\\ بخشيش بلا مبرر \\
وذات يوم أرسل مسؤول الشرطة المدعو( جان )
يطلبه إلى مكتبه
وجد مازن نفسه يلبي طلب مسئول الشرطة دونما تردد
صعد الى المركز ودخل الى مكتب المسؤول
فاذا ب ( جان ) يهتف مرحبا بقدوم مازن
وكأنه لأول مرة يراه في حياته !!
أهلا أهلا مازن .. تفضل.. تفضل !!
جلس مازن على الكرسي قبالة جان كتمثال أصم
وكأن الصمت يغلف حركاته وشفتيه معا
رحّب جان بمازن مرة أخرى
وأخذ يلقى عليه بعض الأسئلة الاعتيادية
عن حاله وحال أهله وعمله ووضعه المعيشي ...
ومازن حينا مجيبا على أسئلته باقتضاب
وحينا فاغرا فاه لا يدري ما معنى هذه الأسئلة !!
لكن جان خلّصه من حيرته
عندما مدّ يده إلى درج المكتب
وتناول مبلغا من المال أعطاه لمازن
وقبل أن يمد مازن يده ليأخذها سأله في شئ
من التوتروالحيرة والاستغراب :
ماهذا ؟!
هذا السؤال الذي صدر من طفل صغير
أصاب قلب جان مباشرة وجعله يرتجف بين ضلوعه
فلم يكن يتوقع سؤالا كهذا
رفع قامته معتدلا واكتسى وجهه بالحماس والتودد قائلا:
هذا لأن طعامك لذيذ
كما أنك كلفت نفسك عبء المجيء إلى هنا
أجاب مازن : لا يا سيدي أنا لم أتعب نفسي في المجيء
إلى هنا فهذا جزء من عملي
أخذ مازن المال الذي يزيد كثيرا عن ثمن المأكولات
التي أرسلها لمركز الشرطة – ووضعها في جيبه –
وعاد يسأل نفسه :
لماذا أعطاني كل هذا المبلغ؟؟
لم يجدْ فسحة للإجابة على هذا السؤال في صدره فقد كان يخطط للذهاب الى السينما
ثم نزل درجات السلم بسرعة وفي قلبه شيء من فرح قائلا في نفسه سأذهب هذا المساء إلى السينما.
تكرّر المشهد لعدة مرات تلت هذه المرة
وفي كل مرة كان جان يستقبل مازن بترحاب عميق
ويعطيه ثمن المأكولات ويزيد
وكان مازن الصغير يظن أن هذه الزيادة
ليست سوى ( بخشيش ) ليس أكثر !!!
وفي يوم من أيام الربيع وأثناء عطلة المدرسة
بعث إليه الضابط جان للحضور إلى مكتبه
وبالفعل ذهب مازن كالعادة ليتلقاه جان بابتسامة عريضة
تخفى وراءها شيئا من الخبث والمكيدة :
جان: كيف حالك يا مازن؟
مازن : بخير يا سيدي
قال جان وهو يخفي ابتسامة خلف كلامه :
وكيف حال جيبك ؟ !!!
ابتسم مازن وهو يتحسس جيبه ويقول :
ممم لا بأس
جان : لا عليك .. !!
وكالمعتاد تناول جان مبلغا من المال وأعطاه لمازن
قائلا له : ولكن !!
إياك والزّعران الذين يأتون إلى المطعم
فردّ مازن عليه باستغراب
وهل يأتي زعران الى المطعم؟؟!
جان : نعم كثيرون وسأخبرك عنهم فيما بعد
مازن : ولا يهمك سوف أحذر منهم
ولما همّ مازن بالمغادرة استدركه جان
وهو يقول وكأن استحضر السؤال للتو :
على فكرة ! ماذا تفعل بالفلوس التي أعطيك إياها ؟؟
مازن : أشتري بها أشياء خاصة .. وأذهب إلى السينما
جان : حسنايا مازن الآن اذهب مع السلامة...
ولما خرج مازن من المكتب أخذ يتحسّس جيبه
قائلا في نفسه:
اليوم فيلم جديد.. بلا دراسة بلا بطيخ أصفر!!
هذا بالتأكيد يعني الكثير .. فأول ما يعنيه
أن مرحلة جديدة قد بدأت للتو في حياة الطفل مازن
وهو على أعتاب أبواب المراهقة
الى هنا ينتهي الفصل الأول من قصة ( مازن )
ترى كيف تم استدراج مازن ليقع في الفخ ؟
هذا ما سنعرفه معا في الفصل التالي من قصة
( الجاسوس الفلسطيني )
...... يتبع