الجانب الشرعي للخيانة الزوجية
مفهوم الخيانة الزوجية المنتشر بين الناس حالياً هو في الحقيقة مفهوم قاصر جداً، فالمفهوم الخاطئ المنتشر بين الناس يعتبر أن الخيانة الزوجية هي المقصورة على الزنا أو علاقة الزنا بين الزوج أو الزوجة وشخص أجنبي أو امرأة أجنبية، أي إنهم لا يتصورون الخيانة إلا في شكلها المادي القائم على علاقة جنسية بين زوج وامرأة أجنبية أو زوجة ورجل أجنبي.
أما مفهوم الخيانة الزوجية التي نحن بصدد الحديث عنها، والمفهوم الذي نود تصحيحه للناس بشأن هذا الموضوع: أن مفهوم الخيانة الزوجية شرعاً يشمل كل علاقة غير مشروعة تنشأ بين الزوج وامرأة أخرى غير زوجته أو العكس فهي تعتبر علاقة محرمة سواء بلغت حد الزنا أو لم تبلغ، ويشمل هذا: المواعدات واللقاءات والخلوة وأحاديث الهاتف التي فيها نوع من الاستمتاع وتضييع الوقت بل حتى الكلام العابر واللقاءات التي تجري على سبيل العشق والغرام.
هذا المفهوم الواسع للخيانة يجعل مفهومها أكثر دقة، لأننا لو بدأنا بمعالجة قضية الخيانة فقط بعد أن تصل إلى حدها الأقصى وهي جريمة الزنا، نكون كالطبيب الذي يعالج المريض بعد أن يصل لحالة ميئوس منها، لكن الشريعة الإسلامية جاءت فحرمت الزنا لكن ليس الزنا فقط بمعناه المباشر بل حرمت طرقه والسبل التي تؤدي إليه من باب سد الذرائع كالخلوة بالمرأة الأجنبية، والنظرة غير المشروعة لغير الحاجة وكذلك حرمت كشف العورات لأنها جميعها سبيل للزنا.
إذاً حينما نريد معالجة الخيانة ينبغي أن نعالجها في أول مظاهرها ومن أصغر أشكالها، وليس بعد أن يستفحل الأمر ويصل إلى حده الأقصى وهو الزنا.
حكم الخيانة الزوجية :
تعتبر من أكبر المحرمات وكبيرة من الكبائر وإحدى السبع الموبقات، حتى إنه حينما بين الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف آيات المنافق أوضح من بينها أنه إذا أؤتمن خان بغض النظر عن نوع هذه الخيانة.
وكذلك الزوجة أيضاً راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها وهي زوجها وأبناؤها فإذا ما ارتكبت جريمة الزنا أو خطت أولى الخطوات في طريقها تعتبر خائنة لأمانة الرعاية.
ثبوت الجريمة :
والخيانة الزوجية كجريمة ينبغي أن تنطبق عليها شروط شرعية كي تكتمل أركانها، وهذه الشروط هي العناصر المادية التي ينبغي توافرها في أي جريمة كالعمل: أي النية المسبقة للخيانة ، أداة الجريمة، إن الإثبات المادي للجريمة كوضع للتلبس أو أحاديث الهاتف المسجلة، وما إلى ذلك.
فإذا ما اكتملت أركان الخيانة( الزنا) بالأدلة المادية بالبينة أو بالإقرار، ووصلت إلى علم الحاكم حكم على المتزوج أو المتزوجة بالرجم حتى الموت وهي عقوبة شديدة تتناسب وحجم الجرم الذي ارتكب، أما إذا لم تكن الجريمة قد اكتملت أو وصلت إلى حدها الأقصى ( الزنا) فلها عقوبة تعزيزية يقدرها القاضي.
اللِعَان
وعند ما يترجح لدى الزوج زنا زوجته دون أن يقدر على إثبات ذلك فقد أوجد الشرع الحنيف مخرجاً لهذا الزوج حتى يحمي نفسه من أن ينسب إليه من هو ليس من صلبه من الأبناء، فإذا علم يقيناً أن زوجته تخونه وهي لا تقر بجريمتها، فله أن يلجأ إلى اللعان، ويكون أمام القاضي.
فإذا ما تم التلاعن بينهما حكم القاضي بالتفريق فيما بينهما مدى الحياة، ولا يحل للزوج أن يتخذها زوجة أبداً بعد ذلك وفي الوقت ذاته لو وضعت الزوجة طفلاً فإنه لا ينسب إلى الزوج وإنما ينسب للفراش ويحق له أن يرث أمه بعد وفاتها.