كان هذا هو الموجـز وإليكم تفصيل الأنبـاء:
وضع إبراهيم الخليل في المنجنيق، ورمي به إلى الحريق، فنادى الخليل: حسبنا الله ونعم
الوكيل، فقال للنار كوني برداً وسلاماً، فنجا إبراهيم وصار للناس إماماً؛ لأن ماء الإيمان
يطفئ لهيب النيران، ولما رأى إبراهيم النار المحماة، نادى لسان الحال يا الله، فتولاه
مولاه، وكفاه وحماه، وأنقذه ونجّاه، وهذا يدلك على أن حسبنا الله ونعم الوكيل أقوى من
كل خطب جليل، وكرب ثقيل، وخطر وبيل؛ لأن من معه الله فمعه القوة التي لا ترام،
والعزة التي لا تضام، والعروة التي ليس لها انفصام، فأخلص له الطلب، وقم بما يجب،
ترى العجب.
يوسف يلقى أباه يعقوب، بمصر بعد أن كاده إخوانه وألقوه في غيابة الجب، وبيع في
مصر وحبس بضع سنين فشرد عن الأهل وأبعد عن الوالد، وأصبح في حكم المفقود
الفاقد، والمشرد الشارد، في بلاد غربة، وحالة كربة، وتعرضت له امرأة ذات منصب
وجمال، فقال إني أخاف الله ذا الجلال، فنصره الله النصر العزيز، وسخر له العزيز،
وأصبح على خزائن مصر، إمام العصر، وسلطان القصر، وجمع الله له أبويه لديه،
وسلموا عليه، وجمع الشمل، وظهر الفضل، وتمت الأفراح، وزالت الأتراح، جزاء
الصبر، وطاعة الأمر، وكانت العاقبة للتقوى ؛ لأن حزب الله هو الأقوى، فعفا يوسف عما
بدر من إخوانه، فكان مضرب المثل في الحلم لأهل زمانه، ونسي ما مضى ؛ لأنه ذهب
وانقضى، فطاب الاجتماع بعد الانقطاع، وحصل الوئام بعد الانفصام، وتمت النعمة وزالت
النقمة.
خرج موسى وفي قلبه إياك نعبد وإياك نستعين، فلما صار وراءه فرعون اللعين، نادى
موسى: كلا إن معي ربي سيهدين، فأنجى الله موسى ومن معه من المؤمنين، وعفّر أنف
فرعون في الطين، لأن فرعون قال: ما علمت لكم من إله غيري وهو كذاب، فأراه الله أن
أنف الدَّعِيِّ يمرغ في التراب، وكان المخذول يقول: أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار
تجري من تحتي، ما أجرأه، يفتخر بنهر ما أجراه، فأجرى الله الماء من على رأسه
وأخزاه.
بعث في مكة رسول الهداية، ومبعوث العناية، فكان التوحيد عنده البداية، هتف به في
النائمين، وأعلنه في العالمين، فلا إله إلا الله أي نبأٍ عبر الأقطار، وأي خبر شق الأمصار،
سابقت الفجر كتائبه، وأخجلت الغيث سحائبه، أعاد الفطرة إلى سيرتها على التوحيد،
وأحيا النفوس من رقدتها الكبرى إلى نهار الدين الجديد، ففتح الله به الأسماع والأبصار،
وبشر بالجنة وحذر من النار.
وقعت غزوة بدر، الفاصلة بين الإسلام والكفر، حيث الباطل سحق، والزور محق في بدر
نزل جبريل، على الرسول الجليل، فانهار جيش الكفر الذليل. الملائكة مع الصحابة تقاتل،
وفي صف المؤمنين تنازل، لقد اشتركت السماء مع الأرض في القتال، فكان النصر من
نصيب الحق ولا يزال، في بدر صنعت ملاحم الفداء، ونسجت بردة الوفاء، ]ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ
مَوْلَى الَّذِينَ آمَنوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهمْ[.
قتل عمر بن الخطاب، في المحراب، طعنه أبو لؤلؤة النجس المجوسي فكان قتل عمر من
أعظم المصائب، ومن أفظع النوائب، لأنه كان حصناً للسنة، وباباً دون الفتنة، نشر
العدل، ومحا الجهل. وبث العلم، ودوّن الدواوين، وكفل المساكين، وجنّد الأجناد، وحمى
به الله البلاد، وأسعد به العباد، وبعدما قتل، وقع في الأمة خلل، وماجت الفتن، وهاجت
المحن. فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولحكمه سامعون مطيعون.
قتل عثمان، وهو يتلو القرآن، فوقع دمه على المصحف الكريم، وذهب هذا الإمام إلى
جوار رب رحيم، بعدما جمع القرآن من الصدور إلى السطور، وسابق إلى كل عمل
مبرور، وكان أحد الأسخياء المعدودين، والأجواد المحمودين، قانتاً آناء الليل بدموع
كالسيل، محسناً إلى الأيتام، فهو حسنة الأيام، لا يملّ من تلاوة الكتاب، ولا يفتر من ذكر
العذاب.
وقع علي بن أبي طالب شهيداً، وسار إلى الله شهيداً، بعدما نصر الملة، وأدخل على الكفر
الذلة، وقمع الخوارج المارقين، والمبتدعة المفارقين، وكان بطل المشاهد، وصاحب
المساجد، مع زهد معروف، وعلم موصوف، وفصاحة بارعة، وعين دامعة، وهمة عالية،
وأخلاق غالية، وهو صاحب المواقف المحمودة، والمآثر المشهودة.
هزم سيف الله المسلول جيش الروم المخذول، ورده على عقبيه مكسوراً، وطرده عن
بلاد الإسلام محسورا، بعد معركة دامية، ووقعة حامية، قتل فيها شهداء، وحضرها
علماء، ثم أنزل الله نصره على أبي سليمان، وجند الرحمن، بعد مصاولة ومجاولة
فالسيوف تتصبب دما، والأرض تثور حمما، والجماجم تتساقط على وقع الرماح،
والأبطال تصرع مع خروج الأرواح، فالحمد لله على نصره، ونفاذ أمره،وعلو قدره.
استمعتم إلى نشرة الأخبار، أيها الأخيار،
وإليكم حالة الطقس اليوم وغداً وأمس:
القلب ملبد بالغيوم، من كثرة الهموم، وتراكم سحب الغموم، رياح الذنوب تثير الأتربة،
على من له في الخطايا تجربة، موعد شروق شمس التوحيد، عند عودة العبيد، إلى
الولي الحميد، يتوقع نزول الأمطار، وذهاب الأخطار، عند الإكثار من الاستغفار، يخشى
من نزول صواعق، على كل كافر وخائن ومارق.
نستودعكم الله ولنا لقاء، مع تحيات وكالة الأنباء.