضارته، فودوا أن يوفقوا بين الإسلام وبين ما وضعه الغرب من مفاهيم وقوانين ومناهج في الإقتصاد أو التربية أو الإجتماع أو الحياة بشكل عام. فأنكروا – مثلاً – وجود خطة إقتصادية، أو تنظيم للإقتصاد، في الإسلام، بل كل ما هنالك أنّه وضع بعض التشريعات التي تدعو إلى الإحسان بالإضافة إلى بعض الضرائب، التي لا تقوى على أن تكون نواة لنظام إقتصادي فضلاً عن أن تكون هي النظام نفسه.
وإذا – فلا يمنعنا ديننا – حسب هذا التفكير – من أن نتبنى أي نظام إقتصادي في الحياة.. وعلى هذا الأسلوب من التضليل رأينا الكثير من التصريحات والبيانات التي تقول بعدم المنافاة بين الشيوعية والإسلام، لأنّ الشيوعية، حسب ما يدعون، لا تمثل إلا نظاماً إقتصادياً بحتاً، وليس في الإسلام ما يعارض ذلك المنهج، لأنّه لا يشتمل على خطة إقتصادية معيّنة، وإذاً، هنا مركز الهدف، فلا مانع من أن يكون الإنسان مسلماً وشيوعياً في آن واحد.
وأقبل الكثيرون من السذج والبسطاء على هذه الفكرة، من دون أن يلتفتوا إلى أخطارها، نظراً لسطحية تفكيرهم وضحالته.
وما زلنا نعاني من آثار هذه الفكرة الضالة الشيء الكثير.
- درء الخطر:
هذه ألوان من أساليب التفكير التي سار عليها الكثيرون ممن يكتبون في الإسلام أو ينطقون باسمه.
وربّما يكون المنشأ لاتباعهم هذا الأسلوب هو غفلتهم وجهلهم بواقع الإسلام وحقيقته، وقد يكون المنشأ تغافلهم عن هذا الواقع وهذه الحقيقة، كمحاولة بارعة لتبرير بعض الأفكار التي يعتنقونها، ويجدون في فرضها على الإسلام طريقاً منتجاً لإشاعتها ونشرها في أوساط المجتمع، لأنّها تتصل حينئذ بالحس الديني العميق.
ومهما يكن السبب، في ما دعوا إليه، فإن ذلك لا يغير شيئاً من طبيعة المشكلة التي أصبحنا نعانيها، وهي أنّ الفكر الإسلامي يعاني إرتباكاً خطيراً في داخله، ويعيش مرحلة خطيرة من مراحل تاريخه.
ولابدّ لنا – في سبيل إبعاد مجتمعنا عن أخطار هذه المشكلة – من التوفر على دراسة الإسلام دراسة مستفيضة شاملة، ترتكز على أسس واقعية على ضوء من نصوص القرآن والسنة الصحيحة، لكي نعرضه ونقدمه للمجتمع بجوهره وحقيقته، في صفاء ونقاء، وفي صراحة عملية لا تعرف اللف والدوران، فنتفادى بذلك مواطن الضعف، التي قد تقتضينا التخلي عن كثير من مفاهيمنا الأصيلة، من أجل إرضاء بعض التيارات والإتجاهات التي تعيش في حياتنا الحاضرة، والتملق لها بشتى أنواع الملق على حساب الإسلام، طمعاً في الحصول على صفة "التقدمية".
وأخيراً، إنّ المشكلة التي نعرضها تعد من أخطر المشاكل الإسلامية التي نعيشها في حياتنا الحاضرة، لأنّها تتصل إتصالاً وثيقاً بمفاهيم الإسلام وأسلوبه؛ فإذا أردنا أن نعيشها بصدق وإخلاص فعلينا أن نقوم بتعرية الأساليب التي ساهمت في إيجاد هذه المشكلة، وطبيعة الأشخاص الذين يحاولون أن يعمقوها ويركزوها في مجتمعنا الحاضر، وبالتالي، محاكمة الفكرة نفسها التي ترتكز عليها هذه المشكلة، بأسلوب علمي رصين بعيد كل البعد عن أساليب التهويش والتشويه.
وكلمة أخرى نقولها بهذه المناسبة: إنّ بعض الذين يدعون لمثل هذه الأساليب في التفكير يخطئون كثيراً عندما يحاولون تبرير سلوكهم هذا بأنّه يساعدهم على تركيز الإسلام في المجتمع، لأنّهم يعرضون له بالشكل الذي يلائم ذوقهم وتفكيرهم.
إنّهم يخطئون في هذا الزعم، ويخطئون أيضاً إن اعتقدوا أن أحداً من المخلصين للإسلام يتقبل منهم هذا العذر وهذا التبرير. فإنّ هذا يدعون له، ويصورونه بصورة جذابة، قد يصلح لأن يكون كل شيء، وان نطلق عليه أي صفة ولكنه لن يكون إسلاماً على أي حال.
- الإسلام مكتف بنفسه:
إنّ الإسلام ليس بحاجة إلى أن نستعير له سمات مبادئ أخرى. فهو غني بمفاهيمه وأفكاره.. بخططه وتنظيماته.. بمناهجه العملية في سائر نواحي الحياة، وله لونه الخاص، وأسلوبه المعين في العمل والتفكير.
ولن نحتاج إلى تركيزه في المجتمع الحاضر، إلا إلى عرضه للناس – كما انزله الله – مجرداً عن أي فكرة دخيلة، أو أي أسلوب آخر من أساليب التفكير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://adnanodebatcom.yoo7.com/
ورد شان
المديره العامه
المديره العامه
ورد شان


صوره تحت العضو الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 134764929310
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Uouuuo10
موقعي الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Facebook2
الوظيفه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Profes10
الهوايه : الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Writin10
الدوله الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Egypt10
الجنس انثى
عدد المساهمات : 3029
ت التسجيل : 09/09/2012
نقاط : 6911
السٌّمعَة السٌّمعَة : 4
مزاج الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 2610
القاب الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 6loom-65233f7948

الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد ........   الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات - صفحة 2 Emptyالأحد أكتوبر 21, 2012 7:49 pm


لكِ../.من..الشكر..ما..لله..به..عليم..


بكل..صدق..جهد..وااضح../.ونقله..في..مستوى..منتدى مناسبه../.للأفضل.


وفَّقكِ../.الله..لما..يحبُّه..ويرضاااه..



:face:


No No No
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعه الإسلاميه-اسلاميات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعه الطبيه ( عظام، عضلات، مفاصل منتدى شعر لايعترف بقانون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شعر لايعترف بقانون :: أقســـــــــــــــــــــــام إسلاميــــــــــــــــــــــــــــــــه :: القســـــــــــــــــــــــــــــــم الإســــــــــــــــــــــــــلامي-
انتقل الى: